درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

1400/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

تقریر اصول، جلسه74

بحث در نسبت سنجی بین روایت اسماعیل بن جابر و دیگر روایات بود.

مرحوم نائینی(ره) می فرمایند:

ان‌ السجود تارة: نقول بأنه من الأفعال. و أخرى: نقول بأنه من الهيئات.

فعلى الأول: لا بد من القول باعتبار آخر مرتبة الهوي المتصل بالهيئة الساجدية أو تمام الهوي بعد الركوع في حقيقة السجود، فإذا تحقق أول جزء منه فقد تحقق السجود.

و على هذا لا تكون هناك منافاة بين الروايتين، لأنه على الاعتبار الثاني- أعني: اعتبار تمام الهوي في حقيقة السجود- تكون رواية عبد الرحمن موضوعها الشك في الركوع بعد السجود، لأن المفروض انه دخل في السجود بمجرد تحقق الهوي منه، و هذا الموضوع هو بنفسه موضوع رواية إسماعيل.

و على الاعتبار الأول- أعني: اعتبار آخر مراتب الهوي في حقيقة السجود- تحمل رواية عبد الرحمن على هذه المرتبة بقرينة رواية إسماعيل الواردة في مقام التحديد، فيتحد موردهما، فلا منافاة بينهما بل بينهما تمام الوفاق.

و على الثاني: فيخرج الهوي عن حقيقة السجود، فيحصل التعارض بين الروايتين، إلّا انه يمكن علاجه بالالتزام بتقييد رواية إسماعيل لرواية عبد الرحمن، و ذلك لأن دلالة رواية عبد الرحمن على كفاية مطلق الدخول في الهوي انما كانت بالإطلاق، فيمكن تقييده و حمله على خصوص الهوي المنتهى إلى السجود بواسطة رواية إسماعيل الدالة على اعتبار الدخول في السجود[1] .[2]

مرحوم خوئی(ره) می فرمایند:

و فيه‌: أنّ‌ الموثقة غير صالحة لتقييد الصحيحة، أمّا من حيث المنطوق فواضح، إذ لا منافاة بين الحكم بعدم الاعتناء بالشك في الركوع بعد الدخول في السجود، و بين الحكم بعدم الاعتناء بالشك في الركوع بعد الهوي إلى السجود مطلقاً سواء وصل إلى السجود أم لا.

و أمّا من حيث المفهوم، فلأن مفهوم الشرط في قوله (عليه السلام): «إن شك في الركوع بعد ما سجد» إن لم يشك في الركوع بعد ما سجد، فيكون الحكم في المفهوم منتفياً بانتفاء الموضوع و هو الشك. نعم، لو كانت عبارة الموثقة هكذا: إن كان الشك في الركوع بعد ما سجد فليمض ...، كان مفهومها: إن لم يكن الشك في الركوع بعد ما سجد، بل كان الشك في الركوع قبل ما سجد فلا يمض، إذ الشك مفروض الوجود في المنطوق و المفهوم، فيكون مفهوم الموثقة مقيداً لاطلاق الصحيحة، و قد تقدّم‌[3] نظير هذا الكلام في البحث عن الاستدلال بمفهوم آية النبأ لحجية خبر العادل من أنّ مفهوم قوله تعالى: «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ...»[4] إن لم يجئ فاسق بنبإ، فيكون خبر العادل خارجاً عن المفهوم. نعم، لو كان النبأ مفروض الوجود في المنطوق و المفهوم، كما إذا كان المنطوق هكذا: إنّ النبأ إن كان الجائي به فاسقاً فتبيّنوا، كان مفهومه أنّ النبأ إن لم يكن الجائي به فاسقاً لا يجب التبين، فيدل المفهوم على حجية خبر العادل، و المقام من هذا القبيل بعينه[5] .

