درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/12/14

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس

الوجه الثاني:ما مر من صاحب الکفايه (قدس سره) في حاشيته علي الرسائل، وتقريره علي ما افاده المحقق الاصفهاني (قدس سره) بقوله:

ثالثها: « الالتزام بعدم تكليف الناسي ولو بما عدا المنسى واقعا مع كون اتيان ما عدا المنسى ذا مصلحة ملزمة في حقه لئلا يلزم خلاف الاجماع والضرورة.

وانما لم يؤمر بما عدا المنسى لان الانشاء بداعي جعل الداعي ليس إلا لبعث المكلف وحمله على المطلوب منه واقعا، وحيث إن الغافل غافل عن غفلته فيرى توجه التكليف إليه لاعتقاده أن ما التفت إليه من الاجزاء هو تمام المطلوب منه، فمع وجود ما يحركه بحسب اعتقاده لا مجال لتحريكه نحو ما عدا المنسى، وحيث إن الفعل ذا مصلحة ملزمة في حقه ومحبوب منه واقعا فيصدر الفعل منه قريبا. ولا بد في هذا الوجه أيضا من تقييد الامر بالتمام بالملتفت، وإلا لو كان بعنوان المكلف لعم الناسي واقعا فيجب عليه التمام بعد زوال غفلته، غاية الامر أن الناسي يرى نفسه ملتفتا إلى التمام كسائر المكلفين لغفلته عن غفلته...»ثم انه (قدس سره) اجاب عنه بقوله:« ولم يتعرض شيخنا العلامة الأستاذ - قده - لهذا الجواب في الكتاب مع تعرضه له أيضا في تعليقته الأنيقة على رسالة البراءة. ولعله: لأجل أن ما اعتقده من الامر وتحرك على طبقه لم يكن في حقه فلا إطاعة حقيقة للامر، حيث لا أمر، وأما محبوبيته واقعا فكفى بها مقربه له، لكنه ما أتى بالفعل بداعي محبوبيته فما يصلح للدعوة المقربة ما دعاه وما دعاه لا واقعية له حتى يضاف الفعل إلى المولى بسبب الداعي من قبله.

والامر وإن كان بوجوده العلمي داعيا وهو غير متقوم بوجوده العيني لكنا قد بينا سابقا أن كون الفعل إطاعة لأمر المولى حقيقة بوجوده الواقعي باعتبار أن الامر بوجوده العلمي صورة شخصه، فينسب إلى الصورة بالذات وإلى مطابقها بالعرض، وإذا لم يكن لها مطابق فلا أمر من المولى حقيقة حتى يكون الفعل إطاعة حقيقية بل انقيادا وهو حسن عقلا لا عبادة شرعا هذا، إلا إذا فرض ترتب المصلحة على العمل المأتى به ولو بعنوان الانقياد وهو كلام آخر.»[1]

