درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/09/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب

وحاصل ما افاده قدس سره فی مقام دفع الاشکال:

انه قد مر فی کلام الشيخ قدس سره ان المانع الاساسي فی جریان الاستصحاب فی الاحکام الشرعيه المستندۀ الی حکم العقل أمران:

عدم احراز وحدۀ الموضوع بین القضیۀ المتیقنۀ والقضیۀ المشکوکة بزوال بعض اوصاف الموضوع کانتفاء الضرر عن الکذب، وینتفی بتبعه تحریم الشارع للکذب کذلک. ضرورۀ عدم تطرق الاهمال والاجمال فی موضوع حکم العقل، فإن فی حکم العقل یلزم احراز جمیع القیود الدخیلۀ فی مناط التحسین والتقبیح، ولولاه لم یستقل العقل به؛ لأن القیود فی القضایا العقلیۀ من الجهات التقییدیۀ الراجعۀ الی موضوع حکمه.

ومعه کيف یمکن جریان استصحاب الحرمۀ فی الکذب المضر، او ما یحتمل فیه الضرر، لأن مع احتمال دخل عنوان الاضرار فی موضوع الحکم الشرعی لا یحرز وحدۀ الموضوع بین القضیتین.

الاختلال فی الشک فی بقاء الموضوع فی استصحاب الحکم الشرعی الذی یکون مستندها حکم العقل.

وقد مر من الشيخ قدس سره:

«الا تری ان العقل اذا حکم بقبح الصدق الضار، فحکمه یرجع الی ان الضار من حیث انه ضار حرام، ومعلوم ان هذه القضیة غیر قابلۀ للاستصحاب عند الشک فی الضرر مع العلم بتحققه سابقاً.»[1]

وفی فرض زوال وصف الضرر لا یحکم العقل علی ذات الصدق بالقبح وبتبعه لا یحکم الشرع بالحرمة بمقتضی الملازمة، ومعه لا وجه لجریان الاستصحاب مع الشک فی بقاء الوصف المذکور.

وقد تعرض صاحب الکفایة قدس سره فی مقام الجواب عن الاشکال لکلا الأمرین فأفاد قدس سره بما محصله:

اما الأول وهو عدم امکان احراز وحدۀ القضيتين فی المقام:ان حکم العقل بقبح الصدق الضار اذا انتفی عنوان الاضرار ینتفی حکمه لا محالة بالقبح، لاحتمال دخل هذا العنوان فی مناط التحسین والتقبیح، ومع عروضه لا یتحقق مناط حکم العقل للتقبیح، ولکن ارتفاع حکم العقل فی المقام لا یمنع عن جریان استصحاب الحکم الشرعی المستند الیه، فلو شک فی بقاء حرمۀ الصدق الضار مع الشک فی رفع عنوان الاضرار یستصحب بقاء الحرمۀ.

وهنا لو کان تمام المناط فی وحدۀ الموضوع بین القضیتین الدقۀ العقلیة، فإنه لا یحرز بقاء الموضوع ای الصدق الضار، ومع عدم احراز هذه الوحدۀ لا وجه لجریان الاستصحاب.

ولکن هذا الاشکال لا یختص باستصحاب الاحکام الشرعیۀ الکلیۀ التی مستندها الحکم العقلی، بل یجری فی استصحاب الاحکام الشرعیۀ المستندۀ الی الادلۀ النقلیة.

ضرورۀ انه لو ورد حرمۀ الصدق الضار، واحتمل دخل عنوان الضار فی موضوع الحرمۀ، فلا وجه لجریان الاستصحاب اذا شک فی بقاء عنوان الاضرار؛ لعدم احراز وحدۀ الموضوع

وأما اذا کان المناط فی وحدۀ القضیتین النظر العرفی، فیلزم التفصیل بین العناوین والاوصاف العارضۀ علی الموضوع، بین ما کان من مقومات الموضوع و ما کان من حالاته، فإذا لم یحرز کون الوصف من مقومات الموضوع لأمکن جریان الاستصحاب عند الشک فی بقائه.

وعلیه فإن فی مثله وإن زال حکم العقل بالقبح بمجرد الشک فی بقاء عنوان الاضرار ، الا انه لا ینتفی حکم الشرعی بالحرمة مع الشک فی بقائه، ما لم یحرز کونه من مقومات الموضوع للحرمۀ.

هذا ثم ان صاحب الکفایة قدس سره بعد هذا التقریب اورد اشکالاً علی نفسه بقوله: ان قلت: وهو انه اذا زال حکم العقل بالقبح بعدم احراز عنوان الاحراز فی مقام البقاء، کیف یمکن تصویر بقاء حکم الشرع بالحرمۀ عند عدم احرازه والشک فی بقائه.

