درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/03/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ في الشك في المكلف به

وما افاده (قدس سره) متين في تقريب مسلك السراية بمعني السببية، فإن السراية بمعني الاتساع وإن كانت تساعد بعض النصوص خصوصاً مع اعتبار مثل الرطوبة في السراية الا ان مقتضي الارتكاز العرفي وكلمات الاصحاب هي السراية بمعني السببية.

ومعه لا سبيل الي كون الاجتناب عن الملاقي لأجل محض التعبد، وأنه موضوع مستقل لوجوب الاجتناب.هذا.ثم ان بعد معرفة كون وجه نجاسة الملاقي للنجس هي السراية بمعني السببية.فإنه لا شبهة في نجاسة ملاقي النجس نصاً وفتويً. والكلام في المقام ليس في ذلك، بل البحث في ملاقي محتمل النجاسة مع اقترانه بالعلم الاجمالي.فإنه لا شبهة في انه كما يلزم الاجتناب عن النجس المعلوم بالعلم التفصيلي، كذلك يجب الاجتناب عن النجس المعلوم بالعلم الاجمالي، الا ان ما هو المهم في المقام ان كل عنوان ذي اثر اذا قام عليه الطريق المعتبر، فإنه يلزم ترتيب جميع ما يترتب علي العنوان المذكور من الآثار التكليفية والوضعية، من غير فرق بين كون الطريق اليه العلم الوجداني او الامارات المعتبرة.فإذا علم بكون مائع خمراً فإنه يترتب عليه جميع الآثار من الحرمة‌ والنجاسة ووجوب الحد علي شربه وفساد بيعه ونجاسة ملاقيه، وهذا مقتضي قيام الطريق اليه.

ولا فرق في ذلك الطريق بين العلم التفصيلي والعلم الاجمالي، الا ان المهم ان جميع هذه الآثار المفروض ترتبها علي العنوان انما يترتب علي نفس العنوان المعلوم، سواء كان معلوماً تفصيلاً او معلوماً اجمالاً.

وأما ترتب هذه الآثار علي كل واحد من المشتبهين فهو غير ثابت، وإن كان ثابتاً علي نفس المعلوم بينهما.ولذلك لو اشتبهت الخمرية بين الإنائين فشربهما، فإنه يترتب عليه وجوب الحد لشربه الخمر المعلوم بينهما.وأما لو شرب احد الإنائين، فإنه لا يترتب عليه هذا الأثر.وذلك:لأن وجوب الاجتناب عن الخمر او عن النجس في اطراف العلم الاجمالي انما يكون بمقتضي تنجيز العلم الاجمالي للتكليف الجامع في البين. وكان ذلك اي الاجتناب عن المشتبهين بمقتضي العلم الاجمالي من باب المقدمة العلمية للاجتناب عن العنوان المعلوم.وقد مر عن الشيخ انه من باب لزوم دفع الضرر المحتمل. لعدم الأمن عن كون ما ارتكبه من الأطراف هو الحرام المنجز في البين.ولكن هذا المقدار من التنجيز اي لزوم الاجتناب عن المعلوم في البين بالاجتناب عن الاطراف المحتمل كونه بينها لا يوجب اشتراك هذه الاطراف مع العنوان المعلوم بالاجمال في جميع الآثار المترتبة عليه تكليفية كانت او وضعية.وذلك ليس الا ان ثبوت هذه الآثار بحسب الجعل الأولي انما كان للعناوين الواقعية، ولا بد في ترتيبها علي موضوع من احراز انطباق العناوين المذكورة عليه. ومع الشك في انطباق المعلوم بالاجمال علي كل واحد من الاطراف لا مجال لترتب الآثار الشرعية المترتبة علي المعلوم بالإجمال عليها.وعليه فلا وجه لوجوب الحد علي شارب احد اطراف الخمر المعلوم بالاجمال، وان كان يجب علي شارب الخمر المحرز المعلوم.

وكذلك نجاسة الملاقي، فإن العنوان النجس الواقعي يلزم الاجتناب عن ملاقيه، وأنه من الآثار الشرعية المترتبة علي العنوان الواقعي، وأما محتمل النجاسة فلا يثبت الأثر المذكور علي ملاقيه، وكونه طرفاً للعلم الاجمالي، واقتران الشبهة به لا يوجب الا تنجيز الاجتناب عن اطراف المشتبهة مقدمة علمية للاجتناب عن النجس المعلوم، ولا يتمكن من ترتيب جميع الآثار المترتبة علي نفس العنوان المعلوم عليه.

وعليه، فإن ملاقي احد الإنائين المشتبهين بالنجاسة لا يلزم الاجتناب عنه، كما ان بيع الطرف المشتبه للخمرية لا يحرم بيعه ولا يوجب شربه الفسق.

