درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب

قد استمرر الشیخ فی فرائد الأصول:

قال السيد الشارح للوافية - بعد دعوى رجحان البقاء -: "إن الرجحان لا بد له من موجب، لأن وجود كل معلول يدل على وجود علة له إجمالا، وليست هي اليقين المتقدم بنفسه، لأن ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم، ويشبه أن يكون هي كون الأغلب في أفراد الممكن القار أن يستمر وجوده بعد التحقق، فيكون رجحان وجود هذا الممكن الخاص للإلحاق بالأعم الأغلب. هذا إذا لم يكن رجحان الدوام مؤيدا بعادة أو أمارة، وإلا فيقوى بهما. وقس على الوجود حال العدم إذا كان يقينيا."[1]

وفيه: أن المراد بغلبة البقاء ليس غلبة البقاء أبد الآباد، بل المراد البقاء على مقدار خاص من الزمان، ولا ريب أن ذلك المقدار الخاص ليس أمرا مضبوطا في الممكنات ولا في المستصحبات، والقدر المشترك بين الكل أو الأغلب منه معلوم التحقق في موارد الاستصحاب، وإنما الشك في الزائد.

وإن أريد بقاء الأغلب إلى زمان الشك: فإن أريد أغلب الموجودات السابقة بقول مطلق، ففيه:

أولا: أنا لا نعلم بقاء الأغلب في زمان الشك.

وثانيا: لا ينفع بقاء الأغلب في إلحاق المشكوك، للعلم بعدم الرابط بينها، وعدم استناد البقاء فيها إلى جامع - كما لا يخفى - بل البقاء في كل واحد منها مستند إلى ما هو مفقود في غيره.

نعم، بعضها مشترك في مناط البقاء.وبالجملة: فمن الواضح أن بقاء الموجودات المشاركة مع نجاسة الماء المتغير في الوجود - من الجواهر والأعراض - في زمان الشك في النجاسة، لذهاب التغير المشكوك مدخليته في بقاء النجاسة، لا يوجب الظن ببقائها وعدم مدخلية التغير فيها. وهكذا الكلام في كل ما شك في بقائه لأجل الشك في استعداده للبقاء.وإن أريد به ما وجه به كلام السيد المتقدم صاحب القوانين - بعدما تبعه في الاعتراف بأن هذا الظن ليس منشؤه محض الحصول في الآن السابق، لأن ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم - قال:"بل لأنا لما فتشنا الأمور الخارجية من الأعدام والموجودات وجدناها مستمرة بوجودها الأول على حسب استعداداتها وتفاوتها في مراتبها، فنحكم فيما لم نعلم حاله بما وجدناه في الغالب، إلحاقا له بالأعم الأغلب. ثم إن كل نوع من أنواع الممكنات يلاحظ زمان الحكم ببقائه بحسب ما غلب في أفراد ذلك النوع، فالاستعداد الحاصل للجدران القويمة يقتضي مقدارا من البقاء بحسب العادة، والاستعداد الحاصل للإنسان يقتضي مقدارا منه، وللفرس مقدارا آخر، وللحشرات مقدارا آخر، ولدود القز والبق والذباب مقدارا آخر، وكذلك الرطوبة في الصيف والشتاء.فهنا مرحلتان:

الأولى: إثبات الاستمرار في الجملة.

والثانية: إثبات مقدار الاستمرار.

ففيما جهل حاله من الممكنات القارة، يثبت ظن الاستمرار في الجملة بملاحظة حال أغلب الممكنات مع قطع النظر عن تفاوت أنواعها، وظن مقدار خاص من الاستمرار بملاحظة حال النوع الذي هو من جملتها.فالحكم الشرعي - مثلا - نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الممكن، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الأحكام الشرعية. فإذا أردنا التكلم في إثبات الحكم الشرعي فنأخذ الظن الذي ادعيناه من ملاحظة أغلب الأحكام الشرعية، لأنه الأنسب به والأقرب إليه، وإن أمكن ذلك بملاحظة أحكام سائر الموالي وعزائم سائر العباد. ثم إن الظن الحاصل من جهة الغلبة في الأحكام الشرعية، محصله:أنا نرى أغلب الأحكام الشرعية مستمرة بسبب دليله الأول، بمعنى:

أنها ليست أحكاما آنية مختصة بآن الصدور، بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدليل أنه يريد استمرار ذلك الحكم الأول من دون دلالة الحكم الأول على الاستمرار، فإذا رأينا منه في مواضع عديدة أنه اكتفى - حين إبداء الحكم - بالأمر المطلق القابل للاستمرار وعدمه، ثم علمنا أن مراده من الأمر الأول الاستمرار، نحكم فيما لم يظهر مراده، بالاستمرار، إلحاقا بالأغلب، فقد حصل الظن بالدليل - وهو قول الشارع - بالاستمرار. وكذلك الكلام في موضوعات الأحكام من الأمور الخارجية، فإن غلبة البقاء يورث الظن القوي ببقاء ما هو مجهول الحال انتهى."[2]


[1] تعليقة على معالم الاصول، السيّد علي الموسوي القزويني، ج6، ص292.
[2] فرائد الاصول، الشيخ مرتضی الانصاری، ج3، ص91.