درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/01/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: اصول عمليه/ التنبيه الثالث: قاعدة التسامح في أدلة السنن

الثالث: قاعدة التسامح في أدلة السنن

واعلم انه ربما قيل ان احتمال الوجوب اذا كان منشؤه خبر ضعيف، فانه لا حاجة الى اخبار الاحتياط وتكلف ان الامر فيها انما يقتضي الاستحباب او مفادها الارشاد الى حكم العقل بحسن الاحتياط.وذلك لورود بعض الاخبار الدالة على استحباب فعل كل ما يحتمل فيه الثواب ويعبر عنها باخبار من بلغ.وقد بحث عنها صاحب الكفاية في ذيل هذا التنبيه اي التنبيه الثاني وتعرض له الشيخ في ذيل التنبيه الثاني من مسالة دوران الحكم بين الوجوب وغير الوجوب من الفرائد.قال صاحب الكفاية:فظهر أنه لو قيل بدلالة أخبار (من بلغه ثواب) على استحباب العمل الذي بلغ عليه الثواب ولو بخبر ضعيف، لما كان يجدي في جريانه في خصوص ما دل على وجوبه أو استحبابه خبر ضعيف، بل كان عليه مستحبا كسائر ما دل الدليل على استحبابه. لا يقال: هذا لو قيل بدلالتها على استحباب نفس العمل الذي بلغ عليه الثواب بعنوانه، وأما لو دل على استحبابه لا بهذا العنوان، بل بعنوان أنه محتمل الثواب، لكانت دالة على استحباب الاتيان به بعنوان الاحتياط، كأوامر الاحتياط، لو قيل بأنها للطلب المولوي لا الارشادي. فإنه يقال: إن الامر بعنوان الاحتياط ولو كان مولويا لكان توصليا، مع أنه لو كان عباديا لما كان مصححا للاحتياط، ومجديا في جريانه في العبادات كما أشرنا إليه آنفا. ثم إنه لا يبعد دلالة بعض تلك الأخبار على استحباب ما بلغ عليه الثواب، فإن صحيحة هشام بن سالم المحكية عن المحاسن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من بلغه عن النبي - صلى الله عليه وآله - شئ من الثواب فعمله، كان أجر ذلك له، وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يقله) ظاهرة في أن الاجر كان مترتبا على نفس العمل الذي بلغه عنه صلى الله عليه وآله وسلم) أنه ذو ثواب، وكون العمل متفرعا على البلوغ، وكونه الداعي إلى العمل غير موجب لان يكون الثواب إنما يكون مترتبا عليه، فيما إذا أتى برجاء أنه مأمور به وبعنوان الاحتياط، بداهة أن الداعي إلى العمل لا يوجب له وجها وعنوانا يؤتى به بذاك الوجه والعنوان.

وإتيان العمل بداعي طلب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قيد به في بعض الاخبار، وإن كان انقيادا، إلا أن الثواب في الصحيحة انما رتب على نفس العمل، ولا موجب لتقييدها به، لعدم المنافاة بينهما، بل لو أتى به كذلك أو إلتماسا للثواب الموعود، كما قيد به في بعضها الآخر، لأوتي الاجر والثواب على نفس العمل، لا بما هو احتياط وانقياد، فيكشف عن كونه بنفسه مطلوبا وإطاعة، فيكون وزانه وزان (من سرح لحيته) أو (من صلى أو صام فله كذا) ولعله لذلك أفتى المشهور بالاستحباب، فافهم وتأمل.[1]

وقال الشيخ (قدس سره) في فرائد: ثم إن منشأ احتمال الوجوب إذا كان خبرا ضعيفا، فلا حاجة إلى أخبار الاحتياط وكلفة إثبات أن الأمر فيها للاستحباب الشرعي دون الإرشاد العقلي، لورود بعض الأخبار باستحباب فعل كل ما يحتمل فيه الثواب: كصحيحة هشام بن سالم - المحكية عن المحاسن - عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " من بلغه عن النبي (صلى الله عليه وآله) شئ من الثواب فعمله، كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يقله ". وعن البحار بعد ذكرها: أن هذا الخبر من المشهورات، رواه العامة والخاصة بأسانيد.

والظاهر: أن المراد من " شئ من الثواب " - بقرينة ضمير " فعمله "، وإضافة الأجر إليه - هو الفعل المشتمل على الثواب.

وفي عدة الداعي عن الكليني (قدس سره): أنه روى بطرقه عن الأئمة (عليهم السلام) أنه: " من بلغه شئ من الخير فعمل به، كان له من الثواب ما بلغه وإن لم يكن الأمر كما بلغه".

وأرسل نحوه السيد في الإقبال عن الصادق (عليه السلام)، إلا أن فيه: " كان له ذلك ".

والأخبار الواردة في هذا الباب كثيرة، إلا أن ما ذكرناها أوضح دلالة على ما نحن فيه»[2]

هذا: ثم ان وجه الاستدلال بهذه الاخبار في التنبيه على حسن الاحتياط ان ما يبحث في هذا التنبيه من جريان الاحتياط في العبادات وعدم جريانها فيها اذا لم يحرز الامر فيها وانه هل يمكن استكشاف الامر في موردها بوجه او انه لا يحتاج الى ثبوت الامر وامثاله غير جار فيما اذا ورد خبر ضعيف على مطلوبية فعل واتى به المكلف بداعي كونه مطلوباً او بداعي الثواب المترتب عليه.

وذلك لان اخبار من بلغ انما يقتضي بثبوت الامر بالاستحباب فيما احتمل مطلوبيته، وان شئت قلت: ان بمقتضى ترتب الثواب على نفس الفعل، وان لم يكن له اصل في الواقع وان ترتب الثواب يكشف عن الامر.وعليه فان الاحتياط في العبادات فيما ورد خبر ضعيف علي مطلوبية المحتمل ذا وجه خاص، اوامر خاص بمقتضى اخبار من بلغ.لانه كما يحتمل ان يكون مفاد هذه الاخبار استحباب نفس العمل الذي بلغ عليه الثواب بعنوانه كذلك يمكن ان يكون مدلوله استحباب الفعل المذكور لا بعنوانه، بل بعنوان انه محتمل الثواب فتدل على استحباب الاتيان به بعنوان الاحتياط، فيكون دلالتها اوسع من الاحتمال الاول.

 


[1] كفاية الاصول، الاخوند الخراساني، ص352 و353.
[2] فرائد الاصول، الشيخ مرتضی الانصاري، ج2، ص154.