مرحوم روحانی(ره) می فرمایند:

و لكن ما أفاده في بيان تقييد رواية عبد الرحمن عجيب منه، و ذلك لما تقرر من ان التقييد إنما يقتضي تخصيص موضوع الحكم بالطبيعة الملازمة للقيد.

و بعبارة أوضح انه عبارة عن تقييد موضوع الحكم في الدليل المطلق، و هو الطبيعة السارية بحصة خاصة منه مع المحافظة على موضوعية الطبيعة للحكم، فأحد الدليلين انما يكون مقيدا للآخر فيما كان مفاده أن موضوع الحكم ليس هو الطبيعة على الإطلاق بل الطبيعة المتقررة في الفرد الخاصّ منها.

أما إذا كان مفاد أحد الدليلين أن موضوع الحكم هو الحصة الخاصة لا الطبيعة المتحصصة، فلا يكون هذا مقيدا للدليل الآخر الدال على ان موضوع الحكم‌ هو الطبيعة السارية، بل يكون متعارضا معه و منافيا له.

فحمل المطلق على المقيد انما يصلح لو كان لسان المقيد بالنحو الأول لا الثاني. فمثلا لو ورد: «أكرم العالم» ثم ورد: «أكرم العادل»، فتارة: يستفاد من الدليل الثاني تقييد موضوع الحكم و هو العالم بالعادل. و أخرى: يستفاد منه ان موضوع الحكم هو العادل بلا دخل للعلم فيه.

فعلى الأول: يحمل المطلق عليه. و على الثاني: لا يحمل لتنافيهما في مقام الدلالة- كما لا يخفى- و ما نحن فيه من قبيل الثاني، و ذلك لأن مفاد رواية عبد الرحمن على ما ذكره الاعتبار بالشك الحادث حال الهوي مطلقا سواء تعقبه السجود أو لم يتعقبه.

و مفاد رواية إسماعيل الاعتبار بالشك الحادث في خصوص السجود، فقد أخذ حدوثه في حال السجود موضوعا للحكم فيها. و أما بقاؤه إلى حال السجود مع كون حدوثه حال الهوي فهو غير معتبر في هذه الرواية.

و بالجملة: ليس مفاد رواية إسماعيل على اعتبار الشك الحاصل في السجود و لو بقاء كي يقيد به إطلاق رواية عبد الرحمن لعدم المنافاة بينهما حينئذ، بل مفادها ان موضوع الاعتبار هو الشك الحادث في السجود دون الحادث في حال الهوي، فهما متنافيان مفادا، و لا وجه لحمل إحداهما على الأخرى، إذ مقتضى كونها مقيدا للإطلاق كون مفادها هو عدم الاعتناء بالشك الحاصل حال الهوي المتعقب بالسجود، و هو أجنبي عن مفادها بالمرة كما هو واضح جدا.

يمكن ان يناقش أيضا: ان دلالة رواية إسماعيل على الاعتناء بالشك قبل السجود إنما هي بالمفهوم- على ما يأتي- و من الواضح ان المفهوم بالنسبة إلى رواية عبد الرحمن مطلق لشموله لحالتي القيام و الهوي، و اختصاص رواية عبد الرحمن بحالة الهوي و مقتضى القواعد الصناعية تقييد المفهوم برواية عبد الرحمن و الالتزام بتعدد الشرط في‌ إلغاء الشك‌ في‌ الركو

و يحتمل ان إلغاء الشك حال الهوي يستلزم إلغاء خصوصية الشك حال السجود، لأنه متأخر عن الهوي، فيتحقق التعارض بين النصين، فلاحظ[6] .

 


[1] .المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات 2- 474- الطبعة الأولى.
[2] . منتقى الأصول ؛ ج‌7 ؛ ص167-168.
[3] . في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص187- 190.
[4] .الحجرات 49: 6.
[5] . مصباح الأصول ( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي ) ؛ ج‌2 ؛ ص364.
[6] . منتقى الأصول ؛ ج‌7 ؛ ص168-169.