درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/08/21

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: البرائة في الشبهات التحريمية

ثم انه قد افاد الشيخ (قدس سره):

«وقد يستدل علي البرائة بوجوه غير ناهضة.

منها:

استصحاب البرائة المتيقنة حال الصغر والجنون».[1]

وهذا ما استدل به صاحب الفصول (قدس سره) وإن اهمل الاخوند ذكره في الكفاية، وهذا الوجه من الاستدلال لا يخلو عن اهمية.وذلك لأن كثيراً من الوجوه السابقة عنه كثير من الاعلام لا يزيد مدلولها عن قاعدة ‌قبح العقاب بلا بيان. ومعه فلو فرض تمامية ما استدل به الاخباريون للاحتياط لكان مقدماً عليها بالورود علي ما مر في كلمات الشيخ (قدس سره).وأما الاستدلال بالاستصحاب فلو تم لكان مقدماً علي الاحتياط لتقدمه علي البرائة والاحتياط بالحكومة او الورود.وتقريب هذا الاستدلال:افاد السيد الخوئي (قدس سره) في مقام تقريبه:«الوجه الخامس من الوجوه التي استدل بها على البراءة الاستصحاب، وتقريبه على نحوين، لأن الأحكام الشرعية لها مرتبتان:

الأولى - مرتبة الجعل والتشريع، والحكم الشرعي في هذه المرتبة متقوم بفرض الموضوع لا بتحققه فعلا، إذ التشريع غير متوقف على تحقق الموضوع خارجا، بل يصح جعل الحكم على موضوع مفروض الوجود على نحو القضية الحقيقية، فصح تشريع القصاص على القاتل وان لم يقتل أحد أحدا إلى الأبد.

الثانية - مرتبة الفعلية، والحكم الشرعي في هذه المرتبة متقوم بتحقق الموضوع خارجا. لان فعلية الحكم انما هي بفعلية موضوعه، ومع انتفاء الموضوع خارجا لا يكون الحكم فعليا، وحيث إن الحكم الشرعي في كل واحد من المرتبتين مسبوق بالعدم، فقد يقرب الاستدلال بالاستصحاب.

باعتبار المرتبة الأولى وقد يقرب باعتبار المرتبة الثانية. أما تقريب الاستدلال باعتبار المرتبة الأولى، فهو ان الأحكام الشرعية لما كانت في جعلها تدريجية، فالحكم المشكوك فيه لم يكن مجعولا في زمان قطعا فتستصحب ذلك ما لم يحصل اليقين بجعله...

... واما تقريب الاستدلال بالاستصحاب باعتبار المرتبة الثانية للحكم وهي المترتبة الفعلية فهو استصحاب عدم التكليف الفعلي المتيقن قبل البلوغ.»[2]

فظهر ان الاستدلال بالاستصحاب للبرائة في المقام لها تقريبان حسب بيان السيد الخوئي. وإنما اكتفي الشيخ (قدس سره) بالتقريب الثاني.واورد عليه في الرسائل بما حاصله:ان ما ثبت بأدلة الاستصحاب ترتب اللوازم الشرعية المجعولة علي المستصحب دون اللوازم العقلية او المقارنات.والمستصحب هنا ليس الا برائة الذمة من التكليف، وعدم المنع من الفعل وعدم استحقاق العقاب عليه.والمطلوب اثباته في الآن الاحق – اي آن الشك – هو القطع بعدم ترتب العقاب علي الفعل او ما يستلزم ذلك، اذ لو لم يقطع بعدم العقاب بل احتمل العقاب. لاحتاج الي ضم حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، حتي يأمن العقل من العقاب، ومعه لا حاجة ‌الي الاستصحاب وملاحظة الحالة السابقة، لثبوت حكم العقل المذكور بمجرد الشك. ومن المعلوم ان المطلوب المذكور لا يترتب علي المستصحبات المذكورة، لأن عدم استحقاق العقاب ليس من اللوازم المجعولة حتي يحكم به الشارع في الظاهر. وأما الاذن والترخيص في الفعل:فهو وإن كان امراً قابلاً للجعل، ويستلزم انتفاء العقاب واقعاً، الا ان الأذن الشرعي ليس لازماً للمستصحبات المذكورة، بل هو من المقارنات حيث ان عدم المنع عن الفعل بعد العلم اجمالاً بخلو فعل المكلف عن احد الاحكام الخمسة لا ينفك عن كونه مرخصاً فيه، فهو نظير اثبات وجود احد الضدين بنفي الآخر بإصالة العدم.

 


[1] فرائد الاصول، الشيخ مرتضی الانصاري، ج2، ص59.
[2] مصباح الاصول، تقرير البحث السيدابوالقاسم الخوئي، السيدمحمدالواعظ الحسينی، ج2، ص288 و 292.