درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

97/02/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب

قال السید الخوئی قدس سره:«السؤال السادس: عن رؤیۀ النجاسۀ و هو فی الصلاۀ، فأجاب (ع): بأن هذه الرؤیۀ ان کانت بعد العلم الاجمالی بالنجاسۀ و الشك فی موضعها قبل الصلاة ، وجبت الإعادة .وإن كانت الرؤية غير مسبوقة بالعلم فرأى النجاسة وهو في الصلاة ولم يدر أكانت النجاسة قبل الصلاة أم حدثت في الأثناء ، فلا تجب عليه الإعادة ، بل يغسلها ويبني على الصلاة إذا لم يلزم ما يوجب البطلان ، كالاستدبار مثلا .وعلل الحكم بعدم وجوب الإعادة باحتمال حدوث النجاسة في الأثناء ، فلا ينبغي نقض اليقين بالشك .وهذا الحكم - أي حكم رؤية النجاسة في أثناء الصلاة - له صورتان :( الصورة الأولى ) :رؤية النجاسة في الأثناء مع العلم بكونها قبل الصلاة .

و ( الصورة الثانية ): هي الصورة الأولى مع الشك في كونها قبل الصلاة واحتمال عروضها في الأثناء .

أما الصورة الثانية فهي التي ذكرت في الرواية وحكم الإمام عليه السلام بعدم وجوب الإعادة فيها .وأما الصورة الأولى :فهي غير مذكورة في صريح الرواية ، لان المذكور فيها حكم العلم بالنجاسة قبل الصلاة مع الشك في موضعها ، وحكم رؤية النجاسة في الأثناء مع الشك في كونها قبل الصلاة .وأما رؤية النجاسة في الأثناء مع العلم بكونها قبل الصلاة ، فغير مذكورة فيها من حيث المنطوق ، ولذا اختلفت كلماتهم في حكمها .وذكر الشيخ ( ره ) أن الحكم بعدم وجوب الإعادة - فيما لو علم بالنجاسة بعد إتمام الصلاة - يدل على عدم وجوب الإعادة فيما لو رآها في الأثناء بطريق أولى ، لأنه لو لم تجب الإعادة مع وقوع جميع أجزاء الصلاة مع النجاسة ، فعدم وجوب الإعادة مع وقوع بعضها مع النجاسة أولى .والتحقيق :عدم صحة الاعتماد على الأولوية المذكورة ، لان وجوب الإعادة حكم تعبدي لا يعلم ملاكه حتى يتمسك بالأولوية ، فلعله كانت خصوصية تقتضي عدم وجوب الإعادة فيما لو وقع جميع أجزاء الصلاة مع النجاسة وعلم بها بعد الصلاة ، وكانت تلك الخصوصية مفقودة فيما لو رآها في الأثناء .بل التحقيق :أن الصورة المذكورة وإن كانت غير مذكورة في صريح الرواية ، إلا أنها تدل على حكمها وهو وجوب الإعادة دلالة قوية .

لان الإمام عليه السلام علل عدم وجوب الإعادة في الصورة الثانية وهي صورة رؤية النجاسة في الأثناء مع الشك في كونها قبل الصلاة ، باحتمال عروض النجاسة في الأثناء ، وقال ( ع ) : " لعله شئ أوقع عليك " فيدل على وجوب الإعادة مع العلم بكونها قبل الصلاة .

وكذا قوله ( ع ) بعد التعليل المذكور : " فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك " فان ظاهره أن عدم وجوب الإعادة إنما هو للشك في كونها قبل الصلاة ، فيدل على وجوب الإعادة مع العلم بكونها قبل الصلاة»[1]

فإنه قدس سره افاد بأن حکم الرؤیۀ فی اثناء الصلاۀ به صورتان:

الصورۀ الاولی: رؤیۀ النجاسۀ فی الاثناء مع العلم بکونها قبل الصلاۀ.

و هی صورۀ جواب الامام (ع) لسؤال الراوی: ان رأیته فی ثوبی و انا فی الصلاۀ؟

قال: تنقض الصلاۀ و تعید ان شککت فی موضع منه ثم رأیته.

و نظره قدس سره الی ان الرؤیۀ فی هذه الصورۀ کانت بعد العلم الاجمالی بالنجاسۀ و الشک فی موضعها قبل الصلاۀ.الصورۀ الثانیۀ:و هی تشتمل علی صورتین:

1- ما لو رأی النجاسۀ فی الاثناء و کان یشك فی حدوث هذه النجاسۀ قبل الصلاۀ و اذا رأها فی اثناء الصلاۀ علم انها هی التی شك فی عروضها قبل الصلاۀ.

2- ما لو رأها فی الاثناء مع الشك فی کونها قبل الصلاۀ مع احتمال عروضها فی اثنائها.

