درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/12/04

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: اصول عمليه/ اصالة عدم التذكية

ثم افاد بعنوان الأمر الرابع:«أن جريان أصالة عدم التذكية بناء على كونها أمرا بسيطا مترتبا على الافعال الخارجية يتوقف على الشك في قابلية المحل لها. وأما مع احرازها فلا يكون الشك في الحلية والحرمة إلا موردا للبراءة. ولا يخفى ان الشك في القابلية لها يختلف باختلاف الأقوال في قبول الحيوان للتذكية.

فإن قلنا: بأن القبول للتذكية يختص بكل حيوان يؤكل لحمه كما ذهب إليه بعض، فكل حيوان شك في حليته وحرمته يكون داخلا فيما شك في قبوله للتذكية.

فيكون موردا لأصالة عدمها ـ التذكيةـ.وإن قلنا: بأن السباع تقبل التذكية أيضا فإذا شك في أن حيوانا يحل أكله أو هو من السباع فلا يكون مجرى لأصالة عدم التذكية لفرض العلم بقبوله لها على التقديرين بل يرجع حينئذ إلى أصالتي الحل والبراءة نعم إذا شككنا في كونه من أقسام ما يحل اكله أو من المسوخ فيجري أصالة عدم التذكية بعد الذبح. ويثبت بذلك الحرمة والنجاسة. وأما إذا قلنا بما هو المختار عندنا من أن كل حيوان غير الحشرات قابل للتذكية حتى المسوخات لما يظهر من الأدلة جواز قبول الأرانب والثعالب للتذكية مع كونها من المسوخ كما ورد به روايات كثيرة فينحصر مورد جريان أصالة عدم التذكية بما إذا احتمل كون الحيوان من الحشرات ومع احراز عدمه والشك في الحلية والحرمة يكون قابلية المحل للتذكية مفروغا عنها. فيجري أصالتي الحل والبراءة واما احتمال قبول الحشرات للتذكية أيضا حتى ينحصر عدم القابلية لها بالكلب والخنزير فضعيف غايته، بل لا يوجد به قول من الامامية قدس الله تعالى اسرارهم. فتحصل من جميع ما ذكرناه:

انه لا مجال لجريان أصالة عدم التذكية في مطلق ما يشك في حلية حيوان وحرمته سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية بناء على عدم كون التذكية من المسببات التوليدية المترتبة على الافعال الخارجية كما هو الظاهر وعلى تقدير تسليم كونها كذلك فيختص مورد جريانها بما إذا احتمل كون الحيوان من الحشرات وفي غير ذلك يرجع إلى أصالتي الحل والبراءة»[1]

3 - افاد (قدس سره) ايضاً:ان الشك في القابلية‌ للتذكية ‌في الحيوان يختلف باختلاف الاقوال في ذلك.فذهب بعض الي ان كل ما يؤكل لحمه يقبل التذكية.وظاهره ان غير ما يؤكل لحمه اذا شك في حليته وحرمته بعد التذكية يدخل فيما شك في قبوله التذكية.وقال بعض بأن السباع تقبل التذكية ايضاً.وعليه فإن الشك في التذكية فيه نظير ما يؤكل لحمه ليس مجري اصالة عدم التذكية، بل يرجع فيه الي اصالتي الحل والبرائة.وأفاد بعد ذلك بأن المختار عندنا:ان كل حيوان غير الحشرات قابل للتذكية حتي المسوخ.كما وردت روايات كثيرة علي قبول التذكية في الارانب والثعالب من المسوخ، وله (قدس سره) زيادة‌ توضيح في هذا المقام في الفوائد.قال (قدس سره): ان بين الاصحاب اختلاف فيما يقبل التذكية من الحيوان.

نقول: بعدم قبول التذكية الا فيما يحل اكله.

وقول: بعدم قبول المسوخ، وأما ما عدي المسوخ فقابل للتذكية.

وقول: بقبول المسوخ للتذكية ايضاً وإن عدم قبول التذكية يختص بالحشرات.

وقول: بقبول الحشرات للتذكية وهو منسوب الي العامة.

وأفاد نفسه:انه لا يبعد استفادة‌ التعميم لغير الحشرات ونجس العين من بعض الادلة.وعليه فلا مورد لجريان اصالة عدم التذكية في الشبهات الحكمية، فإذا تولد حيوان من الغنم والكلب ولم يتبع احدهما في الاسم يحكم عليه بأنه يقبل التذكية، وبعد ورود التذكية عليه من فري الاوداج وغير ذلك من الامور الخمسة المعتبرة - فري الاوداج بالحديد، استقبال القبلة، التسمية، كون المذكي مسلماً، فري الاوداج بالحديد – يحكم عليه بالطهارة. وقال المحقق العراقي (قدس سره):«... التذكية اما أن تكون عبارة عن أمر بسيط معنوي متحصل من قابلية المحل وقطع الأوداج الأربعة بالحديد وسائر ما يعتبر فيه نظير الطهارة بالنسبة إلى الغسلات الخاصة.واما أن تكون عبارة عن قطع الأوداج الأربعة بشرائطه الوارد على المحل القابل بان تكون القابلية شرطا لتأثير الأمور المزبورة. واما أن تكون عبارة عن مجموع الأمور المزبورة مع القابلية. فعلى الأول: تجري في جميع الصور أصالة عدم التذكية من غير فرق بين ان يكون الشك من جهة الشبهة الحكمية أو من جهة الشبهة الموضوعية بأنحاء ما يتصور فيها من الشك. فإنه يشك حينئذ في تحقق ذلك الأثر الحاصل البسيط والأصل عدمه. ويترتب عليه الحرمة بل النجاسة في وجه قوى ، ولا ينافي ذلك ما دل على ترتب الحرمة والنجاسة على عنوان الميتة التي هي عبارة عما مات حتف أنفه حتى يشكل بعدم اقتضاء الأصل المزبور لاثبات هذا العنوان الا على القول بالمثبت. إذ الحكم كما رتب في الأدلة على عنوان الميتة ، كذلك رتب على ما يعم العنوان المزبور وهو غير المذكى. ومن الواضح انه لا بد في مثله من الاخذ بذلك العنوان العام كما يكون ذلك هو الشأن في كل مورد رتب الحكم الشرعي في لسان الدليل على عنوانين أحدهما أعم من الاخر ، حيث تكون العبرة بالعنوان العام دون الخاص.

