درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/12/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: اصول عمليه/ اصالة عدم التذكية

وقال سيدنا الاستاذ:« وأما الحرمة، فقد رتبت على أمر وجودي كالميتة، كما رتبت على أمر عدمي كما لم يذكر أسم الله عليه. فلا فرق بين النجاسة والحرمة في الموضوع، بل هما مترتبان على أمر وجودي في بعض الأدلة وعلى أمر عدمي في بعض آخر. هذا، ولكن نقول إنه بناء على أن الميتة عنوان وجودي، وهو ما زهقت روحه بغير سبب مصحح، وعدم رجوعه إلى امر عدمي، وهو غير المذكى، كي يكون الموضوع في الحكمين خصوص الامر العدمي، بناء على ذلك المستلزم لتعدد موضوع الحرمة والنجاسة في لسان الدليل. وبعد فرض ملازمة العنوان الوجودي مع العنوان العدمي، لا بد من رفع اليد عن موضوعية أحد هذين الموضوعين، إذ من المعلوم أنه ليس لدينا إلا حرمة ونجاسة واحدة. وليس لدينا حرمتان إحداهما موضوعها الميتة والأخرى موضوعها غير المذكى، ففي مثل هذه الحال لا يرى العرف الا كون الموضوع الواقعي واحدا، وان التعبير بالاخر لاجل ملازمته لموضوع الواقعي.وعليه، فهل يرى في مثل ذلك أن الأصالة للامر الوجودي ويكون الامر العدمي تابعا، أو لا ؟. ولا يخفى انه لو لم نجزم بان العرف يقضي في مثل هذه الموارد بان الموضوع هو الامر الوجودي، كفانا التشكيك فيه في نفي ترتب الأثر المطلوب.

إذ على هذا لا يمكننا اثبات الحرمة ولا النجاسة بأصالة عدم التذكية - في مورد تجري في نفسها - إذ لا يعلم ان الحرمة والنجاسة من آثار عدم التذكية كي تترتبان على الأصل المزبور، بل يحتمل أن يكون الأصل من الأصول المثبتة، باعتبار ان موضوع الحرمة والنجاسة أمر وجودي لا يثبت بالأصل المزبور إلا بالملازمة.»[1]

ثم انه (قدس سره) افاد بعد تصوير وجوه لدخل الجهة العدمية في موضوع الحرمة‌ والنجاسة:« والتحقيق هو ان زهاق الروح المسبب عن الأفعال الخاصة دخيل قطعا في ثبوت الحكم. أما أصل الموت فلانه من المعلوم من النص عدم حلية اللحم بمجرد ورود الذبح عليه قبل موته، بل انما يحل إذا مات.

واما اعتبار استناد الموت إلى الذبح ونحوه، فان قوله (عليه السلام): " ان سميت ورميت فانتفع به " وان كان مطلقا من هذه الجهة، إلا أنه من المعلوم بالضرورة الفقهية انه يعتبر استناد الموت إلى الفعل الخاص من الرمي والذبح ونحوهما، بحيث إذا استند إلى غيرهما - كما لو خنقه بعد الذبح - لم ينفع في ثبوت الحلية»

الي ان افاد (قدس سره):« فلو لم نقل بظهور اخذ زهاق الروح في الموضوع وكون الشرط مجرد استناده إلى الذبح وعدمه، فلا أقل من التشكيك فيه، وهو يكفينا في منع جريان أصالة عدم التذكية كما لا يخفى.

والذي ينتج مما ذكرناه بمجموعه: أنه لا مجال لأصالة عدم التذكية في حال من الأحوال.»

الي ان قال:

« نعم، ورد في النصوص ما يدل على أن حلية الأكل مترتبة على اليقين والعلم بالتذكية، وانه مع الجهل لا يحل اللحم، وبذلك لا مجال لاجراء أصالة الحل في اللحم المشتبه بالشبهة الموضوعية، وإن تجر أصالة عدم التذكية. إلا أن الذي تتكفله النصوص نفي الحلية مع الجهل لا نفي الطهارة، فلا مانع من التمسك بأصالة الطهارة في اللحم المشتبه وإن حرم أكله لاجل النص.»[2]

وافاد في الشبهة الحكمية.« أما في الشبهة الحكمية، فلان الشك لا يكون إلا في الحكم الشرعي من الحلية والطهارة، ولا يتصور الشك في موضوعه، لأنه إذا فرضنا ان حيوانا معلوم الاسم وأجرينا عليه الذبح بشرائطه المعتبرة، وشككنا في حلية أكل لحمه، فلا شك لدينا في الموضوع للعلم بخصوصية الحيوان وباجراء التذكية عليه. فإذا كان هناك شك فهو شك في جعل الحلية له.

ومن الواضح أنه مجرى أصالة الحل، كما أنه مجرى لاستصحاب الطهارة قبل الموت فلا شك في الموضوع كي يجري فيه الأصل الحاكم على أصالة الحل.»[3]

هذا ما افاده (قدس سره) وحاصله عدم جريان اصالة عدم التذكية مطلقا لا في الشبهة الحكمية ولا في الشبهة الموضوعية.واذا لم يكن لنا اصل حاكم في ناحية الموضوع فلا مانع من جريان الاصول الحكمية من اصالة‌ الحل واصالة‌ الطهارة.والنكتة ‌الاساسية فيما افاده:هو ان العرف يري الموضوع للاحكام – ولو العرفية – اموراً وجودية، وان التعارف في الموضوعات المأخوذة في الاحكام الامور الوجودية دون العدمية.وعليه، فإن ما ورد في الآية ‌الشريفة والاخبار من تعلق الحرمة‌ بغير المذكي، راجع الي تعلقها بالعنوان الوجودي الملازم لها وهي الميتة.وأفاد بأن مع الشك فيه اي الشك في ان الاصالة للأمر الوجودي او الامر العدمي فلا يحرز كون الموضوع للحكم الامر العدمي اي غير المذكي ومعه لا يحرز ذلك باستصحاب عدم التذكية طبعاً، لاحتمال كونه امراً وجودياً، كما انه (قدس سره) اورد علي صاحب الكفاية بأنه لا يمكن تصوير موضوعين لحكم الحرمة او الطهارة، كما لا يمكن تصوير وجود حكمين في المقام علي الموضوعين احدهما امر وجودي والآخر امر عدمي.فيلزم رجوع احدهما الي الاخري والاولوية مع الامر الوجودي بلحاظ تعارفه.وحينئذ فإذا احرزنا ان الموضوع للحرمة غير المذكي بمقتضي الآية وعدم رجوعها الي الامر الوجودي الملازم له اي الميتة، فإن مع الشك في ورود التذكية بمعني فري الاوداج الاربعة ‌علي الحيوان، يستصحب عدم التذكية وتثبت بها الحرمة.ومعه يكون اللحم المطروح موضوعاً لاصالة الطهارة، واستصحاب عدم التذكية، ويحكم بمقتضاها بالحرمة.وأما مع عدم احراز كون الموضوع للحرمة غير المذكي، او مع الشك فيه.فلا محالة لا وجه لجريان عدم التذكية بوجه.

 


[1] منتقي الاصول، تقرير بحث السيدمحمدالحسينی الروحاني، السيد عبد الصاحب الحكيم، ج4، ص504 و 505.
[2] منتقي الاصول، تقرير بحث السيدمحمدالحسينی الروحاني، السيد عبد الصاحب الحكيم، ج4، ص510.
[3] منتقي الاصول، تقرير بحث السيدمحمدالحسينی الروحاني، السيد عبد الصاحب الحكيم، ج4، ص507.