درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:البرائة في الشبهات التحريمية

وقد افاد المحقق الاصفهاني – على ما مر في حاشيته –ان بناءً على عدم فعلية التكليف الا بالوصول، باعتبار انه عبارة عن جعل ما يمكن ان يكون داعياً، ولا امكان للداعوية ‌الا مع وصول التكليف الى العبد، فلا اشكال في عدم تمامية المؤاخذة مع عدم وصول الحكم، اذ لا موضوع لها، فإن المؤاخذة انما هي على مخالفة‌ التكليف، ولا تكليف مع عدم الوصول.

ثم افاد بما حاصله: ان هذا البيان لا يمكن ان يكون اساس بحث البرائة العقلية في المقام، لأن البرائة العقلية محل وفاق عند الجميع، وأما هذا البيان – وهو تقوم فعلية التكليف بالوصول، ولا تكليف مع عدم وصوله – محل خلاف وأنكره الاستاذ (قدس سره) – وهو صاحب الكفاية – فلا بد ان يكون الوجه في البرائة على المسلك المشهور هو ان قبح العقاب بلا بيان في المقام انما هو لاجل كونه من صغريات الظلم المحكوم بقبحه.

ولا يخفى ان الحكم باستحقاق العقاب في مورده انما هو لأجل خروج العبد عن زي الرقية الراجع الى كونه ظالماً لمولاه، ومن الواضح ان مقتضى الرقية ‌لا يستلزم الامتثال الا في صورة قيام الحجة وتمامية البيان، وأما مع عدم قيام الحجة فلا تكون المخالفة خروجاً عن زي الرقية ولا تعد ظلماً للمولى.

فلا يستحق العبد العقاب، فيكون عقابه ظلماً وعدواناً وهو قبيح.[1]

اورد عليه السيد الاستاذ (قدس سره):اما بالنسبة الى ما افاده (قدس سره) حسب مبناه من تقوم الفعلية بالوصول:«ففيه اولاً:قد تقدم منا في مبحث الواجب المعلق ان التكليف هو جعل ما يقتضى الداعوية لا ما يمكن ان يكون داعياً، واقتضاء الداعوية لا يتقوم بالوصول.» هذا اشكال مبنائي ثم اورد عليه ثانياً بناءً:

«أن التكليف في صورة الاحتمال له إمكان الداعوية، إذ الداعي ليس هو نفس الامر، فإنه سابق على العمل وجودا مع أن الداعي ما يتأخر عن العمل في الوجود الخارجي ويسبقه في الوجود الذهني. وانما الداعي هو موافقة الامر وامتثاله، والموافقة يمكن أن تكون داعية في ظرف الاحتمال، كما في موارد الاحتياط.»[2]

وأما بالنسبة الى ما افاده (قدس سره) على المسلك المشهور.

«ففيه أولا: ان الجزم بان العقاب مع عدم الوصول ظلم، لان المخالفة مع عدم الوصول ليست خروجا عن زي الرقية فليست ظلما للمولى، لا يخلو عن توقف، إذ الثابت ان المخالفة مع الوصول ظلم للمولى، كما انها في صورة الغفلة والجهل المركب ليست بظلم. أما المخالفة مع التردد، فكونها ليست بظلم أول الكلام، فانكاره للواسطة غير سديد.

وثانيا: لو سلم ان المخالفة مع عدم الوصول - مطلقا - ليست خروجا عن زي الرقية، فلا نسلم ان العقاب عليها ظلم من المولى الشرعي، لما عرفت من أن الظلم هو الخروج عن الحقوق والحدود المفروضة بين الطرفين. وهذا إنما يتأتى بالنسبة إلى المولى العرفي وعبده، أما المولى الحقيقي فلا يتصور فيه ذلك، فان العبد لمولاه وبيده تكوينا واعتبارا يتصرف فيه كيفما يشاء، ولا حق للعبد على المولى كي يكون الخروج عنه ظلما.

وثالثا: ان حكم العقل بقبح العقاب لأنه ظلم لا يتأتى على مسلكه في حكم العقل من كونه بملاك حفظ النظام، لان الظلم مخل بالنظام نوعا، وهو قبيح، كما صرح به ههنا. إذ أي نظام يحافظ عليه بقبح الظلم في العالم الأخروي، هل هو نظام ذلك العالم وهو مما لا نعرف كيفيته وشؤونه - وقد صرح ( قدس سره ) فيما يأتي في بيان عدم ثبوت قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، ان الاقدام على العقاب يكون اقداما على ما يترتب في نشأة أخرى أجنبية عن انحفاظ النظام وعدمه. فلاحظ -، أم نظام العالم الدنيوي وهو مما لا يرتبط بقبح الظلم في العالم الأخروي لعدم تأثيره كما لا يخفى ؟.

كما أنه لا يتأتى على المسلك الاخر، إذ لا علم لنا بان ملاك العقاب هو ظلم العبد مولاه كي يعد عقاب المولى عبده مع عدم خروجه عن زي الرقية ظلما وعدوانا، وهو مما ينافر القوة العاقلة، بل يمكن أن يكون بملاك آخر. كما تقدم بيان ذلك.»[3]

 


[1] نهاية الدراية في شرح الكفاية، محمد حسين الأصفهاني، ج2، ص462و 463.
[2] منتقي الاصول، تقرير بحث السيد الروحاني، السيد عبد الصاحب الحكيم، ج4، ص444.
[3] منتقي الاصول، السيد عبد الصاحب الحكيم، ج4، ص444 و 445.