ويمکن ان يقال:ان عمده الاشکال في الکلمات:ما مر من الشيخ من عدم امکان تعلق التکليف نحو الناسي لعدم صلاحيته للمحرکيه، وأن التکليف بما عد المنسي هو تکليف ناقص لا يصلح للداعويه، مع انه ليس هو الداعي للناسي، لأنه يأتي به بداعي التکليف التام، وأن في فرض تعلق التکليف بالمنسي بخصوص الذاکر فإنما هو تکليف ضمني غير مستقل متحد مع التکليف بما عدا المنسي، لا داعويه فيه للذاکر الا بتماميته وکماله، وأما بالنسبه الي الناسي فليس هنا الا تکليف ناقص لا داعويه فيه الا مع ضم الجزء المنسي.وعليه:فإن الوجه الاول وهو ما نقله النائيني (قدس سره) عن الشيخ وهو امکان تحقق الامتثال للناسي بالالتفات الي ما ينطبق عليه من العنوان ولو کان من باب الخطأ في التطبيق....وإن کان ربما يدفع عنه اشکال کون الناسي لا يلتفت الي نسيانه في ذلك الحال، فلا يمکنه امتثال الامر المتوجه اليه، لأن الامر فرع الالتفات الي ما اخذ عنواناً للمکلف....بأن الناسي يلتفت الي ما ينطبق عليه من العنوان، وما اخذ عنواناً للمکلف ولو من باب الخطأ في التطبيق. نظير قصد الامر بالاداء والقضاء في مکان الآخر.الا انه قابل لأن يرد عليه بأن مورد تعلق التکليف بالناسي مع عدم التفاته دائماً الي عدم کونه متعلقاً للتکليف التام هل يصلح للداعويه بالنسبه اليه، فإنه ليس متعلقاً للتکليف التام، وإن ما يدعو اليه غير ملتفت به وما يلتفت اليه لا يدعوا اليه، والالتزام بالصحة في المقام يستلزم الالتزام بصحه کل ما اتي به المکلف مع نقصانه او زيادته جهلاً او غفله من باب الخطأ في التطبيق.هذا مع ان قياس المورد بباب الاداء والقضاء مع الفارق لعدم امکان الالتفات في عمل الناسي بخلاف مورد الاداء والقضاء، فإن في موردهما کان المکلف موضوعاً للتکليف ووقع الخطاب في انطباقه علي ما توجه عليه من الامر.وفي المقام لا يقع خطأ من هذه الجهه لأنه ليس لنا امر توجه الي الناسي، وکان الناسي موضوعاً له، مضافاً الي الأمر بالتمام لعامه المکلفين، لأنه ليس موضوعاً للامر بالتام، وليس هنا امر اخر وقع في الخطأ فيه بالنسبه الي تطبيقه.نعم، يمکن تصوير الخطأ في تطبيق الموضوع، بأنه مع عدم کونه موضوعاً للخطاب زعم نفسه موضوعاً خطأ، مثل ما لو زعم غير المستطيع نفسه مستطيعاً خطأ، او زعم غير المستحق نفسه مستحقاً خطأ، فإن الخطأ في التطبيق في مثله لا يوجب تصحيح ما اتي به بالنسبه الي ما يترتب عليه من الآثارهذا مع:ان مثل الاداء والقضاء، لا يتم تصحيح العمل الا مع فرض دليل خاص عليه، وأما مقتضي القاعده عدم الاجزاء من حيث عدم مطابقه المأتي به للمأمور به، ومثله ايضاً في مورد الجهر والاخفات والقصر والتمام، فإنه لولا دلاله الدليل بخصوصه لم نلتزم بالاجزاء.والدليل الخاص في مثله انما يحکي عن کفايه المأتي به عن الغرض دون المأمور به، اذ ليس يتعلق بما اتي به امر.اما الوجه الثاني، وهو ما افاده صاحب الکفايه في حاشية الرسائل:وهو الالتزام بعدم تکليف الناسي ولو بما عدا المنسي واقعاً، مع کون ما عدا المنسي ذا مصلحه ملزمه في حقه، لئلا يلزم خلاف الاجماع والضروره.

وأفاد المحقق الاصفهاني في تقريبه: انه يلزم فيه تقييد الأمر بالتمام بالملتفت لأن مع تعلقه بالمکلف لعم الناسي ولازمه وجوب الاتيان بالتمام بعد زوال النسيان.

وقد مر ايراده قدس سره عليه:بأنه اذا لم يکن للمأتي به مطابق حقيقة فلا امر من المولي نحوه، فلا اطاعه، بل المتحقق هو الانقياد، الا اذا فرض ترتب المصلحه عليه بعنوان الانقياد.

ويمکن ان يقال: ان هذا الوجه يرجع الي المقام الثاني من البحث، وهو کفايه غير المأمور به عن المأمور به، وکون ما اتي به مسقطاً للفرض، وسيأتي الکلام فيه.

هذا مع ان هذا التصوير لو تم يتوقف على قيام الدليل في مقام الاثبات علي وجود المصلحه المذکوره في المأمور به، وکاشفية الادله عنه، فهو دليل راجع الي مقام الاثبات، وإن کان تصويره ممکناً ثبوتاً.هذا وقد ظهر:ان الوجه الابعد عن الاشکال في هذا المقام اي مقام، کون المأتي به من الناسي هو المأمور به في حقه ثبوتاً، ما مر من المحقق الاصفهاني قدس سره من ان في غير الارکان کان الجزء مقيداً بالالتفات، فلا يتعلق بالنسبه الي الناسي الأمر بالفاقد ـ وان کان غير موضوع له في فرض عدم الالتفات، ولا يلزمه الاعاده بالاتيان بالفعل التام بعد زوال الغفلة.وهذا قابل للتصوير ثبوتاً، اي تعقل تعلق التکليف بهذا النحو. الا انه يلزمنا في مقام الاثبات اثبات امرين:

1 ـ الفرق بين الرکن و غيره.

2 ـ قيام الدليل علي اختصاص غير الرکن من الأجزاء بالملتفت.

وسيأتي الکلام في امکان مساعده مقام الاثبات له.

 


[1] نهاية الدراية في شرح الكفاية، محمد حسين الأصفهاني، ج4، ص339 و 340.