درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/12/10

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ في الشك في المكلف به

وبعبارة اخري :

ان الشك الفعلي الذي عبر عنه السيد الاستاذ بأنه موضوع لإصالة ‌الطهارة او اصالة الإباحة انما يكون مجري لهما والموضوع في الحقيقة كما في كل حكم شرعي المكلف، فإنه الموضوع للحكم واقعاً او ظاهراً كما انه هو الموضوع لأي تعبد في مقام التحير وظرف الشك، واصالة الطهارة انما جعلت له في ظرف شكه والمكلف الذي هو موضوع للحكم هو المكلف القابل لتعلق الحكم به فعلاً، ولا شك في ان له حالات وافراد وظروف توجب تحليل العقل الحكم بالنسبة اليها، وحالات المكلف مختلفة في طول الزمان بحسب عروض الموانع عن فعلية الحكم بالنسبة‌ اليه كالاضطرار وعدم الابتلاء، والحيض والجنون وغيرها من الحالات العارضة عليه الموجبة لعدم فعلية الحكم بالنسبة اليه، فهو بالنسبة الي تعلق الحكم الشرعي ليس في حال واحد، بل حالاته متغيرة متفاوته، وتختلف الحكم بالنسبة اليها، وبما ان الموضوع هذا للحكم زماني فلا محالة يكون نسبة الحكم اليه تحاسب بحسب الزمان وآناته. والعقل الذي يتكفل لانحلال الحكم بالنسبة الي الحالات والظروف، فإنما يري انحلاله ايضاً بحسب حالاته في طول الزمان وفي آناته. فيتفاوت الحكم الفعلي المتعلق اليه بحسب الزمان وآناته. فيمكن ان يكون الحكم فعلياً بالنسبة ‌اليه في آن ولا يكون فعلياً في سابقه او لاحقه. والفعلية انما تري بحسب الزمان الذي يكون المكلف فيه.

وعليه ففي حال الاضطرار لا يكون التكليف فعلياً بالنسبة اليه. ولكن قبل عروضه كان فعلياً، واذا فرض كون الحكم المزبور معلوماً له بالاجمال وعرض عليه الاضطرار الي بعض اطرافه، فهو في آن الاضطرار او في حاله لا يكون التكليف المعلوم بالاجمال فعلياً بالنسبة ‌اليه علي تقدير. وإذا التزمنا بأن العلم الاجمالي انما يوجب تنجيز التكليف اذا كان المعلوم به فعلياً علي كل تقدير، فإنه لا يكون الحكم المعلوم فعلياً بالنسبة اليه في حال الاضطرار، وإن كان فعلياً بالنسبة اليه قبل عروضه. ولكن الحكم الفعلي المتعلق به قبل عروض الاضطرار غير الحكم المعلوم بالعلم الاجمالي بعد عروض الاضطرار بمقتضي الانحلال العقلي، لأن المعيار تعلق الحكم الفعلي به في حاله اي في زمانه. وفعلية الحكم في الآن السابق – قبل عروض الاضطرار – لا يوجب فعليته في الآن المتأخر.

وبالجملة: ان بعد عروض الاضطرار لا يكون المعلوم بالاجمال في مفروض الكلام حكما فعلياً بالنسبة اليه علي اي تقدير، ومعه لا وجه لتنجيز العلم المذكور.

والقول بأن لنا العلم الاجمالي بثبوت الحكم الفعلي في طرف المضطر اليه قبل عروض الاضطرار وثبوته في الطرف الآخر مطلقا فيوجب التنجيز في اطرافه، فيلزم الاجتناب عن طرف الغير المضطر اليه لا يمكن المساعدة عليه بوجه.

لأن هذا العلم وان كان محققاً الا انه العلم بحكم فعلي في سابق الزمان لا في زمان عروض الاضطرار، والطرف المضطر اليه متعلق لحكم جديد في حال الاضطرار غير الحكم السابق.

والنتيجة الالتزام بعدم تنجيز العلم الاجمالي في مفروض الكلام كما ادعاه صاحب الكفاية (قدس سره) في متن الكفاية بلا فرق بين صورة‌ عروض الاضطرار الي المعين او غيره وسواء كان عروضه قبل حصول العلم او بعده.

واساس المدعي في كلامنا ما افاده في تقريب انحلال الحكم بحسب الزمان في اصالة الطهارة، وإنما ندعي عدم خصوصية في اصالة الطهارة بل انه تقريب جاري في الحكم الشرعي حيث يقبل الانحلال عقلاً بحسب آنات الزمان بمقتضي عروض الحالات المختلفة للمكلف في طول الزمان.

وتأكيده (قدس سره) وإن كان علي الشك الفعلي الذي عبرعنه بموضوع اصالتي الطهارة والحلية، الا ان الفعلية لا تختص بموضوع الطهارة او الحلية، بل ان كل موضوع للحكم يلزم تعلق الحكم به فعلاً، بأن يكون قابلاً لفعلية الحكم بالنسبة اليه، وهذه القابلية تختلف في طول الزمان وبحسبها تقبل الحكم الانحلال بحسب الزمان.

ويمكن اقامة الشاهد لهذا المدعي في موارد متعددة كتعلق النهي الذي يوجب الاجتناب عن النهي بأفراده العرضية والطويلة، ولا نتصور الطولية الا بحسب الزمان فيلزم الاجتناب عن النهي في كل آن وعدم الاجتناب في آن لا يمنع عن لزوم الاجتناب عنه في الآن المتأخر وهكذا.

وعليه فإن ما افاده في تقريب عدم تنجيز العلم الاجمالي بناءً علي مسلك الاقتضاء في مقام عروض الاضطرار يجري بعينه علي مسلك العلية خلافاً لما اختاره من تنجييز العلم في المقام بناءً عليه.

ثم ان ما مر من التقريب وإن كان لا يتفاوت فيه عروض الاضطرار الي المعين او غير المعين، ولا بين عروضه قبل حصول العلم او بعده.

ولعله هو الوجه لما اختاره صاحب الكفاية في المتن.

الا ان االمحقق النائيني التزم بمنجزية العلم الاجمالي.

ووجهه:

ان الاضطرار لم يتعلق بالحرام بل تعلق بأحد اطراف العلم، وعليه فإن للمكلف ارتكاب احد الاطراف رفعاً للاضطرار، وأما الطرف الآخر فيلزمه الاجتناب عنه للعلم الاجمالي بالحرام، وإنما ترفع اليد عن تأثيره بمقدار الضرورة، ونتيجة الترخيص بمقتضي الاضطرار في احدهما دون الآخر.

وهذا ما عبر عنه بالتوسط في التنجيز.