درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/10/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ في الشك في المكلف به

ثم انه (قدس سره) استشهد فيما حققه في المقام بكلام الشيخ (قدس سره) في الرسائل، وأفاد بأنه ظاهر كلام الشيخ بل صريحه، قال (قدس سره):«ثم إن ما ذكرنا من علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية هو الظاهر بل الصريح من كلام الشيخ قده في الجواب عن القائل بجريان أصالة الحل في الطرفين بقوله قلت: ان أصالة الحلية غير جارية في المقام بعد فرض كون المحرم الواقعي مكلفا بالاجتناب عنه منجزا عليه على ما هو مقتضي الخطابات بالاجتناب عنه لان مقتضى العقل في الاشتغال اليقيني بترك الحرام الواقعي هو الاحتياط والتحرز عن كلا المشتبهين حتى لا يقع في محذور فعل الحرام وهو معنى المرسل في بعض الكتب اترك ما لا بأس به حذرا عما به البأس فلا يبقى مجال الاذن في فعل أحدهما انتهى. وأصرح من ذلك ما افاده في الشبهة الوجوبية في الجواب عن القول بالتفكيك بين المخالفة القطعية والموافقة القطعية ، بقوله قلت العلم الاجمالي كالتفصيلي علة تامة لتنجز التكليف بالمعلوم الا ان المعلوم اجمالا يصلح لان يجعل أحد محتمليه بدلا عنه في الظاهر فكل مورد حكم الشارع بكفاية أحد المحتملين للواقع اما تعيينا كحكمه بالأخذ بالاحتمال المطابق للحالة السابقة واما تخييرا كما في موارد التخيير بين الاحتمالين فهو من باب الاكتفاء عن الواقع بذلك المحتمل لا الترخيص لترك الواقع بلا بدل فان الواقع إذا علم به وعلم إرادة المولى بشئ وصدور الخطاب عنه إلى العبيد وان لم يصل إليهم لم يكن بد عن موافقته اما حقيقة بالاحتياط واما حكما بفعل ما جعله الشارع بدلا عنه انتهى ، حيث إن كلامه ذلك كما ترى ينادى بأعلى الصراحة بعلية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية بنحو يمنع عن مجئ الترخيص على خلافه ولو في بعض الأطراف.

نعم، ربما يظهر من التصريح بتعارض الأصول النافية وتساقطها في بعض كلماته الاخر ما يوهم خلاف ذلك ، حيث يستفاد منه ان المانع من جريان الأصول النافية في أطراف العلم هي المعارضة ، ومثله يناسب القول بالاقتضاء للموافقة القطعية دون العلية ، لأنه على العلية لا تجرى الأصل النافي ولو في طرف واحد بلا معارض.

ولعل ذلك: هو المنشأ لما عن بعض من نسبة التفصيل المزبور إليه قده والا فلم يكن في شئ من كلماته التصريح بهذه الجهة بل التصريح منه كان على خلافه.

ولكن لا يصلح هذا المقدار لنسبة التفصيل المزبور إليه ، لان غاية ما يقتضيه ذلك هو مجرد التلويح على القول بالاقتضاء ومثله لا يكاد يقاوم التصريح بالعلية ، فيمكن حمل كلامه ذلك على بيان كون المعارضة في الأصول وجها آخر لعدم جريانها في أطراف العلم ولو على الاقتضاء لا بيان حصر المانع بذلك كي يلزم جريانها في فرض عدم التعارض فينافي تصريحه بالعلية .»[1]

