94/08/10
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: في كيفيّة صلاة الاحتياط المكمّل للنقص
أمّا المشهور فقد ذكر المصنف كلامهم في المتن من إتيان ركعتين قائماً وركعتين جالساً بعده، كما هو الوارد في رواية ابن أبي عمير، خلافاً للصدوقين وأبي علي حيث قالوا بأَنَّه يصلّي ركعة من قيام وركعتين من جلوس، بل عن «الذكرى» بأَنَّه قويّ من حيث الاعتبار، لأنّهما تتضمّنان فيما تكون الصلاة اثنتين ويجتزأ بإحداهما حيث تكون ثلاثاً، إلاّ أنّ النقل والاشتهار يدفعه ، بل في «اللُّمعة» أنَّه قريب.
وقد فسّر صاحب «الجواهر» رحمهالله كلمة (الاعتبار) الموجودة في كلام الشهيد بقوله: (إن كانت النقيصة اثنتين كانت الركعة من قيام مع الركعتين من جلوس بدلهما، وإن كانت واحدة كانت الركعة بدلاً والثانية نافلة، و إلاّ كانا معاً كذلك).
بل قد استُدل على ذلك: بروايتين:
الأولى: صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم عليهالسلام، قال: «قلتُ لأبي عبدالله عليهالسلام: رجلٌ لا يدري أثنتين صَلّى أم ثلاثاً أم أربعاً؟ فقال: يُصلّي ركعةً من قيام (وفي «فقه الرضا» ركعتين بدل ركعة) ثمّ يُسلِّم، ثُمّ يُصلّي ركعتين وهو جالس»[1] .
الثانية: ما عن «فقه الرضا» قال: «وإن شككت فلم تدر اثنتين صلّيت أم ثلاثاً أم أربعاً فصلِّ ركعةً من قيام وركعتين من جلوس»[2] .
قلنا: قد نوقش في كلّ من الأدلّة الثلاثة:
أمّا تفسير (الاعتبار) فقد قال صاحب «الجواهر» بعد نقل ذلك: (لكن فيه: أنَّه فاقد لهيئة ما لعلّه ناقصٌ على تقدير كون الفائت اثنتين، والتلفيق مع الفصل بالتسليم وتكبيرة الإحرام، وكون إحداهما من قيام والاُخرى من جلوس، غير موافق للاعتبار، على أنَّه لو كان الفائت اثنتين كانت تكبيرة الإحرام زائدة، وهي ممّا تقدح زيادتها عمداً وسهواً.
واحتمال أنّ الركعتين من جلوسٍ موصولة بالركعة القياميّة، ليست مفصولة، فلا يلزم ذلك، يدفعه ظاهر المنقول عنهم على أنّ الاجتزاء بالركعتين قائماً أَوْلى) ، انتهى كلامه[3] .
ونحن نزيد على ذلك: بأَنَّه إذا فرض كون الصلاة تامّة، فجعل ركعة واحدة قياماً نافلةً لا يناسبها الاعتبار الشرعي، ولا يثبت إلاّ بدليل، كما في الوتر من صلاة اللّيل، أو الركعة الواحدة التخييريّة في الشكّ بين الثلاث والأربع، حيث ورد فيه النّص بالتخيير بين ركعةٍ قياماً أو ركعتين جلوساً ، والمفروض هنا عدم وجود نصّ دالّ على إتيان ركعة واحدة حتّى تصير نافلة على تقدير تماميّته، فيصير هذا إشكالاً آخر زائداً على ما ذكره صاحب «الجواهر».
والجواب عنه: بإمكان استخراج جوازه ممّا ورد في الشكّ بين الثلاث والأربع.
غير وجيه لأنّه ـ مضافاً لوجود الاختلاف بين الموردين بالتخيير والتعيين ـ ليس لنا إدخال ما ليس من الشرع فيه، لعدم علمنا بالمصالح والمفاسد النفس الأمرية الواقعية، خصوصاً في التعبّديّات، و النتيجة عدم تماميّة الاعتبار الذي أشار إِليه.
وأمّا عن صحيحة عبد الرحمن فبأُمور:
أوّلاً: بما عن صاحب «الجواهر» قدسسره بأنّ السؤال عن إمامٍ بواسطة إمام آخر وهو الكاظم عليهالسلام ، غير معهود، ولأجل ذلك ترى وجود بعض النسخ عن أبي إبراهيم عليهالسلام فقط دون ذكر أبي عبدالله عليهالسلام.
وثانياً: وجود الاختلاف في النسخ بما عرفت من وجود (ركعتين) بدل (ركعة) في نسخة «الفقيه»، خلاف ما هو الموجود في نسخة «التهذيب»، أو عكس ذلك، حيث يوجب الوهن في الاستدلال، و يسلب الاعتماد على كيفيّة الصدور عن الإمام عليهالسلام، فيسقط عن الاعتبار بالتعارض بينهما، أو غايته الرجوع إلى المؤيّدات، وهو هنا موافقة ركعتين مع ما في مرسل ابن أبي عمير، فيرجّح به ما هو الموافق للمشهور.