درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/06/29

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس

هذا ما افاده (قدس سره) في تبيين مراد الشيخ و التزامه بالتفصيل بين ما كان للزمان دخل في الخطاب والملاك نظير مثال الحيض وبين ما لا يكون له دخل فيهما نظير مثال الربا و النذر فالتزم بعدم تنجيز العلم الاجمالي في الاول وتنجيزه في الاخير.

وقد اورد علي الشيخ في خصوص الاول – وهو فيما كان للزمان دخل في الخطاب والملاك نظير مثال الحيض – بأنه يلزم الالتزام فيه بتنجيز العلم الاجمالي، لأن الاصول المرخصة وإن كانت جارية في المقام حسب القاعدة المفروضة في تنجيز العلم الاجمالي علي مسلك الاقتضاء وانه لا تعارض في جريانهما في الاطراف الا ان العقل يقتضي بقبح المخالفة ولزوم التحفظ علي غرض المولي المعلوم في البين بعين ما يلتزمون في المقدمات المفوتة.

هذا ثم انه (قدس سره) اورد علي الشيخ ايضاً فيما افاده من ان العلم الاجمالي بوقوع المعامله ربوية في احد طرفي في النهار، كما لا يمنع عن جريان الاصول العمليه كذلك لا يمنع عن جريان الاصول اللفظيه، فيصح التمسك بمثل: احل الهم البيع، لصحة كل من البيع الواقع في اول النهار وآخره، كما لو كانت الشبهة بدويه ثم ضعفه بابداء الفرق بين الاصول اللفظيه والاصول العمليه من غير بيان الفارق.

«تذييل: لو بنينا في الموجو دات التدريجية على عدم وجوب الموافقة القطعية فلا تحرم المخالفة القطعية أيضا، لعدم تعارض الأصول، فيرجع في كل شبهة إلى الأصل الجاري فيها، ففي مثل الحيض يرجع إلى استصحاب الطهر وأصالة البراءة عن حرمة الوطي ودخول المساجد ونحو ذلك في كلا طرفي الشهر، وفي مثل المعاملة الربوية يرجع إلى أصالة الحل من حيث التكليف وأصالة عدم النقل والانتقال من حيث الوضع.

ولا يجوز التمسك بالعمومات لاثبات النقل والانتقال لخروج المعاملة الربوية عنها، ولا يجوز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية كما فيما نحن فيه، لأن المفروض العلم بوقوع معاملة ربوية في هذا اليوم أو الشهر والشك في أنها تقع في أوله أو آخره، وكذا لا يجوز الرجوع إلى أصالة الصحة الجارية في العقود إجماعا الحاكمة على أصالة عدم النقل والانتقال، لان مورد أصالة الصحة هو العقد الواقع المشكوك في صحته وفساده، لا العقد الذي لم يقع بعد، كما في المقام، لأنه قبل صدور المعاملة في أول النهار وآخره يشك في صحتها وفسادها، والمرجع في مثل ذلك ليس إلا أصالة عدم النقل والانتقال.

ولا ملازمة بين الحلية التكليفية وصحة المعاملة، لعدم كون الصحة والفساد فيها مسببا عن الحلية والحرمة التكليفية، ولذا لا تصح المعاملة الربوية من الناسي والجاهل القاصر مع عدم الحرمة التكليفية في حقهما، فلا منافاة بين أصالة الحل من حيث التكليف وأصالة الفساد من حيث الوضع، لأنه لا حكومة لاحد الأصلين على الآخر لكي يكون أحدهما رافعا لموضوع الآخر.

وبما ذكرنا:

ظهر فاسد ما ذكره الشيخ - قدس سره - أخيرا: من أن العلم الاجمالي بوقوع معاملة ربوية في أحد طرفي النهار كما لا يمنع من جريان الأصول العملية، كذلك لا يمنع من جريان الأصول اللفظية، فيصح التمسك بمثل " أحل الله البيع " لصحة كل من البيع الواقع في أول النهار وآخره، كما لو كانت الشبهة بدوية. ثم ضعفه بإبداء الفرق بين الأصول اللفظية والأصول العملية، من غير بيان الفارق.

وجه الفساد:

هو أنه في مثل المقام لا يجوز التمسك بالعموم في الشبهات البدوية فضلا عن المقرونة بالعلم الاجمالي، لما عرفت من أن الشبهة فيه مصداقية، ولا فرق في عدم جواز الرجوع إلى العموم فيها، بين أن نقول: بأن العلم الاجمالي بالمخصص يمنع عن الرجوع إلى العموم أو لا يمنع، فان ذلك البحث إنما هو في الشبهات الحكمية.

نعم: لو أغمضنا عن كون الشبهة فيما نحن فيه مصداقية أو قلنا بجواز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية - كما ذهب إليه بعض - لكان للبحث عن أن العلم الاجمالي بالمخصص هل يمنع عن الرجوع إلى العموم أو لا يمنع في الموارد التي لا يمنع عن الرجوع إلى الأصول العملية؟ مجال.

والحق: أنه يمنع، للفرق بين الأصول العملية والأصول اللفظية، فان المطلوب في الأصول العملية هو مجرد تطبيق العمل على المؤدى، وربما لا يلزم من جريانها في موارد العلم الاجمالي مخالفة عملية، وهذا بخلاف الأصول اللفظية، فان اعتبارها إنما هو لأجل كونها كاشفة عن المرادات النفس الأمرية، والعلم الاجمالي بالمخصص يمنع عن كونها كاشفة كما لا يخفى.

ولعله إلى ذلك يرجع ما ذكره الشيخ - قدس سره - أخيرا من إبداء الفرق بين الأصول العملية والأصول اللفظية...»[1]

 


[1] فوائد الاصول، الشيخ محمد علي الكاظمي الخراسانی، ج4، ص112 و 114.