درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/09/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس

ولعل نظر الشيخ (قدس سره) الي هذه الجهة فيما افاده من ان الغرض والملاك لا يوجب تعنون الاجزاء بعنوان يكون تمام الموضوع للمطلوبية والوجوب كالمحصل في مثل أوامر الطبيب بصناعة الدواء المركب من الاجزاء المختلفة، وقيام الغرض فيه بنفس المركب، وأنه ليست الاجزاء الا يحققه ويحصله للعنوان الذي قام الغرض به.

الا ان الشيخ ارجع الأمر الي موارد عدم وجود المصلحة او عدم ابتناء الاحكام علي المصالح والمفاسد في نفس الأمر، الا ان غرضه (قدس سره) ان الملاك في الحكم لا يتكفل لتعنون المركب بعنوان كان تمام الموضوع في مقام المطلوبية كالمحصل.

وبالجملة: ان ما حققه المحقق العراقي في غاية القوة وأنه ليس للانضمام دخل الا علي نحو القضية الحينية وعلي تعبيرنا الظرفية.

ثم ان ما كان الشيخ (قدس سره) بصدد تبينه هو انه بعد ما لم يكن للانضمام دخل اكثر من الظرفية، فلا محالة يرجع الأمر في الاقل والاكثر الي تعلق الوجوب بالاجزاء، وكان بعضها معلوماً من حيث عروض الوجوب عليه وبعضها مشكوكاً، بأن لا يعلم انه واجب في ضمن الاجزاء الآخر او لا، فهنا كان المعيار حكم العقل الحاكم في مقام الاطاعة في كيفية الامتثال وما يلزمه المكلف عقلاً في هذا المقام. وأنه لا يكلف اكثر بما هو المعلوم عنده من الاجزاء والشرائط، وأما ما شك فيه وليس فيه له اكثر من الاحتمال، فإنه لا يعد عاصياً بتركه، وإنما يتحقق الامتثال عقلاً باتيان المعلوم وما قام البيان علي مطلوبيته، وأما فيما زاد عنه تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان.وهذا بخلاف موارد الشك في المحصل حيث ان المطلوب فيها العنوان المحصل، والاجزاء محصلة له، وكلما شك في اعتبار جزء فإنه يشك في تحقق العنوان المحصل وعدم تحقق الغرض، فيشك في الامتثال هو مجري الاحتياط عقلاً.وعليه فما افاده المحقق العراقي (قدس سره) في المقدمة الثالثة من ان القلة والكثرة من حدود الواجب، وأن ذات الواجب غير مردد.وليس الواجب مجمع الوجودين ليرجع التردد الي ذات الواجب، بل الواجب هو مجمع الحدين وأن العلم الاجمالي انما كان بين حدي الوجوب الطاريء بالعرض علي معروضه، لأن الحدود من عوارض الشيء وإنما تعرض علي ذات الشيء، فليس لنا تردد في ذات الواجب ومصب الحكم بوجوب الاطاعة ذات الوجوب وحيث وجوده.وأنه لا يكون لنا الا علم تفصيلي في المقام بمرتبة من التكليف وهو الاقل، وشك بدوي بمرتبة اخري منه متعلقة بالزائد.وبالجملة:انه لا موضوعية للانضمام والارتباطية كما هو ظاهر تعنون البحث بالاقل والاكثر الارتباطيين. وأنه لا دخل للانضمام الا علي نحو الظرفية والقضية الحينية كما افاده المحقق العراقي (قدس سره).ومنه ظهر:ان ما افاده المحقق صاحب الحاشية من اعتبار ماهية الاقل علي نحو لا بشرط، واعتبار الاكثر بشرط شيء فيتباينان، ويكون الترديد بينهما من الترديد من المتباينين، مما لا وجه له:

وذلك: لما مر في كلام المحقق النائيني في جواب المحقق المذكور (رضوان الله عليهما)، وإن كان الظاهر عدوله عنه بعد ذلك في مقام تبيين مختاره، وكذا في كلام المحقق النائيني، من عدم تباين الماهيتين، وأنه ليس التقابل بينهما من تقابل التضاد، لأن الماهية اللابشرط القسمي هي الماهية الملحوظة التي لوحظ غيرها معها، ولم يؤخذ ذلك الغير فيها لا وجوداً ولا عدماً، ولذا قيل بأن لحاظ الاطلاق هو لحاظ اللابشرط القسمي، وبما ان هذا اللحاظ غير لحاظ بشرط شيء او بشرط لا، الا انه لا يضاده ولا ينافيه، بل شاع بينهم ان اللابشرط يجتمع مع الف شرط، والتنافي بينهما انما يكون من التنافي البدوي كتنافي المطلق والمقيد، فهما قابلان للجمع فلا يرجع الترديد بينهما الي الترديد بين المتباينين، كما لا يرجع الترديد بين المطلق والمقيد الي التعارض.

