درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس

وأما موضوعها: فهو وان أمكن أن يكون من الجواهر المركبة من الجنس والفصل، لكن عرفت عدم الانحلال فيها حتى إذا كانت من قبيل المطلق والمقيد، فلا أثر لكونها من قبيل العام والخاص. ومن يدعي الانحلال في المطلق والمقيد من جهة ثبوت التقيد بين الفعل وخصوصية موضوعه، فهو يقول به في العام والخاص أيضا، لان الفعل أيضا مقيد بخصوصية الموضوع في مورده وان اتحد وجود الخصوصية مع ذي الخصوصية. وبالجملة: لا فرق بين العام والخاص والمطلق والمقيد من هذه الجهة. فلاحظ. هذا حكم دوران الامر بين الطبيعي ونوعه. وأما لو دار الامر بين الطبيعي وفرده الجزئي، كدوران الامر بين الانسان وزيد.

فان قلنا: بان التفرد يحصل بنفس الوجود، فالنوع والفرد متحدان وجودا لا تغاير بينهما أصلا، لان وجود الطبيعي بوجود فرده، وليس لكل منهما وجود منحاز عن وجود الاخر، فالحكم فيهما من حيث الانحلال المبتني على الانبساط حكم الطبيعي ونوعه.

وان قلنا: بان التفرد لا يحصل بمجرد الوجود، بل بلوازم الوجود من من المكان والزمان وسائر العوارض، فبما ان هذه من المقولات التي يلتزم بان لها وجود مستقل عما تقوم به، فيكون الشك في الفرد نظير الشك في اعتبار شرط زائد، وقد عرفت الكلام فيه.»[1]

ويمكن ان يقال:ان الاحكام الشرعية اعتبارات مجعولة من ناحية الشرع، وفي مقام الاعتبار يلزم تصوير المتعلق والموضوع.فإن الموضوع هو المكلف ولكن بحدوده وقيوده المأخوذة في متعلق التكاليف، فإن الموضوع لوجوب للحج هو المكلف المستطيع، والاستطاعة انما اخذت شرطاً في متعلق الوجوب وهو الحج.فمدار البحث في المقام هو المتعلق ويبحث في انه هل اعتبر الحكم فيه علي نحو الاطلاق او التقييد، وعلي نحو العام او الخاص، كالصلاة والصلاة مع التستر، وعتق الرقبة، وعتق الرقبة المؤمنة....والصلاة والعتق كالصوم والحج ودفع الخمس من افعال المكلفين فهي من الاعراض ولا يجري فيه حديث الجنس و الفصل.وكل ما اخذ من القيود والخصوصيات في هذه المتعلقات اعتبار موجب لتقيد الفعل وتخصصه بخصوصية؛ فالصلاة المتعلقة للوجوب هي الصلاة مع اعتبار خصوصية الستر فيها وعتق الرقبة مثلا هو عتق الرقبة مع اعتبار خصوصية الايمان في الرقبة، وهكذا.وأما ما يتعلق به هذه المتعلقات وموضوعها كالرقبة المتعلقة للعتق الذي هو متعلق للوجوب في المقام او الغناء الذي هو متعلق السماع المحرم في حرمة الغناء الذي يعبر عنه بالموضوع وهو الذي يقال فيه ان المعيار فيه نظر العرف كالغنيمة التي هي موضوع للخمس اي دفع الخمس المتعلق للوجوب، وهو ليس بأمر اعتباري، كما انه ليس من الاعراض، وهو مما يتصور فيه الجنس و الفصل.وحيث ان الشارع مثل كل مقنن وجاعل لابد له عند اعتبار حكمه من تصور متعلق حكمه، ومتعلق متعلقه وهو الموضوع، فلا محالة يسري اطلاق اعتباره و تقييده وكذا عمومه وخصوصه اليه.فتصوير الاطلاق والعموم في السماع الذي اعتبر محرماً يسري لا محالة الي الغناء، وكذا تقييده وتخصيصه، وتصويرهما في العتق الواجب يسري الي الرقبة وكذا التقييد والتخصيص.وهذه النقطة هي مورد البحث في المقام، وإن كان الاطلاق والعموم ومقابلهما ربما يجري بحثه في موضوع التكليف وهو المكلف لأنه بحسبه ايضاً يختلف اعتبار الشارع كما في المستطيع وغيره في وجوب الحج، كما في الشك في مفهوم الاستطاعة ودوران الامر فيه بين الاستطاعة العرفية والاستطاعة الشرعية الا ان البحث في دوران الأمر بين الاقل والاكثر يجري عمدة في دوران الأمر بينهما في متعلق المتعلق وهو الموضوع.والمهم في المقام هو:ان البحث في دوران الامر بين الاقل والاكثر فيه انما يكون من ناحية اعتبار الشارع في مقام الجعل والاعتبار، ويدور الامر في هذا المقام بين اعتبار الشارع علي نحو العام والمطلق، او علي اعتباره امراً زائداً فيه من الخصوصية والقيد. وأما حديث الاطلاق والتقييد والعام والخاص فإنه لا فرق بينهما من جهة كيفية اعتبار الشرع، لأن العموم هو السعة في موضوع الاعتبار ويكون الدال عليه اللفظ، والاطلاق هو نفس السعة فيه، ولكن الدال عليه لا يكون هو اللفظ، بل القرينة العقلية المستفادة من عدم لحاظ التقييد في بيانه مع كونه في مقام بيان تمام مراده. ولا تفاوت ماهوي بينهما من جهة اعتبار الشارع، فإن في مقام الاعتبار تارة يلحظ الموضوع بسعة، وتارة لا يلحظ بسعته، بل انما يلاحظ الموضوع مع اعتبار خصوصية فيه، واعتبار الخصوصية مشترك بين التخصيص والتقييد. ومنه يعلم، ان التفاوت بين العام والخاص وبين المطلق والمقيد بأن وجود الخاص عين وجود العام وأن وجود القيد غير وجود المطلق، وإن كان قابلاً للتصوير في المقام الا انه لا تفاوت بينهما فيما هو المهم في المقام، وهو دوران الاعتبار بين السعة والخصوصية وأن الخصوصية دائماً تنشأ من اعتبار الموضوع لا بسعته بل باعتبار زائد وهو اعتبار الخصوصية فيه.وفي هذا المقام لا شبهة في ان الشك في اعتبار الخصوصية مجري البرائة عقلاً ونقلاً، بلا فرق فيه بين العام والخاص والمطلق والمقيد.

 


[1] منتقى الأصول، السيد عبد الصاحب الحكيم، ج5، ص240 و 242.