درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/09/01

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: البرائة في الشبهات التحريمية

وما حققه في تأييد اشكال الشيخ (قدس سره) تام.لأن عدم القابلية للتكليف في الصبي شرعاً وفي غير المميز عقلاءً من مقومات حكم الشرع برفع القلم عن الصبي، فإن الموضوع في الاستصحاب وإن كان الشخص الصادق علي الصبي والكبير الا ان عدم القابلية للتكليف والمسؤليّة من مقومات الموضوع للحكم الشرعي في المقام، ومع انتفائه ينتفي الحكم كما مثله السيد الخوئي (قدس سره) بالعلم المقوم لموضوع جواز التقليد.وهذا امر مسلم ظاهراً. ولم نري مناقشة فيه، ومع فرض النقاش فلا اقل من الشك في بقاء الموضوع مع انتفاء حيثية عدم القابلية المذكورة. وصرف الشك فيه كاف في عدم جريان ادلة الاستصحاب في المقام، وأن التمسك بها فيه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية. وقد اورد المحقق النائيني (قدس سره) علي الاستدلال باستصحاب البرائة قبل البلوغ، للبرائة: - حسب ما نقله السيد الخوئي في مصباح الاصول – انه يلزم في جريان الاستصحاب ان يكون الاثر المطلوب مترتباً علي واقع المستصحب.وأما ان كان الاثر مترتباً علي مجرد الشك في الواقع او علي ما هو اعم من الشك في الواقع ومن الواقع، فلا مجال لجريان الاستصحاب مثلا: لو كان التشريع المحرم عبارة‌ عن ادخال ما لم يعلم انه من الدين في الدين، او الاعم منه ومن ادخال ما ليس من الدين في الدين واقعاً، فإن مجرد الشك في كون شئٍ من الدين كاف في الحكم بحرمة اسناده الي الشارع. فإن اجراء استصحاب عدم كونه من الدين لاثبات حرمة‌ الاسناد تحصيل للحاصل بل من اَردَأ انحائه، فإنه من قبيل احراز ما هو محرز بالوجدان بالتعبد. والمقام من هذا القبيل بعينه.اذ الأثر المرغوب من استصحاب عدم التكليف قبل البلوغ ليس الا عدم العقاب، وهذا مترتب علي نفس الشك في التكليف، لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، فلا نحتاج الي احراز عدم التكليف بالاستصحاب، وأورد عليه السيد الخوئي (قدس سره):« ان ما ذكر انما يتم لو كان الأثر مترتبا على خصوص الشك. وأما ان كان الأثر اثرا للجامع بينه وبين الواقع، فلا مانع من جريان الاستصحاب إذ بجريانه يصل الواقع إلى المكلف، ويرفع الشك تعبدا، فلم يبق معه شك ليلزم تحصيل الحاصل أو أردأ أنواعه.نعم لو لم يجر الاستصحاب كان الشك موجودا فيترتب عليه الأثر. وبالجملة: ترتب الأثر على الشك فرع عدم جريان الاستصحاب، فكيف يكون مانعا عن جريانه، ولذا لا اشكال في جعل الامارة ونصبها على عدم حرمة شئ مع أن أصالة الحل كافية لاثباته. وكذا لا اشكال في التمسك باستصحاب الطهارة المتيقنة، مع أن قاعدة الطهارة بنفسها كافية لا ثباتها. والمقام من هذا القبيل بعينه. وبعبارة أخرى واضحة:

قاعدة قبح العقاب بلا بيان متوقفة على تحقق موضوعها أعني عدم البيان، فكما انها لا تجري مع بيان التكليف لا تجرى مع بيان عدم التكليف، والاستصحاب بيان لعدمه فلا يبقى معه موضوع لها.»[1]

ويمكن ان يقال:هذا ما افاده المحقق النائيني في مقام المناقشة علي صاحب الكفاية، فيما رده علي الشيخ (قدس سره) في بحث الشك في حجية الامارة.توضيح ذلك:انه افاد الشيخ (قدس سره) هناك بما حصله: انه لا وجه لجريان استصحاب عدم الحجية عند الشك في حجية كل امارة – استناداً الي ان حجية الامارة امر حادث، وكل حادث مسبوق بالعدم، فعند الشك في الحجية فيها يجري استصحاب عدم الحجية.وأفاد الشيخ (قدس سره) في وجه عدم جريان الاستصحاب المذكور:انه لا يترتب علي مقتضي الاستصحاب المذكور اثر عملي، فإنه يكفي في حرمة العمل بالامارة المشكوكة – من حيث الحجية والتعبد بها – نفس الشك في الحجية، من غير ان نحتاج الي احراز عدم ورود التعبد بها بالاستصحاب، فإن الاستصحاب انما يجري فيما اذا كان الاثر مترتباً علي الواقع المشكوك فيه، لا علي نفس الشك. وفي المقام انما يترتب الاثر علي نفس الشك دون الواقع المشكوك. و بما ان نفس الشك في الحجية كاف في عدم ثبوت التعبد فلا حاجة الي الاستصحاب المذكور. وأورد عليه صاحب الكفاية (قدس سره) بوجوه:

منها: « أن حرمة التعبد بالأمارة كما يكون أثرا للشك في حجيتها كذلك يكون أثرا لعدم حجيتها واقعا، ففي ظرف الشك يجرى كل من الاستصحاب والقاعدة المضروبة له، ويقدم الاستصحاب لحكومته عليها.»[2]

 


[1] مصباح الاصول، تقرير البحث السيدابوالقاسم الخوئي، السيدمحمدالواعظ الحسينی، ج2، ص295 و 296.
[2] فوائد الاصول، الشيخ محمد علي الكاظمي الخراسانی، ج3، ص130.