وحاصل ما افاده:انه (قدس سره) اجاب عن شبهة ان شأن العلم تنجيز متعلقه، ومتعلق العلم الاجمالي الجامع بلا سراية الى الخارج والعناوين التفصيلية لخصوصيات اطرافه. ولا مانع من جعل الترخيص في هذه العناوين التفصيلية الراجعة الي الخصوصيات الفردية في الاطراف، لعدم كونها متعلقة للتنجيز الجائي من ناحية العلم الاجمالي:بما حاصله:ان تنجز الاحكام انما هو من لوازم وجودها خارجاً في ظرف وصولها الي المكلف.لا من لوازم وجودها ذهنا ولوعبر آنيته الي الخارج.وتوضيحه:ان العلم وإن يتعلق بالصور الذهنية، وأنها ليست قابلة للسراية الي الخارج، الا ان ذلك لا يقتضي عدم سراية التنجز اليه، فإن الواقع اذا تنجز بقيام الطريق اليه، واحتمل وجود هذا الواقع في اي طرف من اطراف العلم فلا محالة يصير كل واحد من هذه الاطراف محتمل التنجز، وهذا التنجز جاء من ناحية العلم والطريق، واحتمال التنجز يساوق احتمال العقاب واحتمال الضرر، فلا محالة تنطبق عليه كبري وجوب دفع الضرر المحتمل، وليس كل واحد من هذه الاطراف مع احتمال التنجز فيه واحتمال العقاب موضوعاً لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.وأفاد بعنوان الشاهد:ان في صورة كشف الخلاف وتبين عدم وجود الحكم، بأن تعلق العلم بالواقع بصورته الذهنية، كما هو شأن تعلق العلم، ثم بان خلافه، فإن العلم حينئذ لايوجب تنجزا في الواقع المزبور، اي الصورة الذهنية، بل هو مجرد اعتقاد التنجز بتبع اعتقاد وجود الحكم، ومع انتفائه بأن يعلم انه ليس هنا حكم ولا واقع، فلا تنجز فيه اصلاً، ومنه يعلم ان حصول التنجز لمتعلق العلم انما يكون بالنظر الي خارجه و واقعه وهذا معني سراية التنجز من الصورة الذهنية المتعلقة للعلم الي خصوصيات الاطراف.وأفاد المحقق العراقي (قدس سره):

ان منشأ هذا التوهم: تصور ان متعلق العلم الاجمالي هو صرف الطبيعي والجامع الذي يؤخذ في قبال القضايا الخارجية، ومتعلق الجعل فيها قابلة للانطباق علي الافراد في عرض واحد، او علي نحو البدل، فإن الطبيعي والجامع بهذا المعني انما هو يحكي عن منشأه وهو التحليل العقلي كالكلي الذي هو عنوان تحليلي، وأما الجامع المتعلق للعلم الاجمالي فليس من هذا القبيل، بل هو العنوان الاجمالي بما هو حال عن الخصوصية الواقعية المرددة في نظر القاطع بين خصوصيات الاطراف، اي هو عنوان مأخوذ عن الواقع المردد او الخارج المردد عند العالم به والشاخص فيه:

1 – ان نسبة العنوان الاجمالي الي الخصوصيات الخارجية في الافراد نسبة الاجمالي والتفصيل، وإن الجامع هو نفس هذه الخصوصيات اجمالاً والاطراف هي نفس الجامع تفصيلاً.

2 – ان في صورة انكشاف الواقع تفصيلاً انما ينطبق هذا الجامع علي الخصوصيات الموجودة في الفرد بتمامه، ولا يكون في الجامع جزء تحليلي غير قابل للانطباق علي الخارج، كما هو الشأن في الطبيعي المأخوذ في حيز التكاليف.

وخصوصية هذا التصور من الجامع، اي العنوان الاجمالي سراية التنجز منه الي ما هو الموجود من الحكم خارجاً، والخصوصيات الخارجية في اطرافه.وحينئذ فإن مع احتمال التنجز في كل طرف يتحقق الموضوع لحكم العقل بلزوم الاجتناب عن جميع الاطراف دون الاقتصار علي البعض، لأن مع ارتكاز ولو طرف واحد لا يؤمن من مصادفة ما ارتكبه لما هو الحرام المنجز في الواقع.ثم افاد (قدس سره) في مقام التنزل عما ادعاه من سراية التنجز في المقام من الجامع الي الخارج.

[1] نهاية الافكار، الشيخ محمد تقي البروجردي، تقرير بحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج3، ص311 و 312.