درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب

وببيان آخر: ان المدعي في كلام السيد وكذا المحقق صاحب القوانين غلبة‌ الظن بالبقاء في موارد الاستصحاب.

ونعلم ان موارد الاستصحاب انما تشمل الأحكام باختلافها جنساً ونوعاً وصنفاً. والموضوعات باختلافها كذلك مع العلم بأن الاختلاف في الموضوعات اكثر.كما نعلم ان كل متيقن ثبت في زمان وحصل لنا العلم بثبوته فإنه إنما يتحرك العلم بثبوته الي الظن المتاخم للعلم، ثم الظن القوي، ثم الاحتمال الشكي، ثم الاحتمال الوهمي، تدريجاً بحسب زمان البقاء، وكذا بحسب اجناس المتيقن وأنواعه واصنافه، باختلافها وبحسب احوال المكلف، والحالات والمقارنات فيه وفي المتيقن، ومعه فإنه يشكل جداً تصوير حصول الظن بالبقاء في جميع مراتبه بحسب الزمان، لأنه انما يقل احتمال البقاء من الرجحان القوي بل العلم الي الاحتمال الوهمي، ومعه فإنه يشكل حصول الغلبة حتي في الانواع او الاصناف الا اذا اردنا الاستصحاب بعد ثبوت المتيقن بزمان قليل.

هذا مع: ان في كثير من هذه الموارد كان الحكم بالبقاء من جهة الارتكاز العقلائي بالبقاء في سيرتهم ولا ينشأ عن الظن بالبقاء.

مضافاً: الي انه يعبر عن هذا الوجه بالوجه العقلي، وأساسه هو ان بقاء ما ثبت سابقاً من ادراكات العقلي العملي، وهو من الادراكات الظني. وأساسه حسن العدل اي حسن وضع كل شيء في محله.

وليعلم انه من الصعب جداً احراز هذا الادراك ولو ظنياً في اكثر موارد الاستصحاب واغلبها حكماً وموضوعاً، خصوصاً مع طول الفاصلة الزمانية بين الشك وثبوت المتيقن، وعليه فما حققه الشيخ قدس سره من نفي الغلبة في محله.مع انه لو اردنا اعتبار الغلبة لكان ذلك مبتنياً علي الاستقراء التام المقتضي للادراك الظني وهو غير محقق في المقام.ثم ان بالنسبة ‌الي الاحكام التي خصها صاحب القوانين قدس سره بالذكر من جهة ‌انها من الممكنات القارة، وكذا من الأمور الجارية بين الموالي والعبيد...

فإن ما يلزم الدقة فيه: هو ان الاحكام شرعية كانت او غير شرعية مبنية علي الدوام والاستقرار بذاتها، ولا يعقل تصوير كونها وجودات آينه كما افاده قدس سره.

