درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/07/13

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ في الشك في المكلف به

وقد ذكر له وجوه:

الأول: الاستدلال بالأصل، والمراد منه قاعدة الاحتياط، فإنه افاد المحقق الاشتياني في تقرير قاعدة الاحتياط عند دوران الأمر بين التعيين والتنجيز، ان مقتضي القاعدة تقديم احتمال التحريم، والبناء عليه في مرحلة الظاهر.

الثاني: الاستدلال بالأخبار الآمرة بالتوقف عند الشبهة، فإن المراد من التوقف عدم الدخول في الشبهة، وعدم الإقدام بشيء، فلا محالة تدل علي وجوب ترك الحركة عند الشبهة، وهو لا يتحقق الإ بتقديم احتمال الحرمة، لأن ترك الحركة هو العمل علي طبق الاجتناب بالنهي الذي هو حاصل للمكلف بمجرد التوقف.

ولعل هذا البيان هو اساس ما افاده المحقق الاشتياني في تمسكه بقاعدة الاحتياط عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير، لأن في دوران الأمر بين المحذورين اذا حصلت للمكلف الحيرة في كونه مخيراً بينهما، او لزومه الأخذ بأحدهما المعين، لكان الاحوط الأخذ بجانب الحرمة، لأن معه حصل له الامتثال بالأمر بالتخيير او الامر بالتعيين، وحيث ان الأخذ بجانب الحرمة ‌دون الوجوب يحتاج الي وجه ودليل، فلعل وجهه ما دل علي التوقف عند الشبهة حسب مامر تقريبه.

الثالث: ما ادعي من حكم العقل او العقلاء بأن دفع المفسدة اولي من جلب المنفعة عند دوران الأمر بينهما، وهو يتحقق بترك الفعل المشكوك حكمه، وان استلزم فوت المصلحة الملزمة في الواقع.

الرابع: ما قد يقال من ان المستفاد من الأدلة ان مذاق الشرع تقديم جانب الحرمة في موارد اشتباه الواجب بالحرام، وهذا يقتضي تقديم احتمال الحرمة علي احتمال الوجوب.

هذا ويمكن ان يقال:اما بالنسبة الي الوجه الأول:فإن اساس مذهب القائل بالتعيين عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير، ان الأخذ بأحدالحكمين معيناً واجداً لمناط الأمر بالتعيين والأمر بالتخيير، وهذا انما يكون احوط خصوصاً مع القول بوجوب الالتزام بالأحكام.ولكن هذا الوجه بنفسه لا يكفي لتقدم جانب الحرمة، الا ان يستند ذلك بأدلة وجوب التوقف عند الشبهة بمامر من التقريب، وهذا ايضاً لا يتم الالتزام به لمامر تفصيلاً من انه لا يستفاد من ادلة التوقف الأمر المولوي بالوقف عند الشبهة وعدم الاقدام والحركة، بل المستفاد منها الارشاد بحكم العقل بحسن الاحتياط، وإن مع الحيرة لا يلزم الدخول فيما اشتبه امره بصرف الاحتمال.وهذا وإن يستلزم ترك الفعل المشتبه، وهو مستلزم لامحالة ترك الحرام والأخذ بجانب الحرمة، الا ان المرشد اليه في حكم العقل بالحسن عدم الدخول في المشتبه في جميع الموارد، وعدم الاتيان بما يحتمل الحرمة، وما يحتمل منع الشارع مع ان العقل له الحكم بحسن الاحيتاط في محتمل الوجوب بالإتيان بالاحتمال، فالمصداق الواضح لهذا الحكم الشبهات التحريمية، وأما جريانه في دوران الأمر بين المحذورين هو اول المدعي.وبذلك يظهر عدم تمامية الوجه الثاني.اما الوجه الثالث وحديث اولوية دفع المفسدة بالنسبة الي جلب المنفعة فيمكن ان يقال فيه:ان الثابت من حكم العقل في التزاحم بين الملاكين كالمصلحة والمفسدة، وعدم رجحان لأحدهما علي الآخر التخيير، وإنما يمكن الخروج من هذا الادراك العقلي عند كون احد الملاكين اقوي.ولا وجه عقلي يدل علي ان ملاك المفسدة في جميع الموارد اقوي من ملاك المصلحة في جميع الموارد.وهذا ما اكد عليه صاحب الكفاية فيما مر من كلامه، من انه ربما تكون المصلحة اقوي من المفسدة المزاحمة لها.وتوهم ان تقدم جانب المفسدة انما يكون عند عدم قوة المصلحة واقوائيتها بالنسبة اليها، وإما مورد قوة المصلحة فهي خارجة عن مفروض الكلام.يندفع بأن مع تساوي الملاكين لابد وأن يكون تقديم احدهما مبتنياً علي جهة قوة، وصرف اولوية عدم الوقوع في المفسدة بالنسبة الي جلب المصلحة غير ثابتة عند العقل.وأما العقلاء:ان العقلاء في وجه معاشهم المتداولة بينهم، انما يرون في دوران امر المكلف بين وقوعه في ضرر مالي وبين حصول نفع مالي له، عدم الإقدام وان احتمال الضرر عندهم اهم رعاية من احتمال النفع اذا دار الأمر بينهما.ويرجع هذا الي ان احتمال الضرر هو احتمال النقص والابتلاء، وأما احتمال النفع انما هو احتمال الكمال والزيادة، فإذا احتمل في امر الضرر والنفع فإنهم لا يقدمون علي النفع ولا يقدمونه علي احتمال الضرر، وهذا البناء بينهم انما جاء من ناحية الادراكات العقل العملي بينهم، ومعه فيوجه حكم العقل بتقدم جانب الحرمة وهذا له وجه.ولكن يمكن ان يقال:ان هذاء البناء او الادراك لو ثبت وليس ببعيد انما يجري في الأمور الدنيوية دون غيرها كالأمور الاخروية، فإن المفسدة والضرر الأخروي انما هي العقاب، ومع ثبوت الترخيص من الشارع و معذورية المكلف عند عدم العلم ينتفي العقاب، وكان ذلك نظير من كان له التأمين في تجارته بواسطة المؤسسات التأمينية، بأنه لو وقع في ضرر مالي فإنما تداركه له، فهو مع هذا الاطمينان لا يدفع احتمال النفع.