و افاد قدس سره بأن الصورۀ الاولی من الصورۀ الثانیۀ غیر مذکورۀ فی الصحیحۀ من حیث المنطوق و لذا اختلفت کلمات الاصحاب فی حکمها.و بعبارۀ اخری:ان المذکور فی الصحیحۀ الصورۀ الثانیۀ من الصورۀ الثانیة التی صورها بقوله (ع): و ان لم تشك ثم رأیته رطباً قطعت الصلاۀ و غسلته ثم بنیت علی الصلاۀ لانك لا تدری لعله شیءً اوقع علیك فلیس ینبغی لك ان تنقض الیقین بالشك.

حیث ان مدلوله: انه لو رأیت النجاسۀ فی اثناء الصلاۀ و لم تکن تعلم انها هی التی شککت فیها قبل الصلاۀ او انها کانت حادثۀ بعد الصلاۀ فلا تعید الصلاۀ بل تغسل النجاسۀ و تبنی علی الصلاۀ.

و اما صورۀ ما لو رأی النجاسۀ فی الاثناء و حصل له العلم بأنها هی التی شك فیها قبل الصلاۀ بمعنی انه حصل العلم بعد الرؤیۀ بأنه التی بالصلاۀ فی النجاسۀ من دون علم بها قبل الصلاۀ.فإن حکمه غیر مذکور فی منطوق الروایۀ.ونقل عن الشیخ قدس سره بأن الحکم فی هذه الصورۀ غیر المذکورۀ عدم وجوب الاعادۀ.

و افاد فی وجهه: انه لو کان الحکم فیما علم بالنجاسۀ بعد اتمام الصلاۀ عدم وجوب الاعادۀ لدل علی عدم وجوب الاعادۀ فیما لو رآها فی الاثناء بطریق اولی. لأنه لو لم تجب الاعادۀ مع وقوع جمیع اجزاء الصلاۀ مع النجاسۀ فعدم وجوب الاعادۀ مع وقوع بعضها مع النجاسۀ اولی.

و نظره فی ذلك الی ما افاده الشیخ قدس سره فیما مر منه:«و دعوی: ان من آثار الطهارۀ السابقۀ اجزاء الصلاۀ معها و عدم وجوب الاعادۀ لها، فوجوب الاعادۀ نقض لآثار الطهارۀ السابقة.مدفوعۀ:

بأن الصحۀ الواقعیة و عدم الاعادۀ للصلاۀ مع الطهارۀ المتحققة سابقاً، من الآثار العقلیۀ الغیر المجعولۀ للطهارۀ المتحققة لعدم معقولیۀ عدم الاجزاء فیها، مع انه یوجب الفرق بین وقوع تمام الصلاۀ مع النجاسۀ فلا یعید و بین وقوع بعضها معها فیعید کما هو ظاهر قوله (ع) بعد ذلك. «و تعيد اذا شککت فی موضع منه ثم رأیته».

الا ان یحمل هذه الفقرۀ – کما استظهره شارح الوافیۀ علی ما لو علم الاصابة و شك فی موضعها و لم یغسلها نسياناً، و هو مخالف لظاهر الکلام و ظاهر قوله (ع) بعد ذلك: «و ان لم تشك ثم رأیته»[2] .

و المستفاد منه ان نظر الشیخ قدس سره ان مدلول قوله (ع):و تعید اذا شککت فی موضع منه ثم رأیته ...» الأمر بالاعادۀ اذا کان علی علم بالطهارۀ ثم شك فی النجاسۀ ثم رأی فی اثناء الصلاۀ نفس ما شك فیه من النجاسۀ فیعلم انه علم وقوع الصلاۀ فی النجاسۀ و لذلك افاد:بأنه لو قلنا بأن اجزاء الصلاة فی المقام من آثار الطهارۀ السابقة و أن الحکم بعدم الاعادۀ کان لأجل الاجزاء و ان وجوب الاعادۀ نقض لآثار الطهارۀ السابقۀ المفروض کون الاجزاء منها لزم:

الفرق بین وقوع تمام الصلاۀ مع النجاسۀ فلا يعید و بین وقوع بعضها فی النجاسۀ فیعید کما هو ظاهر قوله (ع): و تعید اذا شککت فی موضع منه ثم رأیته.

مع ان وقوع بعض الصلاۀ فی النجاسۀ فی فرض الجهل اولی بعدم الاعادۀ من وقوع تمامها فیها.و لذلك انتج فی نفی استناد عدم الاعادۀ فی الفقرۀ الثالثة بالاجزاء ان الصحۀ الواقعیة و عدم الاعادۀ للصلاۀ مع الطهارۀ السابقة من الآثار العقلیة الغیر المجعولۀ للطهارۀ المتحققة لعدم معقولیۀ عدم الاجزاء فیها.فلیس وجه الحکم بعدم الاعادۀ الاجزاء لعدم معقولیۀ غیر الاجزاء فلا حاجۀ الی الاستناد به بل الوجه هو ان الاعادۀ نقض للطهارۀ المتیقنۀ سابقاً.

ثم ان الشیخ قدس سره دفع مقالۀ شارح الوافیة من استظهار کون قوله (ع): و تعید اذا شککت فی موضع منه ثم رأیته».