هذا وعليه فلا وجه لنجاسة ملاقي احد اطراف النجاسة المعلوم بالاجمال، وأنه علي مسلك الاقتضاء لا مانع من جريان اصالة الطهارة فيه، وأنه لا تعارض اصالة الطهارة فيه بأصل اخر مثلها، كما هو الحال في نفس الأطراف، ويتم حينئذٍ ما مر عن الشيخ (قدس سره) من ان بناءً علي عدم جريان الاصل السببي لمانع ولو من جهة المعارضة لا مانع من جريانه في المسبب، وبما ان نجاسة الملاقي انما هي مسببة عن نجاسة الملاقي للسراية بمعني السببية علي ما مر، فإنه لا مانع من جريان اصالة الطهارة فيه .وأما علي مسلك العلية فالأمر واضح علي ما مر، لعدم تكفل تنجيز العلم الاجمالي للاجتناب عن الملاقي، اي اكثر من الاجتناب من نفس اطراف العلم.هذا، ومما ذكرناه ظهر النقد فيما افاده السيد الاستاذ (قدس سره) بقوله:

« ولا يخفى عليك ان العلم الاجمالي بنجاسة أحد الإناءين يقتضي بنفسه لزوم الاجتناب عن ملاقي أحدهما على الوجوه الثلاثة الأولى دون الرابع . وذلك . . أما على الأول ، فلان الملاقي يكون أحد طرفي الشبهة ، لسراية النجاسة حقيقة إليه - على تقدير نجاسة ملاقاة - ، فهو نظير ما لو قسم أحد الإناءين قسمين ، فالاجتناب عن النجس المعلوم أولا لا يتحقق جزما إلا بالاجتناب عن الملاقي أيضا . وأما على الثاني ، فلان امتثال التكليف المحتمل في الملاقي - بالفتح - المفروض لزومه لتنجزه بالعلم ، لا يتحقق إلا بالاجتناب عن ملاقيه ، لأنه من شؤون وتبعات الاجتناب عن نفس الملاقي - بالفتح - . وأما على الثالث ، فلان العلم بالحكم الفعلي الثابت في الملاقي يصاحبه العلم بالحكم الفعلي الثابت فعلا في الملاقي لان المفروض فعليته من الآن وقبل تحقق الملاقاة . وأما على الرابع ، فلا يتأتى ما ذكر ، لان فعلية الحكم لا تتحقق إلا بتحقق الملاقاة ، فلا يكون طرفا للعلم من الأول ، وقبل الملاقاة . »[1]

وجه النقد:اما بالنسبة الي الوجه الأول:فإن تمام الكلام فيه هو ان نجاسة الملاقي انما تنبسط وتتسع بحيث تشمل الملاقي، ومعه فإن وجوب الاجتناب عن الملاقي يشمله.فيكفي مجرد العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي والطرف الاخر في وجوب الاجتناب عن الملاقي بالكسر، بلا حاجة الي كونه بنفسه طرفاً للعلم الاجمالي، وأجاب عنه المحقق العراقي (قدس سره):«ولا يخفي ما فيه، فإنه و إن كان نجاسة الملاقي بناء على الانبساط مرتبة من نجاسة الملاقى بالفتح ، ولكنه بعد إن كان الملاقي معروضا مستقلا للنجاسة لا بد وأن يكون التكليف المتولد من نجاسته أيضا تكليفا مستقلا في عرض التكليف المتولد من نجاسة الملاقي ومع تعدد تكليفهما لا محيص في تنجز كل تكليف من العلم به مستقلا فلا معنى لدعوى كفاية العلم بالتكليف بين الملاقي والطرف في تنجز التكليف بالملاقي ولو مع عدم كونه بنفسه طرفا للعلم الاجمالي كما هو ظاهر.

وحينئذ فلا محيص في وجوب الاجتناب عن الملاقي بالكسر من فرض وقوعه بنفسه طرفا للعلم الاجمالي ليدخل بذلك في صغرى العلم الاجمالي اما بتكليف واحد في طرف أو تكليفين في طرفين آخرين.»[2]

والمهم فيما افاده انما هو في ان الملاقي في المقام وعلي هذا المسلك ـ اي السراية ـ بمعني الاتساع والانبساط هل هو عين الملاقي، بأنه لا يكون معروضاً غير الملاقي لوجوب الاجتناب، او انه معروض مستقل وإن وجوب اجتنابه تكليف متولد بمقتضي السراية في معروضه من نجاسة الملاقي.

 


[1] منتقى الأصول، تقرير البحث السيد محمدالحسينی الروحاني، السيد عبد الصاحب الحكيم، ج5، ص149.
[2] نهاية الافكار، تقرير ابحاث الشيخ آغا ضياء الدين العراقي-الشيخ محمد تقي البروجردي، ج2، ص362 و 363.