درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب

ومنها: ـ ای من الاشکالات التی اورد علی جریان الاستصحاب فی الاحکام ـ

قال الشيخ  :

احدها- احدالوجوه فی اعتبار الشک فی البقاء- من‌ جهة أن‌ الشك‌ قد ينشأ من اشتباه الأمر الخارجي مثل الشك في حدوث البول أو كون الحادث بولا أو وذيا و يسمى بالشبهة في الموضوع سواء كان المستصحب حكما شرعيا جزئيا كالطهارة في المثالين أم موضوعا كالرطوبة و الكرية و عدم نقل اللفظ عن معناه الأصلي و شبه ذلك.

و قد ينشأ من اشتباه الحكم الشرعي الصادر من الشارع كالشك في بقاء نجاسة المتغير بعد زوال تغيره و طهارة المكلف بعد حدوث المذي منه و نحو ذلك.و الظاهر دخول القسمين في محل النزاع كما يظهر من كلام المنكرين حيث ينكرون استصحاب حياة زيد بعد غيبته عن النظر و البلد المبني على ساحل البحر. و من كلام المثبتين حيث يستدلون بتوقف نظام معاش الناس و معادهم على الاستصحاب.و يحكى عن الأخباريين اختصاص الخلاف بالثاني و هو الذي صرح به المحدث البحراني. و يظهر من كلام المحدث الأسترآبادي حيث قال في فوائده:اعلم أن للاستصحاب صورتين معتبرتين باتفاق الأمة بل أقول اعتبارهما من ضروريات الدين .

إحداهما: أن الصحابة و غيرهم كانوا يستصحبون ما جاء به نبينا صلى اللَّه عليه و آله إلى أن يجي‌ء ناسخه.

الثانية : أنا نستصحب كل أمر من الأمور الشرعية مثل كون الرجل مالك أرض و كونه زوج امرأة و كونه عبد رجل و كونه على وضوء و كون الثوب طاهرا أو نجسا و كون الليل أو النهار باقيا و كون ذمة الإنسان مشغولة بصلاة أو طواف... إلى أن يقطع بوجود شي‌ء جعله الشارع سببا لنقض تلك الأمور.

ثم ذلك الشي‌ء قد يكون شهادة العدلين و قد يكون قول الحجام المسلم و من في حكمه و قد يكون قول القصار و من في حكمه و قد يكون بيع ما يحتاج إلى الذبح و الغسل في سوق المسلمين و أشباه ذلك من الأمور الحسية انتهى).[1]

و لو لا تمثيله باستصحاب الليل و النهار لاحتمل أن يكون معقد إجماعه الشك من حيث المانع وجودا أومنعا.

إلا أن الجامع بين جميع أمثلة الصورة الثانية ليس إلا الشبهة الموضوعية فكأنه استثني من محل الخلاف صورة واحدة من الشبهة الحكمية أعني الشك في النسخ و جميع صور الشبهة الموضوعية.و أصرح من العبارة المذكورة في اختصاص محل الخلاف بالشبهة الحكمية ما حكي عنه في (الفوائد أنه قال في جملة كلام له‌إن صور الاستصحاب المختلف فيه راجعة إلى أنه إذا ثبت حكم بخطاب شرعي في موضوع في حال من حالاته نجريه في ذلك الموضوع عند زوال الحالة القديمة و حدوث نقيضها فيه.