فإن المفروض فی المقام استکشاف الحکم الشرعی من الحکم العقلی بقاعدۀ الملازمۀ بین حکم العقل وحکم الشرعی، والتفکیک بین الحکمین ینافی هذه القاعدة.

وأجاب قدس سره عن الاشکال بقوله: قلت:وقد تعرض قدس سره فی مقام الجواب عن هذا الاشکال لوجه الثانی من الوجهین المتقدمین فی کلام الشیخ من الاشکال، وهو امکان تصویر الشک فی بقاء الموضوع الذی هو من ارکان الاستصحاب فی الاحکام الشرعیۀ التی مستندها الحکم العقلی.وحاصل ما افاده فی هذا المقام:

ان الملازمۀ بین حکم العقل وحکم الشرع جاریۀ، الا ان الملازمۀ المذکورۀ انما تکون فی جانب الوجود، لا فی طرف العدم توضیح ذلک:

انه لو استقل العقل بحکم، فحکم الشرع علی طبقه، فلو حکم بقبح الصدق الضار فیتبعه الشرع فی ذلک.

وأما اذا لم يحكم العقل بأمر اي لم يستقل بحكم، وذلك لطرو انتفاء ما احتمل دخله فيه، فمثلاً لم يحكم بقبح الصدق الضار لطرو انتفاء وصف الضار فيه، فلا يحكم الشرع لزوماً علي طبقه.

هذا ثم ان هذا التعبير عن كون الملازمة في جانب الوجود، لا في طرف العدم، ما افاده المحقق السيد مرتضي الفيروز آبادي في شرحه لكفاية الاصول، وتعبير المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في مقام الجواب عن الاشكال كون الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع في مقام الاثبات والاستكشاف لا في مقام الثبوت.

ونظره (قدس سره) الي وجود الوصف دخيل في العلم بالملاك، لا في اصل وجوده، ففي مثل الصدق الضار، ان وجود عنوان الضار دخيل في العلم بالملاك عند العقل، وهو العلم بانطباق عنوان الظلم الموجب للحكم بالقبح. والعقل مادام يحصل له العلم بوجود هذا الوصف واحرزه يحكم بالقبح.

وهذا هو مقام الاثبات والاستكشاف

ولكن وجود وصف الضار لا يكون دخيلاً في اصل وجود الملاك، ومعني ذلك انه يمكن ان يكون الملاك في الواقع ونفس الأمر اعم مما احرزه العقل بحده او بوجوده، مثل ان يكون للملاك في الواقع حدود وأحوال لا يمكن للعقل الا احراز بعضها، او ان يكون مع الملاك الذي احرزه العقل ملاك اخر لا يتكفل العقل لإحرازها، ولكن يمكن للشرع احراز الملاك في الواقع بجميع حدوده وأحواله وما يؤثر في الحكم غيره اي غير ما ادركه العقل. وهذا هو مقام الثبوت والواقع. وعليه فإن لملاك حكم العقل وعبر عنه صاحب الكفاية بالمصالح والمفاسد الموجبة للتحسين والتقبيح العقليين، مقام اثبات، ومقام ثبوت وواقع.

اما مقام الثبوت فمقام الاحراز والانكشاف عند العقل، مقام الثبوت مقام الواقع، وحقيقة المصالح والمفاسد الموجبة للتحسين والتقبيح العقليين، وهذا المقام ربما لا يتكفل العقل لادراكه في جميع الموارد بحقيقته وواقعه، بل انما يدرك بعضه. وعليه فلا ينطبق مقام الاثبات في الملاك المنكشف عند العقل لمقام الثبوت دائماً.

ويستلزمه عدم تمامية الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع دائماً في مقام الثبوت، لاختلاف حد الوقوف عليه بين العقل والشرع.

فإن العقل لا يمكنه استكشاف الملاك بجميع حدوده وأحواله وما معه من الملاك المؤثر غيره بمقدار يمكن للشرع استكشافه. ففرق بين العقل والشرع في حد استكشاف الملاك، واستكشاف العقل محدود واستكشاف الشرع غير محدود واسع.

وقد عبر صاحب الكفاية عن مقام الاثبات ـ بالمعني الذي عرفت في الملاك ـ بمقام الفعلية. وعبر عن مقام الثبوت بمقام الشأنية.

 


[1] فرائد الاصول، الشيخ مرتضی الانصاری، ج3، ص38.