فی ما لو علم الاصابۀ و شك فی موضعها و لم یغسلها نسیاناً:

بأنه مخالف لظاهر الکلام و ظاهر قوله (ع) بعد ذلك: «و ان لم تشك ثم رأیته رطباً قطعت الصلاة و غسلته ثم بنيت علی الصلاۀ لانك لا تدری لعله شیء اوقع علیك فلیس ینبغی لك ان تنقض الیقین بالشك».

و قد افاد السید الخوئی قدس سره فی مقام الاشکال علی الشیخ:بأن الاولویۀ التی ادعاه الشیخ قدس سره فی المقام من اولویۀ عدم اعادۀ وقوع بعض الصلاۀ فی النجاسۀ بالنسبۀ الی وقوع تمامها فیها، مما لا یتم الالتزام به.و افاد فی وجه عدم تمامیتها:ان وجوب الاعادۀ حکم تعبدی لا یعلم ملاکه حتی يتمسك بالالولویۀ و ان الاولویۀ فرع الوقوف علی ملاکات الاحکام، فلعله کانت فی المقام خصوصیۀ تقتضی عدم وجوب الاعادۀ فیما لو وقع جمیع اجزاء الصلاۀ مع النجاسۀ و علم بها بعد الصلاۀ.و کانت تلك الخصوصیۀ مفقودۀ فیما لو رآها فی الاثناء.و اختار نفسه وجوب الاعادۀ فی الصورة الاولی من الصورۀ الثانیۀ ای فیما اذا رأی النجاسۀ فی اثناء الصلاۀ و علم بأنه نفس ما شك فیها قبل الصلاۀ.و افاد فی وجهه:ان الامام (ع) علل عدم وجوب الاعادۀ فی الصورۀ الثانیۀ، و هی صورۀ رؤیۀ النجاسۀ فی الاثناء مع الشك فی کونها قبل الصلاۀ باحتمال عروض النجاسۀ فی الاثناء و افاد (ع): لعله شيء اوقع علیك فیدل علی وجوب الاعادۀ مع العلم بکونها قبل الصلاۀ.

و کذا ان قوله (ع) بعد التعلیل المذکور ( فلیس ینبغی لك ان تنقض الیقین بالشك) ، حیث ان ظاهره ان عدم وجوب الاعادۀ انما هو للشك فی کونها قبل الصلاۀ فیدل علی وجوب الاعادۀ مع العلم بکونها قبل الصلاۀ.

و علیه فإن قوله (ع): و ان لم تشك ثم رأیته رطباً قطعت الصلاۀ... لانك لا تدری لعله شیء اوقع علیك له دلالۀ قویة علی وجوب الاعادۀ اذا علم ان ما رأه من النجاسۀ فی الاثناء هی النجاسۀ التی شك فیها قبل الصلاۀ.

و یمکن ان یقال:اولاً:ان ما افاده الشیخ قدس سره من ادعاء الاولویۀ لا يبتني علی العلم بملاکات الاحکام و الوقوف علیها بتمام جهاتها.بل ان نظره ان مع فرض لزوم ابقاء الیقین عند الشك و لو کان الواقع علی خلافه فإنما یحصل لنا ضابط فی کلام الامام (ع) فی المقام، و هو ان النظر لیس علی الواقع بل النظر علی التحفظ علی الیقین السابق عند الشك فیه بقاًء، و هذا الضابط المستفاد من قوله (ع) لا تنقض الیقین بالشك بل انقضه بقین اخر، انما یقضی وحدۀ الحکم فی صورۀ وقوع تمام الصلاۀ فی النجاسۀ جهلاً مع صورۀ وقوع بعضها فیها. اذا لا فرق بینهما فی جهۀ ابقاء الیقین و عدم الاعتناء بالشك بل الحکم بمقضی ظاهر التعلیل فیهما واحد و هو عدم اعادۀ الصلاۀ.و لذلك لو قلنا ان مقتضی ابقاء الیقین الاجزاء ای اجزاء ما اتی به علی الیقین السابق عن الواقع یلزم الفرق بین وقوع تمام الصلاۀ فی النجاسۀ فلا یعید و بین وقوع بعضها فیها فیعید من دون تصريح منه علی تعبیر الأولویۀ.

و هذا امر تعرض له فی دفع ما نقله عن استاذه شریف العلماء بقوله: ربما یتخیل من دون ان یتعرض لحکم المسئلة.

نعم افاد بأن ما استظهره شارح الوافیة مخالف لظاهر الکلام و ظاهر قوله (ع) بعد ذلك: و ان لم تشك ثم رأیته، و هذا ما یظهر منه ان مقتضی ظهور الکلام خلافه.

 


[1] مصباح الأصول، تقرير بحث السيد أبوالقاسم الخوئي، السيد محمد الواعظ الحسيني، ج3، ص51 و 52.
[2] الرسائل، الخميني، السيد روح الله، ج1، ص96.