ثم إن ذلك إذا لم نقل ان الميتة في لسان الشارع عبارة عن غير المذكى والا فبناء على كونها عبارة عن غير المذكى كما قيل به فالامر أوضح.»[2]

«واما على الثاني: وهو كون التذكية عبارة عن نفس فري الأوداج بشرائطه مع كون القابلية شرطا في تأثيره، فإن كان الشك في الطهارة و الحلية من جهة الشك في ورود فعل المذكي عليه تجري فيه أصالة عدم التذكية واما إن كان الشك من جهة قابلية الحيوان للتذكية اما من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية كالشك في كون اللحم المطروح من الحيوان الذي يقبل التذكية كالغنم أو من الذي لا يقبل التذكية فمع العلم بورود فعل المذكي عليه من فري الأوداج الأربعة بما اعتبر فيه لا تجري أصالة عدم التذكية. بل ومع الشك فيه أيضا فإنه وان لم يكن قصور حينئذ في جريان أصالة عدم التذكية. ولكنه مع الشك في القابلية لا ينتج شيئا، كيف وان القطع بوجوده لا تثمر شيئا مع الشك في القابلية. وحينئذ فإن كانت القابلية مسبوقة بوجودها كما لو شك في زوالها بمثل الجلل ونحوه تجري فيها استصحابها و يترتب عليه آثار فري الأوداج وعدمه ولو بالأصل. والا فتجري أصالة الطهارة والحلية في اللحم المزبور لعدم كون القابلية المزبورة مسبوقة باليقين بالعدم حتى تستصحب. واما توهم إمكان إحراز عدمها حينئذ بالأصل بنحو السلب المحصل كما في مشكوك القرشية والشرط المشكوك مخالفته للكتاب ومشكوك الانتساب في الإرث لكون القابلية المزبورة بهذه الملاحظة مسبوقة بالعدم قبل الوجود.فمدفوع: بأنه وإن كان المختار هو جريان الأصل في الاعدام الأزلية، ولكن ذلك انما يكون في الأوصاف العارضة على الذات بتوسيط وجودها كالقرشية في المثال. لا بالنسبة إلى ما هو من لوازم ذات الشئ فان في مثله لا مجال لجريان الأصل من جهة وضوح عدم كونه مسبوقا باليقين حتى في مرحلة صقع الذات قبل الوجود. و قابلية الحيوان للتذكية انما تكون من هذا القبيل، إذ لم تكن القابلية المزبورة من الأوصاف العارضة على الذات بتوسيط وجودها وانما هي من الأمور المأخوذة في ذات الحيوان وبهذه الجهة لم تكن لها حالة سابقة حتى في مرحلة صقع الذات كي يجري فيها الأصل. و عليه ينتهى الامر إلى الأصول الحكمية وهي أصالة الطهارة والحلية.

ومن ذلك البيان يظهر الحال "على الاحتمال الثالث" في التذكية وهو كونها عبارة عن مجموع الأمور الخمسة وقابلية المحل.

فإنه مع الشك في قابلية الحيوان للتذكية لأجل الشبهة الحكمية أو الموضوعية لا تجري فيه أصالة عدم التذكية. لان التذكية على ذلك تكون من الموضوعات المركبة التي لا بد في جريان الأصل فيها من لحاظ خصوص الجهة المشكوكة لا المجموع المركب من حيث المجموع، وبعد عدم جريان الأصل في الجهة المشكوكة وهي القابلية تجري فيه لا محالة أصالة الطهارة والحلية من غير فرق في ذلك بين صورة العلم بورود فعل المذكى على الحيوان وعدمه نظرا إلى ما تقدم من عدم ترتب فائدة على استصحاب عدمه مع الشك في القابلية وعدم كون القطع بوجوده مع الشك المزبور منتجا لشئ.

نعم ينتج ذلك في فرض إحراز قابلية الحيوان للتذكية فإنه مع الشك في ورود فعل المذكى عليه يجري فيه أصالة العدم فيترتب عليه الحرمة والنجاسة.

ثم إن المتعين من المحتملات الثلاثة المتصورة في التذكية انما هو المعنى الثاني.

 


[1] اجود التقريرات، السيدابوالقاسم الخوئي، ج2، ص193 و 195.
[2] نهاية الافكار، تقرير ابحاث الشيخ آغاضياء الدين العراقي، الشيخ محمد تقي البروجردي، ج2، ص256 و 257.