درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/11/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب

الوجه الرابع ـ من وجه الاستدلال علي اعتبار الاستصحاب الأخبار.

قال في الكفاية:«الوجه الرابع: وهو العمدة في الباب الاخبار منها: صحيحة زرارة ( قال: قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء، أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء ؟ قال: يا زرارة، قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن، وإذا نامت العين والاذن والقلب فقد وجب الوضوء، قلت: فإن حرك في جنبه شئ وهو لا يعلم، قال: لا، حتى يستيقن أنه قد نام، حتى يجئ من ذلك أمر بين، وإلا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك، ولكنه ينقضه بيقين آخر ).وهذه الرواية وإن كانت مضمرة إلا أن إضمارها لا يضر باعتبارها، حيث كان مضمرها مثل زرارة، وهو ممن لا يكاد يستفتي من غير الامام - عليه السلام – لا سيما مع هذا الاهتمام.

وهذه الرواية: ما رواه الشيخ قدس سره باسناده عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة قال:

قلت له: الرجل ينام وهو علي وضوء ايوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء.؟

قال: يا زرارة، قد تنام العين ولا ينام القلب والأذن، فإذا نامت العين والأذن والقلب وجب الوضوء.

قلت: فإن حُرّك علي جنبه شئٌ ولم يعلم به؟

قال: لا، حتي يستيقن انه قد نام، حتي يجييٌ من ذلك امر بيّن. والا فإنه علي يقين من وضوئه، ولا تنقض اليقين ابداً بالشك، وانما تنقضه بيقين آخر.

وقال صاحب الكفاية: وتقريب الاستدلال بها: انه لا ريب في ظهور قوله عليه السلام:

(والا فإنه علي يقين... الي آخره): عرفاً في النهي عن نقض اليقين بشئ بالشك فيه، وأنه عليه السلام بصدد بيان ما هو علة الجزاء المستفاد من قوله عليه السلام: ( لا ) في جواب: ( فإن حرك في جنبه... إلى آخره )، وهو اندراج اليقين والشك في مورد السؤال في القضية الكلية الارتكازية الغير المختصة بباب دون باب، واحتمال أن يكون الجزاء هو قوله: ( فإنه على يقين... إلى آخره ) غير سديد، فإنه لا يصح إلا بإرادة لزوم العمل على طبق يقينه، وهو إلى الغاية بعيد، وأبعد منه كون الجزاء قوله: ( لا ينقض.. إلى آخره ) وقد ذكر: ( فإنه على يقين ) للتمهيد.

وقد انقدح بما ذكرنا ضعف احتمال اختصاص قضية: ( لا تنقض... إلى آخره ) باليقين والشك بباب الوضوء جدا، فإنه ينافيه ظهور التعليل في أنه بأمر ارتكازي لا تعبدي قطعا، ويؤيده تعليل الحكم بالمضي مع الشك في غير الوضوء في غير هذه الرواية بهذه القضية أو ما يرادفها، فتأمل جيدا.

هذا مع أنه لا موجب لاحتماله إلا احتمال كون اللام في اليقين للعهد، إشارة إلى اليقين في ( فإنه على يقين من وضوئه ) مع أن الظاهر أنه للجنس، كما هو الأصل فيه، وسبق: ( فإنه على يقين... إلى آخره ) لا يكون قرينة عليه، مع كمال الملاءمة مع الجنس أيضا، فافهم.

مع أنه غير ظاهر في اليقين بالوضوء، لقوة احتمال أن يكون ( من وضوئه ) متعلقا بالظرف لا ب‌ ( يقين )، وكان المعنى: فإنه كان من طرف وضوئه على يقين، وعليه لا يكون الأوسط إلا اليقين، لا اليقين بالوضوء، كما لا يخفى على المتأمل.

وبالجملة: لا يكاد يشك في ظهور القضية في عموم اليقين والشك، خصوصا بعد ملاحظة تطبيقها في الاخبار على غير الوضوء أيضا.

وحاصل ما افاده قدس سره في تقريب الاستدلال: ان الرواية تشتمل علي جهتين:

الجهة ‌الأولي: سؤال زرارة عن الشبهة الحكمية اما لاشتباه مفهوم النوم لديه وتردده بين الاقل والاكثر، وشموله للخفقة والخفقتين، وأما للشك في كون الخفقة‌ او الخفقتين ناقضاً مستقلاً.

فأجابه الإمام (ع): لا حتي يستيقن انه قد نام، حتي يجيئ من ذلك أمر بيّن.[1]

ولم يتعرض صاحب الكفاية‌ لهذه الجهة في المقام، ولكنه افاد في الرابع عشر من تنبيهات الاستصحاب.الظاهر ان الشك في اخبار الباب وكلمات الأصحاب هو خلاف اليقين، فمن الظن بالخلاف فضلاً عن الظن بالوفاق يجري الاستصحاب، ويدل عليه مضافاً الي انه كذلك كذلك لغة كما في الصحاح.وتعارف استعماله فيه في الاخبار في غير باب.

قوله (ع) في اخبار الباب: (ولكن تنقضه بيقين آخر).

حيث ان ظاهره انه في بيان تحديد ما ينقض به اليقين وأنه ليس الا اليقين.

وقوله ايضاً: (لا حتي يستيقن انه نام) بعد السؤال عنه عليه السلام عما (اذا حرك في جنبه شيء وهو لا يعلم).

حيث دل باطلاقه مع ترك الاستفصال بين ما اذا افادت هذه الامارة الظن، وما اذا لم تفد. بداهة انها لو لم تكن مفيدة له دائماً لكانت مفيدة له احياناً ـعلي عموم النفي لصورة الافادة.

وقوله (ع) بعده (ولا تنقض اليقين بالشك) ان الحكم في المغیي مطلقا هو عدم نقض اليقين بالشك، كما لا يخفي..

وظاهر ما افاده هناك:ان زرارة بعد علمه بأن النوم ناقض فإنما يسئل بأن المناط فيه للناقضية هل يصدق علي الخفقة والخفقتان ام لا؟فأجابه الإمام (ع) بأن المناط فيها نوم القلب اضافة علي نوم العين والأذن ثم يسئل زرارة بأن الضابط في نوم الثلاثة هل يتحقق بأن يحرك في جنبه شيء، وهو لا يتوجه اليه؟فأجاب الإمام (ع) بعدم كفايته، وأن الضابط في ناقضية النوم حصول اليقين به بقيام ما يبيّنه.ولعل نظر الامام (ع) الي انه ربما لا يكون نائماً بل كان توجهه الي امر خاص، ولا يلتفت بما لو حرك في جنبه شيء حينه. فإنه لا تكون بينة علي تحقق النوم الناقض، بل الضابط فيه استيلاء النوم علي العين والأذن والقلب.وحيث ان في هذه الجهة لا تعرض للاستصحاب والبناء علي اليقين السابق عند الشك في بقائه، لم يتعرض له صاحب الكفاية في المقام.وإن كان مورد ناقضية النوم في الرواية تمهيد لبيان الإمام (ع) ‌أن اليقين السابق وهو في هذا البيان عدم النوم لا ينقض بغير اليقين.وإنما استظهر صاحب الكفاية في التنبيه المذكور من الرواية تبين مفهوم الشك المراد في الخبر للاستصحاب.

 


[1] نشريه نقد و نظر، دفتر تبليغات اسلامی حوزه علميه قم، ج12، ص29.