درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/12/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس

ثم ان هنا وجهان آخران في تعلق الأمر بالناسي غير ما افاده في الكفاية:

الوجه الاول: ما حكاه المحقق النائيني (قدس سره) عن تقريرات بعض الاجلة لبحث الشيخ في مسائل الحلال، وأفاد المحقق الكاظميني ـ مقرر المحقق النائيني (قدس سره)ما ـ هو الي الان لم يطبع، وهو حسب نقله:

«وحاصله يرجع إلى إمكان أخذ الناسي عنوانا للمكلف وتكليفه بما عدا الجزء المنسي. بتقريب: أن المانع من ذلك ليس إلا توهم كون الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في ذلك الحال فلا يمكنه امتثال الامر المتوجه إليه، لان امتثال الامر فرع الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف. ولكن يضعف ذلك:بأن امتثال الامر لا يتوقف على أن يكون المكلف ملتفتا إلى ما اخذ عنوانا له بخصوصه، بل يمكن الامتثال بالالتفات إلى ما ينطبق عليه من العنوان ولو كان من باب الخطأ في التطبيق، فيقصد الامر المتوجه إليه بالعنوان الذي يعتقد أنه واجد له وإن أخطأ في اعتقاده، والناسي للجزء حيث لم يلتفت إلى نسيانه بل يرى نفسه ذاكرا فيقصد الامر المتوجه إليه بتخيل أنه أمر الذاكر، فيؤول إلى الخطأ في التطبيق، نظير قصد الامر بالأداء والقضاء في مكان الآخر.

فأخذ " الناسي " عنوانا للمكلف أمر بمكان من الامكان ولا مانع عنه لا في عالم الجعل والثبوت ولا في عالم الطاعة والامتثال.»[1]

واورد عليه المحقق النائيني (قدس سره):«... ولكن لا يخفى ما فيه: فإنه يعتبر في صحة البعث والطلب أن يكون قابلا للانبعاث عنه بحيث يمكن أن يصير داعيا لانقداح الإرادة وحركة العضلات نحو المأمور به ولو في الجملة، وأما التكليف الذي لا يصلح لان يصير داعيا ومحركا للإرادة في وقت من الأوقات، فهو قبيح مستهجن.

ومن المعلوم: أن التكليف بعنوان " الناسي " غير قابل لان يصير داعيا لانقداح الإرادة، لان الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في جميع الموارد، فيلزم أن يكون التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطأ في التطبيق، وهو كما لا ترى مما لا يمكن الالتزام به.

وهذا بخلاف الامر بالأداء والقضاء، فان الامر بهما قابل لان يصير داعيا ومحركا للإرادة بعنوان الأداء أو القضاء، لامكان الالتفات إلى كون الامر أداء أو قضاء ويمكن امتثالهما بما لهما من العنوان.

نعم: قد يتفق الخطأ في التطبيق فيهما، وأين هذا من التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطأ في التطبيق ؟ كما فما نحن فيه، فقياس المقام بالامر بالأداء أو القضاء ليس على ما ينبغي. »[2]

الوجه الثاني:ما مر من صاحب الکفايۀ (قدس سره) في حاشيته علي الرسائل، وتقريره علي ما افاده المحقق الاصفهاني (قدس سره) بقوله: ثالثها:« الالتزام بعدم تكليف الناسي ولو بما عدا المنسى واقعا مع كون اتيان ما عدا المنسى ذا مصلحة ملزمة في حقه لئلا يلزم خلاف الاجماع والضرورة.وانما لم يؤمر بما عدا المنسى لان الانشاء بداعي جعل الداعي ليس إلا لبعث المكلف وحمله على المطلوب منه واقعا، وحيث إن الغافل غافل عن غفلته فيرى توجه التكليف إليه لاعتقاده أن ما التفت إليه من الاجزاء هو تمام المطلوب منه، فمع وجود ما يحركه بحسب اعتقاده لا مجال لتحريكه نحو ما عدا المنسى، وحيث إن الفعل ذا مصلحة ملزمة في حقه ومحبوب منه واقعا فيصدر الفعل منه قريبا.

ولا بد في هذا الوجه أيضا من تقييد الامر بالتمام بالملتفت، وإلا لو كان بعنوان المكلف لعم الناسي واقعا فيجب عليه التمام بعد زوال غفلته، غاية الامر أن الناسي يرى نفسه ملتفتا إلى التمام كسائر المكلفين لغفلته عن غفلته...»[3]

 


[1] فوائد الاصول، الشيخ محمد علي الكاظمي الخراسانی، ج4، ص211.
[2] فوائد الاصول، الشيخ محمد علي الكاظمي الخراسانی، ج4، ص211 و 212.
[3] نهاية الدراية في شرح الكفاية، محمد حسين الأصفهاني، ج4، ص339.