96/09/21
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب
هذا ما افاده المحقق صاحب الکفايه قدس سره في الکفايه، و مثله عن حاشيته علي الرسائل، و وافقه المحقق النائيني قدس سره مع اختلاف يسير، و کذا المحقق العراقي قدس سرهما.
و أورد عليه المحقق الاصفهاني قدس سره في نهاية الدرايه:«تحقيق الحال: ان الحکم العقلي علي قسمين: حکم عقلي عملي، و حکم عقلي نظري.
و قد تکرر منا: ان الحکم العقلي العملي ـ في قبال العقلي النظري ـ مأخوذ من المقدمات المحمودۀ و القضايا المشهورۀ المعدودۀ من الصناعات الخمس في علم الميزان، و قد اقمنا البرهان علي انه غير داخل في القضايا البرهانيۀ في اول بحث القطع مجملاً، و في مبحث دليل الانسداد مفصلاً.
و قد ذکرنا مراراً:
ان العناوين المحکومۀ بالحسن و القبح بمعني کون الفعل ممدوح او مذموماً تارۀ ذاتية و اخري عرضيۀ منتهية الي الذاتية.
و المراد بالاول ـ الذاتية _: ما کان بنفسه مع قطع النظر عن اندراجه تحت عنوان آخر محکوماً بالمدح کعنوان العدل، او بالذم کعنوان الظلم.
و المراد بالثانية: ما کان من حيث اندراجه تحت العنوان المحکوم بذاته ممدوحاً او مذموماً، و هي علي قسمين:
تارۀ: تکون مندرجۀ تحت العناوين الذاتية لو خليت و نفسها، کالصدق و الکذب و ان امکن من انحفاظ عنوانه ان يکون محکوماً بحکم آخر بعروض عنوان الظلم اذا کان الصدق مهلکاً للمؤمن او بعروض عنوان الاحسان اذا کان الکذب منجياً له.
و اخري:
لا تکون مندرجۀ تحت العناوين الذاتية لو خليت و طبعها کسائر العناوين العرضيۀ المحضۀ ـ من المشي الي السوق و نحوها ـ فالمراد من الحکم العقلي هو الحکم العقلاني، بمدح فاعل بعض الافعال، و ذم فاعل بعضها الآخر لما فيه من المصلحۀ الموجبۀ لانحفاظ النظام، او المفسدۀ العامة الموجبۀ لاختلال النظام و فساد النوع، و هي الموجبۀ لبناء العقلاء علي المدح و الذم، فإنه اول موجبات حفظ النظام و موانع اختلاله»[1] .
هذا ما حققه في بيان حقيقة الحکم العقلي العملي و بيان اقسامه.
ثم افاد قدس سره:«و مبني الملازمۀ ان الشارع من العقلاء، بل رئيسهم و واهب العقل لهم، و هو منزه عن الاقتراحات الغير العقلائية و الاغراض النفسانيۀ.
فهو ايضاً ـ بما هو عاقل ـ يحکم بالمدح و الذم او مدحه ثوابه و ذمه عقابه کما عرفت تفصيل القول فيه في مبحث دليل الانسداد.
و حيث ان المدح و الذم من صفات الافعال الاختيارية، لاستحالۀ تعلقها بغير الاختياري، فلا بد من ان يصدر العنوان الممدوح او المذموم ـ بما هو ـ عن قصد و عمد لا ذات المعنون فقط.
فلو صدر منه ضرب اليتيم بالاختيار و ترتب عليه الادب من دون ان يصدر عنه بعنوان التأديب لم يصدر منه التأديب الممدوح.
و من الواضح ان صدوره بعنوانه بالاختيار ليس الا بکون الفعل بما له من العنوان الممدوح الملتفت اليه الذي لا دعاء له الا وجدان فاعله، صادراً منه بالارادۀ المتعلقۀ به بعنوانه.
و منه علم:
ان عنوان المضر مثلاً ليس بوجوده الواقعي محکوماً بالقبح حتي يشک في صدقه علي موضوع مفروض صدقه عليه سابقاً، بل بوجوده في وجدان العقل و هو مقطوع الارتفاع مع عدم احراز صدقه».[2]
و حاصل ما حققه في بيان الملازمۀ بين حکم العقل و حکم الشرع:
انه بعد ما تبين ان الحکم العقلي هو الحکم العقلائي، و الحکم العقلاني هو مدح فاعل بعض الافعال و ذم فاعل بعضها الآخر، و مبني هذا الحکم من العقلاء، التحفظ علي النظام العقلائي، و الاجتناب عن اختلال نظامهم بما يراه العقلاء من المصلحۀ الموجبۀ لحفظ النظام في بعض الافعال و المفسدۀ الموجبۀ لاختلاله في بعضها الآخر:
فبما ان الشارع من العقلاء، بل رئيسهم و أنه واهب العقل لهم، و هو منزه عن الاقتراحات الغير العقلائية و الاغراض النفسانية، فيحکم بالمدح و الذم، و يلازم حکمه حکم العقلاء دائماً.
الا ان مدح الشارع ثوابه و ذمه عقابه.
هذا ثم انه لما کان ايضاً ان المدح من صفات الافعال الاختيارية، و يستحيل تعلقها بعقل صادر لا عن اختيار فلا محالة يلزم ان يصدر العنوان الممدوح او المذموم عن قصد و اختيار، فلو لم يصدر العنوان المذکور – اي العنوان الممدوح او المذموم لا باختيار الفاعل و عن قصده و عمده لا يتصف بالمدح و لا بالذم، و في الحقيقة انه ليس متعلق المدح او الذم ذات الفعل المعنون، بل الفعل الصادر عن الفاعل المعنون بعنوان الممدوح عن قصد و اختيار.
ثم ان النقطۀ الاساسية في هذا المقام:
هو ان صدور الفعل بعنوانه بالاختيار ـ ليس الا بکون الفعل بما له من العنوان الممدوح الملتفت اليه الذي لا وعاء له الا وجدان فاعله ـ صادراً منه بالارادۀ المتعلقۀ بعنوانه.
و ضرورۀ ان ارادۀ المتعلقۀ بعنوانه وعائها وجدان فاعله. فيلزم في تحقق الفعل بما له من العنوان الممدوح الالتفات و التوجه في وجدان فاعله حتي تصدر الارادۀ المتعلقۀ به بعنوانه.
فيعلم منه:
ان عنوان المضر في الصدق مثلا ليس بوجوده الواقعي محکوماً بالقبح حتي يشک في صدقه علي موضوع مفروض صدقه عليه سابقاً، بل انما يکون محکوماً بالقبح بوجوده في وجدان العقل، و مع عدم احراز صدقه عليه و عروض شک فيه في وجدان العقل فهو مقطوع الارتفاع.
و بعباره اخرى واضحة:
ان مجيئ اي شک و ترديد في صدق العنوان علي الفعل الصادر ـ اي صدق عنوان المضر علي الصدق في المثال ـ يوجب القطع بارتفاع العنوان، لأن المناط في الحکم بالقبح احراز صدق العنوان علي الموضوع في وجدان العقل.
و لا يکفي لذلک کون الموضوع مما فرض صدق العنوان عليه سابقاً فيحکم ببقاء الصدق المذکور عند الشک.