درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب

ثم استمرر الکلام الشیخ فی الفرائد الاصول:وإن أريد به ما وجه به كلام السيد المتقدم صاحب القوانين - بعدما تبعه في الاعتراف بأن هذا الظن ليس منشؤه محض الحصول في الآن السابق، لأن ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم - قال:"بل لأنا لما فتشنا الأمور الخارجية من الأعدام والموجودات وجدناها مستمرة بوجودها الأول على حسب استعداداتها وتفاوتها في مراتبها، فنحكم فيما لم نعلم حاله بما وجدناه في الغالب، إلحاقا له بالأعم الأغلب. ثم إن كل نوع من أنواع الممكنات يلاحظ زمان الحكم ببقائه بحسب ما غلب في أفراد ذلك النوع، فالاستعداد الحاصل للجدران القويمة يقتضي مقدارا من البقاء بحسب العادة، والاستعداد الحاصل للإنسان يقتضي مقدارا منه، وللفرس مقدارا آخر، وللحشرات مقدارا آخر، ولدود القز والبق والذباب مقدارا آخر، وكذلك الرطوبة في الصيف والشتاء.فهنا مرحلتان:

الأولى: إثبات الاستمرار في الجملة.

والثانية: إثبات مقدار الاستمرار.

ففيما جهل حاله من الممكنات القارة، يثبت ظن الاستمرار في الجملة بملاحظة حال أغلب الممكنات مع قطع النظر عن تفاوت أنواعها، وظن مقدار خاص من الاستمرار بملاحظة حال النوع الذي هو من جملتها.فالحكم الشرعي - مثلا - نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الممكن، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الأحكام الشرعية. فإذا أردنا التكلم في إثبات الحكم الشرعي فنأخذ الظن الذي ادعيناه من ملاحظة أغلب الأحكام الشرعية، لأنه الأنسب به والأقرب إليه، وإن أمكن ذلك بملاحظة أحكام سائر الموالي وعزائم سائر العباد. ثم إن الظن الحاصل من جهة الغلبة في الأحكام الشرعية، محصله:أنا نرى أغلب الأحكام الشرعية مستمرة بسبب دليله الأول، بمعنى:

أنها ليست أحكاما آنية مختصة بآن الصدور، بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدليل أنه يريد استمرار ذلك الحكم الأول من دون دلالة الحكم الأول على الاستمرار، فإذا رأينا منه في مواضع عديدة أنه اكتفى - حين إبداء الحكم - بالأمر المطلق القابل للاستمرار وعدمه، ثم علمنا أن مراده من الأمر الأول الاستمرار، نحكم فيما لم يظهر مراده، بالاستمرار، إلحاقا بالأغلب، فقد حصل الظن بالدليل - وهو قول الشارع - بالاستمرار. وكذلك الكلام في موضوعات الأحكام من الأمور الخارجية، فإن غلبة البقاء يورث الظن القوي ببقاء ما هو مجهول الحال انتهى."[1]

فيظهر وجه ضعف هذا التوجيه أيضا مما أشرنا إليه.

توضيحه: أن الشك في الحكم الشرعي، قد يكون من جهة الشك في مقدار استعداده، وقد يكون من جهة الشك في تحقق الرافع.

أما الأول: فليس فيه نوع ولا صنف مضبوط من حيث مقدار الاستعداد، مثلا: إذا شككنا في مدخلية التغير في النجاسة حدوثا وارتفاعا وعدمها، فهل ينفع في حصول الظن بعدم المدخلية تتبع الأحكام الشرعية الاخر، مثل: أحكام الطهارات والنجاسات، فضلا عن أحكام المعاملات والسياسات، فضلا عن أحكام الموالي إلى العبيد ؟ وبالجملة: فكل حكم شرعي أو غيره تابع لخصوص ما في نفس الحاكم من الأغراض والمصالح، ومتعلق بما هو موضوع له وله دخل في تحققه، ولا دخل لغيره من الحكم المغاير له، ولو اتفق موافقته له كان بمجرد الاتفاق من دون ربط. ومن هنا لو شك واحد من العبيد في مدخلية شئ في حكم مولاه حدوثا وارتفاعا، فتتبع - لأجل الظن بعدم المدخلية وبقاء الحكم بعد ارتفاع ذلك الشئ - أحكام سائر الموالي، بل أحكام هذا المولى المغايرة للحكم المشكوك موضوعا ومحمولا، عد من أسفه السفهاء.

وأما الثاني: - وهو الشك في الرافع –

فإن كان الشك في رافعية الشئ للحكم، فهو أيضا لا دخل له بسائر الأحكام، ألا ترى أن الشك في رافعية المذي للطهارة لا ينفع فيه تتبع موارد الشك في الرافعية، مثل: ارتفاع النجاسة بالغسل مرة، أو نجاسة الماء بالإتمام كرا، أو ارتفاع طهارة الثوب والبدن بعصير العنب أو الزبيب أو التمر. وأما الشك في وجود الرافع وعدمه، فالكلام فيه هو الكلام في الأمور الخارجية.

[1] تعليقة على معالم الاصول، السيّد علي الموسوي القزويني، ج6، ص292.