درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/08/27

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ في الشك في المكلف به

اما القول بالاباحة ظاهراً:فقد مر من صاحب الكفاية:

«... والتخيير بين الترك والفعل عقلا، مع التوقف عن الحكم به رأسا، أو مع الحكم عليه بالإباحة شرعا، أوجهها الأخير، لعدم الترجيح بين الفعل والترك، وشمول مثل ( كل شئ لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) له، ولا مانع عنه عقلا ولا نقلا.»[1]

وأورد عليه المحقق النائيني (قدس سره):

« أما أصالة الإباحة - فمضافا إلى عدم شمول دليلها لصورة دوران الأمر بين المحذورين فإنه يختص بما إذا كان طرف الحرمة الإباحة والحل كما هو الظاهر من قوله - عليه السلام - " كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال " وليس في باب دوران الأمر بين المحذورين احتمال الإباحة والحل بل طرف الوجوب، ومضافا إلى ما قد تقدم: من أن دليل أصالة الحل يختص بالشبهات الموضوعية ولا يعم الشبهات الحكمية - إن جعل الإباحة الظاهرية مع العلم بجنس الإلزام لا يمكن، فان أصالة الإباحة بمدلولها المطابقي تنافى المعلوم بالإجمال، لأن مفاد أصالة الإباحة الرخصة في الفعل والترك، وذلك يناقض العلم بالإلزام وإن لم يكن لهذا العلم أثر عملي وكان وجوده كعدمه لا يقتضى التنجيز، إلا أن العلم بثبوت الإلزام المولوي حاصل بالوجدان، وهذا العلم لا يجتمع مع جعل الإباحة ولو ظاهرا، فان الحكم الظاهري إنما يكون في مورد الجهل بالحكم الواقعي، فمع العلم به وجدانا لا يمكن جعل حكم ظاهري يناقض بمدلوله المطابقي نفس ما تعلق العلم به.

والحاصل: أن بين أصالة الإباحة وأصالة البراءة والاستصحاب فرقا واضحا، فان مورد أصالة البراءة والاستصحاب - على ما سيأتي بيانه - إنما يكون خصوص ما تعلق بالفعل من الوجوب أو الحرمة، فيحتاج كل من الوجوب والحرمة إلى براءة أو استصحاب يخصه، ولا تغنى أصالة البراءة في طرف الوجوب عن أصالة البراءة في طرف الحرمة، وكذا الاستصحاب. وهذا بخلاف " أصالة الحل والإباحة " فان جريانها في كل من طرف الفعل والترك يعنى عن جريانها في الطرف الآخر، فان معنى إباحة الفعل وحليته هو الرخصة في الترك وبالعكس، ولذلك كان مفاد أصالة الحل بمدلوله المطابقي يناقض نفس العذر المشترك المعلوم بالإجمال، وهو جنس الإلزام.

فظهر: أن عدم جريان أصالة الحل في دوران الأمر بين المحذورين إنما هو لعدم انحفاظ رتبتها،...»[2]

ثم افاد (قدس سره) في مقام الاستدراك عما افاده هنا:

نعم: لو كانت أصالة الإباحة من الأصول المتكفلة للتنزيل المحرزة للواقع لكان الالتزام بمفادها ينافي الالتزام بجنس التكليف المعلوم في البين، فان البناء على الإباحة الواقعية وإلقاء الشك وجعل أحد طرفيه هو الواقع - كما هو مفاد الأصول التنزيلية - لا يجتمع مع البناء والالتزام بأن الحكم المجعول في الواقعة ليس هو الحل والإباحة، ولكن أصالة الإباحة ليست من الأصول التنزيلية، بل مفادها مجرد الرخصة في الفعل مع حفظ الشك من دون البناء على كون أحد طرفيه هو الواقع، وهذا المعنى كما ترى لا ينافي الالتزام بحكم الله الواقعي على ما هو عليه من الإجمال.»

وافاد في نهاية البحث:

« فتحصل: أن العمدة في عدم إمكان جعل الإباحة الظاهرية في باب دوران الأمر بين المحذورين هو مناقضتها للمعلوم بالإجمال بمدلولها المطابقي، فتأمل جيدا. »[3]


[1] كفاية الاصول، الآخوند الخراساني، ص355.
[2] فوائد الاصول، محمدحسين النائيني، ج3، ص445 و 446.
[3] فوائد الاصول، محمدحسين النائيني، ج3، ص446 و 447.