درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:البرائة في الشبهات التحريمية

والتحقيق:

انه قد مر في مقام البحث عن دلالة قوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً، انه لا اختصاص لها بالعذاب الدنيوي، كما لا نظر لها الى الامم السابقة، كما انها تتكفل نفي الاستحقاق لا نفي العقلية فقط، وعليه مدلول الاية نفي العقاب من قبله تعالى قبل اتمام الحجة، وأنها ظاهرة عرفاً في نفي استحقاق العقوبة بدون قيام الحجة، وأن عدم العذاب عند عدم قيام الحجة انما كان لأجل عدم استحقاق العقوبة.

وقد التزم السيد الاستاذ (قدس سره) بذلك في بحث الاستدلال بالآيات على البرائة.ويستكشف منه ان العقاب يدور مدار قيام الحجة عنده، ومعه فإن في المقام بعد ما حققناه، من ان العقل هو الحاكم في باب الاطاعة والعصيان، وأن حكمه نشأ من ادراك القوة العاقلة حسن الطاعة وقبح المعصية، وأن حكم العقل بقبح المؤاخذة عند عدم البيان لا ينفك عن حكمه في باب الاطاعة والعصيان، فكان مفاد حكمه في المقام، ان من كان عاصياً انما يحسن ما يترتب على عصيانه من قبل مولاه حسب ما كان معمولاً عنده، بلا فرق بين الموالي العرفية والمولى الحقيقية، ولازمه انه يحسن العقاب او المؤاخذة عند عصيان المولى ويقبح عند عدم تحقق العصيان.وما يلزم التنبيه عليه في المقام امران:

الاول: ان في مقام الشبهة في التكليف واحتمال وجوده، بمعنى عدم كونه عالماً بالتكليف، وعدم كونه عالماً بعدم التكليف، بل كونه مردداً في وجود التكليف، وأنه ليس في البين الا احتمال التكليف – باحتمال عقلائي- المفروض كون ترديده بعد الفحص واليأس عن حصوله بالبيان من ناحية المولى فإذا لم يحتفظ بالاحتمال وأتى بالفعل المفروض تحريمه في الواقع، او ترك الفعل المفروض وجوبه فيه، فهل يعد عاصياً لمولاه بعدم احتفاظه على غرضه المحتمل، او لا يعد عاصياً، مع انا نعلم انه لو ترك التكليف المعلوم الواصل اليه من ناحية مولاه كان عاصياً، وأما مع تركه المحتمل كونه غرضاً منه فيشكل جداً الالتزام بكونه عاصياً، لأن العصيان وهو مخالفة المولى، وإنما تحقق اذا خالفه في ترك اغراضه المعلومة وعدم الاحتفاظ بها، وأما الاغراض المحتملة التي يحتمل فيه عدم وجوده في الواقع، كما يحتمل وجوده، فإن عدم الاحتفاظ بها لا يعد مخالفة، ومعه لا يتحقق العصيان، ومع عدم تحققه لا يترتب عليه ما يترتب على العصيان، من انحاء المؤاخذة عند الموالي، وإنما يستقل العقل بقبح ترتبه، لأن القوة العاقلة تدرك المنافرة في مؤاخذة غير العاصي، فإنه كما ان مؤاخذة العاصي يكون عدلاً وملائماً بحسب ادراك القوة العاقلة، يكون مؤاخذة غير العاصي ظلماً، بلا فرق فيه بين المولى الشرعي والموالي العرفية، فإن الشرع ملتزم بهذه المقالة، وأن العصيان عنده مخالفة التكليف عند تمامية الحجة من المولى على العبد، ومع عدم علم المكلف بالتكليف، وبعد وصوله اليه وصرف احتماله لا تتم الحجة على التكليف فلا تكون مخالفته عصياناً.

ومعه يقبح المؤاخذة في المقام، اي مؤاخذة غير العاصي، وبالجملة أن حكم العقل بقبح ما يترتب على ترك اغراض المولى بدون البيان، ومن غير وصولها الى العبد مما لا شبهة فيه، ولا يفرق بين القول بأن القبح من مدركات القوة العاقلة، اي من الاحكام االعقلية المستقلة، او من بناء العقلاء المسماة بالقضايا المشهورة.كما لا يهم اختلاف التعبير في القاعدة مع وضوح ما هو الواقع فيها حتى مع الالتزام بأن العقل لا يتمكن من ادراك ما هو الواقع في العقوبات الشرعية.