درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ في الشك في المكلف به

وأما بناءً علي مسلك الاقتضاء:

فإنه حيث لا مانع من الترخيص الظاهري في بعض الاطراف لبقي العلم الاجمالي منجزاً بالنسبة الى الطرف الآخر، و ان لا يصح الترخيص في كلا الطرفين لأنه مستلزم للمخالفة القطعية.

وحيث ان الاضطرار الى احد الأطراف يستلزم الترخيص في ارتكاب أحدهما رفعاً للاضطرار، فإنه لا يمنع عن منجزية العلم الاجمالي لعدم منافاته له بحال، اذ الترخيص المذكور لا يصادم تأثيره بالنسبة الي المخالفة القطعية، لأن الترخيص في احدهما لا يتنافي مع حرمة ارتكابهما معاً.

وأما بالنسبة الي الموافقة القطعية فحيث ان العلم الاجمالي ليس علة تامة لها ـ حسب الفرض ـ ولا يمنع من الترخيص في احدهما فلا ينافيه الترخيص في احدهما لأجل الاضطرار.

هذا والمهم هنا انه روي احمد بن محمد بن عيسي في نوادره عن وعن سماعة عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا حلف الرجل تقية لم يضره إذا هو اكره واضطر إليه ، وقال : ليس شئ مما حرم الله الا وقد أحله لمن اضطر إليه .[1]

فربما يقال:

ان مفاده جعل الحلية شرعاً. واذا كان مفاد جعل الحلية ظاهراً فهي تجتمع مع الحرمة‌ الواقعية المعلومة بالاجمال ولا تنافي مع فعليتها علي مسلك الاقتضاء، فلا تستلزم انحلال العلم الاجمالي بل يكون منجزاً بالنسبة الي المخالفة القطعية. كما مر في تقريب التوسط في التنجيز.

نعم لو كان مفاده جعل الحلية واقعاً، فبما ان في المقام لا يتعلق الاضطرار بالحرام ليتكفل رفع الحرمة عنه. بل تعلق الي الجامع، وبما ان الحلية المذكورة تجري من الجامع الي الفرد وهي تنافي الحرمة المعلومة‌ بالاجمال فلا محالة يوجب انحلال العلم الاجمالي.

ويمكن ان يقال:

ان مفاد الرواية ‌ليس جعل الحلية شرعاً، بل رفع الحرمة المجعولة واقعاً وحيث ان في المقام لا يتعلق الاضطرار بالحرام كي يتكفل رفع الحرمة عنه و انما تعلق بالجامع، فإن العقل يذهب الي جواز دفع الاضطرار بأحدهما والامان من العقاب لو صادف الحرام واقعاً. وعليه فإنه لا يثبت في المورد اكثر من الترخيص عقلاً وهو لا يتنافي مع ثبوت الحرمة الفعلية واقعاً. ولذلك لا يختل تنجيز العلم الاجمالي بالنسبة الي المخالفة القطعية، ومعه لا يصح اجراء الاصل في الطرف الآخر، لأنه وان لم يكن بلا معارض ولكنه يستلزم الترخيص في المخالفة القطعية للمعلوم بالاجمالي، ولا اقتضاء ‌لتعلق الاضطرار بالجامع لجوازه علي مسلك الاقتضاء.

هذا مضافاً:

الي انه يشكل الاستناد الي الرواية‌ المذكورة ‌في المقام لارسالها، لأنه روي احمد بن محمد بن عيسي هذه الرواية في نوادره عن سماعة بن الحضرمي، والظاهران احمد بن محمد من الطبقة السابعة، وسماعة من الطبقة الخامسة، ولا يتم روايته عنه بلا واسطة ولم يذكر الواسطة في نوادره.

وعليه فإن مع تمامية توثيق الرجلين لا يتم الاستناد بالخبر من جهة الارسال، نعم هذا المعني اي رفع الحكم بالاضطرار مستفادة من غيرها من الاخبار، ومن جملها حديث الرفع.

التنبيه الثاني:قال في الكفاية: «الثاني: إنه لما كان النهي عن الشئ إنما هو لاجل أن يصير داعيا للمكلف نحو تركه، لو لم يكن له داع آخر - ولا يكاد يكون ذلك إلا فيما يمكن عادة ابتلاؤه به. وأما ما لا ابتلاء به بحسبها، فليس للنهي عنه موقع أصلا، ضرورة أنه بلا فائدة ولا طائل، بل يكون من قبيل طلب الحاصل - كان الابتلاء بجميع الأطراف مما لابد منه في تأثير العلم، فإنه بدونه لا علم بتكليف فعلي، لاحتمال تعلق الخطاب بما لا ابتلاء به. ومنه قد انقدح:

أن الملاك في الابتلاء المصحح لفعلية الزجر وانقداح طلب تركه في نفس المولى فعلا، هو ما إذا صح انقداح الداعي إلى فعله في نفس العبد مع اطلاعه على ما هو عليه من الحال.

ولو شك في ذلك كان المرجع هو البراءة، لعدم القطع بالاشتغال، لا إطلاق الخطاب، ضرورة أنه لا مجال للتشبث به إلا فيما إذا شك في التقييد بشئ بعد الفراغ عن صحة الاطلاق بدونه، لا فيما شك في اعتباره في صحته، تأمل لعلك تعرف إن شاء الله تعالى.»[2]

وافاده (قدس سره) في الحاشية ذيل قوله في المتن: «لما كان النهي عن الشئ إنما هو لاجل أن يصير داعيا للمكلف نحو تركه، لو لم يكن له داع آخر»

«كما أنه إذا كان فعل الشئ الذي كان متعلقا لغرض المولى مما لا يكاد عادة أن يتركه العبد، وأن لا يكون له داع إليه، لم يكن للامر به والبعث إليه موقع أصلا، كما لا يخفى منه (قدس سره).»كما انه قدس سره افاد في وجه التأمل في الحاشية:«نعم، لو كان الاطلاق في مقام يقتضي بيان التقييد بالابتلاء لو لم يكن هناك ابتلاء مصحح للتكليف، كان الاطلاق وعدم بيان التقييد دالّاً علي فعليته، ووجود الابتلاء المصحح لهما، كما لا يخفي فافهم»

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحرالعاملی، ج23، ص228، أبواب كتاب الايمان، باب12، ط آل البيت.
[2] كفاية الاصول، الآخوند الخراساني، ص361.