هذا مضافاً:الي عدم تمامية تنزيل الاكثر منزلة الماهية بشرط شئ.وذلك:لأن الماهية بشرط الشيء هي الماهية الملحوظة مع غيرها ولوحظ ذلك الغير دخيلاً في ذاتها وهويتها، وأن لحاظ ذاتها فارغة عن الغير لحاظ بدوي يحصل في مقام التحليل العقلي، فحقيقتها الماهية المنضمة بالغير بمعني التقييد، فلا يعقل تعلق ارادة نحوها الا مع التقييد المذكور وهذا بخلاف المقام:حيث ان الارادة انما تعلقت بنفس الاجزاء. وأن في مقام عروض الوجوب المعلول للارادة، لا موضوعية لحيثية الانضمام، وإنما كان الانضمام من الأمور المنتزعة الناشية من وحدة الارادة والأمر نحو الاجزاء المتعددة، وأما في مقام عروض الارادة في مظهر الوجوب لم يكن من حيثية الانضمام عين ولا اثر، كما انه لا موضوعية للعنوان الجامع او عنوان المركب في مقام عروض الارادة والوجوب، وإنما هو اعتبار او انتزاع في المرتبة المتأخرة عن عروض الوجوب.نعم:لو التزمنا بأن الاكثر في المقام انما كان اعتباره نظير اعتبار الماهية بشرط شيء، بأن التزمنا في المقام ان الانضمام كان اعتباره علي نحو التقييد لكان القول بأن الماهية اللابشرط لا ينافي الماهية بشرط شئ، ذا اثر في عدم اندراج التردد المقام في المقام من التردد بين المتباينين، ولعل كلام المحقق النائيني (قدس سره) راجع الي هذه الجهة.توضيح ذلك:ان المحقق النائيني (قدس سره) افاد في مقام الجواب عن المحقق صاحب الحاشية القائل باندراج المورد في التردد بين المتباينين، انه لا وجه لهذا التنظير لعدم التنافي بين الماهية لا بشرط والماهية بشرط شئ. بل يمكن الجمع بينهما.وفي مقام تبيين مختاره افاد بأن حصول العلم التفصيلي بوجوب الاقل وإن كان مسلماً الا ان هذا العلم التفصيلي حصوله عين حصول الاجمال، في ان الاقل هل اعتبر في مقام تعلق الوجوب علي نحو اللابشرط او علي نحو بشرط شئ.وأورد عليه المحقق العراقي بلزوم التناقض في كلامه.ولكن تمام مراد المحقق النائيني قدس سره ان الانضمام قيد في مقام اعتبار الوجوب والتكليف في المركبات، وبذلك يكون وجوب الاكثر من اعتبار البشرط شئ، لتقييد الاقل بالانضمام بالزائد علي تقدير وجوب الاكثر في الواقع، وهذا التردد في متعلق الوجوب اي كونه الاقل وهو اللابشرط بالنسبة الي الزيادة او الاكثر، وهو كون الاقل بشرط بالنسبة اليها باق حتي بعد حصول العلم التفصيلي بوجوب الاقل، لأن حصول العلم بالتفصيلي بوجوب الاقل انما يكون في الجملة اي مع حفظ التردد المذكور ومعه اختار الوجه في المقام جريان الاحتياط عقلاً للشك في تحقق الامتثال بعد الاتيان بالاقل.ولكنه قدس سره مع حفظ هذا المبني اي اخذ الانضمام بعنوان القيد، افاد بأنه لا تنافي بين الماهية اللابشرط والماهية بشرط شيء لأن التقابل بينهما ليس من قبيل تقابل التضاد، وعليه فلا يندرج مورد التردد بين الاقل والاكثر الارتباطيين في مورد التردد بين المتباينين. وهذا كان في مقابل قول صاحب الحاشية من اندراجه فيه. وعليه فالظاهر عدم التنافي بين ما افاده في جواب صاحب الحاشية وبين ما افاده في مقام تبيين مختاره، فضلاً عن التناقض. وإن كان يوهم ذلك ذيل كلامه فراجع.

نعم، ما افاده في مقام تبيين مختاره من الالتزام بالتقييد في اعتبار الانضمام في المركبات الشرعية لا يمكن المساعدة عليه، وأنه لا اعتبار للانضمام الا علي نحو الظرفية في هذه المركبات والقضية الحينية علي ما افاده المحقق العراقي (قدس سره).