و من المعلوم أنه إذا تبدل قيد موضوع المسألة بنقيض ذلك القيد اختلف موضوع المسألتين فالذي سموه استصحابا راجع في الحقيقة إلى إسراء حكم لموضوع إلى موضوع آخر متحد معه بالذات مختلف بالقيد و الصفات انتهى).[2]

والظاهر ان هذا الاشکال هو ما نقله صاحب الکفايه  بقوله:

«و أما الأحكام الشرعية سواء كان مدركها العقل أم النقل فيشكل‌ حصوله‌ فيها لأنه لا يكاد يشك في بقاء الحكم إلا من جهة الشك في بقاء موضوعه بسبب تغير بعض ما هو عليه مما احتمل دخله فيه حدوثا أو بقاء و إلا لما تخلف‌ الحكم عن موضوعه إلا بنحو البداء بالمعنى المستحيل في حقه تعالى و لذا كان النسخ بحسب الحقيقة دفعا لا رفعا».[3]

هذا وقد اجاب صاحب الکفايه  عنه:

«و يندفع هذا الإشكال: بأن الاتحاد في القضيتين‌ بحسبهما و إن كان مما لا محيص عنه في جريانه إلا أنه لما كان الاتحاد بحسب نظر العرف كافيا في تحققه و في صدق الحكم ببقاء ما شك في بقائه و كان بعض ما عليه الموضوع من الخصوصيات التي يقطع معها بثبوت الحكم له مما يعد بالنظر العرفي من حالاته و إن كان واقعا من قيوده و مقوماته كان جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية الثابتة لموضوعاتها عند الشك فيها لأجل طرو انتفاء بعض ما احتمل دخله فيها مما عد من حالاتها لا من مقوماتها بمكان من الإمكان ضرورة صحة إمكان دعوى بناء العقلاء على البقاء تعبدا أو لكونه مظنونا و لو نوعا أو دعوى دلالة النص أو قيام الإجماع عليه قطعا بلا تفاوت‌ في ذلك بين كون دليل الحكم نقلا أو عقلا».[4]

واساس بيانه  :ان المعتبر فی الاستصحاب وحدۀ الموضوع بین القضیتین الا ان المدار فی الوحده النظر العرفی، دون النظر الدقی العقلی فاذا وقع الاختلال فی بعض اوصاف الموضوع مما لا یراه العرف مقوماً له فانه لا یشک العرف فی بقاء الموضوع .نعم، لو یراه العرف مقوماً، فلا یری بقاء الموضوع الا ان فی المقام فرقا بین العرف والعقل فی تشخیص المقوم للموضوع وما یکون من حالاته، فربما یری العقل بعض الاوصاف مقدماً للموضوع ویری العرف کونه من حالاته، والمعیار فی وحدۀ القضیتین هو نظر العرف دون العقل، فاذا لم یحرز العرف کون هذه الاوصاف من مقومات الموضوع وشک فی بقائه فانما یستصحب الحکم فی موضوعه لصدق عنوان بقاء الموضوع المتیقن عنده وهذا ما صرح به الشیخ  . فانه افاد فی القول الخامس من اقوال الاستصحاب فی مقام الجواب عن ایراد المحدث الاسترآبادی و قال:

«و ثانيا بالحل: بأن اتحاد القضية المتيقنة و المشكوكة -الذي يتوقف صدق البناء على اليقين و نقضه بالشك عليه- أمر راجع إلى العرف لأنه المحكم في باب الألفاظ ....».[5]

وقد اکد  علی هذا المعنی فی موارد متعدده. واساس نظره صدق عنوان بقاء الموضوع فیما کانت الاوصاف الطارئۀ من الحالات عنده، ولا یحرز کونها من مقومات الموضوع .

وقد مر تاکید صاحب الکفایۀ علی هذا المعنی بقوله: « إلا أنه لما كان الاتحاد بحسب‌ نظر العرف‌ كافيا في تحققه و في صدق الحكم ببقاء ما شك في بقائه ».[6]

 


[1] الفوائد المدنيه، محمد امين الاسترآبادی، ص143.
[2] الفوائد المدنيه، محمد امين الاسترآبادی، ص143.
[3] كفاية الاصول، الآخوندمحمدکاظم الخراساني، ص386.
[4] كفاية الاصول، الآخوندمحمدکاظم الخراساني، ص386.
[5] فرائد الاصول، الشيخ مرتضی الانصاري، ج3، ص119.
[6] كفاية الاصول، الآخوندمحمدکاظم الخراساني، ص386.