الا ان هذا انما يتم في استصحاب الاحكام الكلية من حيث بقائها في ذاتها، وهذا لا شبهة فيه، ولذلك اعترف باعتباره فيها من لا يعترف باعتبار الاستصحاب، بل ربما يكون اصالة عدم النسخ وهو استصحاب عدم النسخ من الأصول الجارية عند العقلاء في الأحكام الجارية بين الموالي والعبيد فضلاً عن الشارع.ولكن الكلام ليس في استصحاب بقاء هذه الأحكام، بل ان موضوع البحث في المقام انما هو الحكم المتعلق بموضوع عند الشك في بقاء الموضوع من جهة طرو بعض الأعراض. كلياً او جزئياً، وكذا في الشك في نفس موضوعات الأحكام من جهة‌ بقائها لطرو بعض ما يعرض عليها بحيث يمكن تأثيرها في انتفاء الموضوعية للحكم فيها، وفي خصوص هذه الموارد انما يسئل عن حد البقاء، وإن كان البقاء في الجملة من المسلمات، الا ان مع عدم وحدة‌ المناط في الأحكام المختلفة وعدم الضابطة المشتركة في بقاء الموضوع حسب انواعها واجناسها واصنافها، فإن تقريب حصول الظن بالبقاء بعد الثبوت السابق في جميع هذه الموارد وجعله دليلاً كلياً قابلاً للاستناد محل تأمل جداً.بل لا تفيد الغلبة في المقام ولو بحسب الانواع والاصناف ضرورة ان الغلبة انما تفيد وتقتضي الظن بالبقاء اذا كان كاشفاً عن ضابطة‌ مشتركة بين افراد الصنف او النوع قابلة للاحراز اما قطعياً او ظنياً، وثبوت البقاء في الغالب انما يفيد الظن، اذا كاشف عن احراز ظني للضابطة المذكورة، فإن هذا الادراك الظني يوجب الظن بالبقاء.ولكن مع عدم احراز المناط او الضابطة المشتركة ولو ظنياً بل مع عدم امكان احراز الضابطة فكيف يمكن تصوير البقاء بمقتضي الادراك الظني.وعليه فإن تمام الكلام في امكان تصوير الغلبة ثم في تصوير الغلبة المقتضية للظن في البقاء.الا ان يقال:انه يمكن الدفاع عن مقالة صاحب القوانين بأن من الممكن ادعاء ‌الغلبة وامكان كشف الضابطة ‌بها في بقاء الأحكام علي موضوعاتها بحسب اصنافها، وأن يشكل ذلك بالنسبة ‌الي انواعها او اجناسها و كذا الكلام في الموضوعات.فإذا احرز امكان البقاء في الأحكام المرتبطة بحسب الصنوف او الموضوعات كذلك، فلا يستبعد احراز مناط مشترك فيها المقتضي للبقاء في اغلبها بحيث يمكن الحكم بالبقاء بمقتضاه في الموارد المشكوكة بالحاقها بالأعم الأغلب.نعم، يشكل ذلك بالنسبة الي عامة الممكنات القارة، بل بالنسبة ‌الي الاجناس، لكنه لا يشكل تصوير هذا الاشتراط في الاحكام القريبة بحسب الضعف.وشيخنا الأعظم قدس سره مع شدة‌ انكاره علي مقالة المحقق القمي في المقام انما قرر الوجه الثاني من وجوه الاستدلال علي ما اختاره في الاستصحاب من الشك في الرافع الاستقراء.قال قدس سره هناك في تقريب الاستقراء:«الثاني: انا تتبعنا موارد الشك الشك في بقاء الحكم السابق المشكوك من جهة الرافع ، فلم نجد من أول الفقه إلى آخره موردا إلا وحكم الشارع فيه بالبقاء ، إلا مع أمارة توجب الظن بالخلاف ، كالحكم بنجاسة الخارج قبل الاستبراء ، فإن الحكم بها ليس لعدم اعتبار الحالة السابقة – وإلا لوجب الحكم بالطهارة لقاعدة الطهارة - بل لغلبة بقاء جزء من البول أو المني في المخرج ، فرجح هذا الظاهر على الأصل ، كما في غسالة الحمام عند بعض ، والبناء على الصحة المستندة إلى ظهور فعل المسلم ).وافاد الشيخ قدس سره بعد بيان هذا التقريب:

«والانصاف: ان هذا الاستقراء يكاد يفيد القطع، وهو اولي من الاستقراء الذي ذكره غير واحد كالمحقق البهبهاني وصاحب الرياض انه المستند في حجية ‌شهادة العدلين علي الاطلاق.»[1]

ومعه فمن الممكن ان يقال:انه اذا اقتضي التتبع في موارد الشك في البقاء‌ في موارد الشك في الرافع القطع حسب تعبيره قدس سره يكاد يفيد القطع، مع ان اكثر موارد الاستصحاب هو موارد الشك في الرافع فكيف لا يمكن تصوير الغلبة في البقاء في صنف خاص من الأحكام او نوع خاص بحسب الأحوال والأعراض المشتركة مع ان صاحب القوانين لا يدعي ن هذه الغلبة اكثر من الظن بالبقاء في الموارد المشكوكة؟

هذا: ثم ان بعد تسلم امكان تصوير الغلبة، وبعد تمامية تصوير اقتضائها للظن بالبقاء.

فإن تمام الكلام حينئذٍ في اعتبار هذا الظن وقد مر في كلام صاحب الكفاية عدم الدليل علي اعتباره، وأفاد الشيخ قدس سره بأن دون اثباته خرط القتاد.

ويمكن ان يقال: انه يمكن تصوير اعتبار الظن بالبقاء في الاستصحاب بوجهين:

الاول: انه لو قلنا بانسداد باب العلم بالالتزام بتمامية مقدمات الانسداد، فإن نتيجتها كفاية الامتثال الظني، وان الاستصحاب بما انه يفيد الظن ـ في فرض الالتزام بحصوله ـ يتصف بالاعتبار من اجله.

الثاني: انه لو قلنا بحصول الظن بالبقاء ‌في الاستحصاب سواء قلنا بأن المنشأ لحصوله نفس الثبوت في الزمان السابق، او الغلبة علي ما حققه السيد الصدر، او بتقريب المحقق القمي في القوانين، فإن الأخبار الواردة في الاستصحاب في فرض تمامية دلالتهاعلي اعتباره انما تدل علي اعتبار الاستصحاب بعنوان الدليل المفيد للظن مثل خبر الثقة، ومعه لا تكون هذه الأدلة مقتضية لاعتبار الاستصحاب بعنوان الأصل العملي، وصرف التعبد علي بقاء المتيقن عند الشك، فيصير الاستصحاب من الادلة والامارات.

الوجه الثالث: ـ مما استدل به علي اعتبار الاستصحاب ـ الاجماع.

 


[1] تمهيد الوسائل في شرح الرسائل، الشيخ علي المروجي، ج9، ص16.