درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

1400/11/11

بسم الله الرحمن الرحیم

تقریر اصول، جلسه 68

بحث در نقل کلام مرحوم خوئی(ره) بود. ایشان در ادامه می فرمایند:

نعم لا نضايق‌ عن‌ الاعتناء بالشك و عدم جريان قاعدة التجاوز فيما إذا شك‌ في كلمة بعد الدخول في كلمة أخرى من كلام واحد، فضلا عما إذا شك في حرف من كلمة بعد الدخول في حرف آخر منها، و ذلك، لعدم صدق التجاوز و المضي عرفا، و ان كان التجاوز متحققاً بحسب الدقة العقلية، إلا أن الميزان هو الصدق العرفي لا الدقة العقلية.

و أما إذا شك في شي‌ء من أجزاء المركب بعد الدخول في جزء مستحب منه، كما إذا شك في القراءة بعد الدخول في القنوت، فقد اختار السيد (ره) في العروة جريان قاعدة التجاوز، و قرره المحشون، و لم نجد التصريح بخلافه. و لكن للمناقشة فيه مجال واسع، لما ذكرناه سابقاً من أن جريان القاعدة متوقف على صدق المضي و الخروج عن محل المشكوك فيه و التجاوز عنه، و لا يصدق إلا فيما إذا اعتبر المشكوك فيه سابقاً على الغير، كالقراءة بالنسبة إلى الركو و هذا المعنى مفقود في المقام، إذ لم يعتبر في القراءة وقوعها سابقاً على القنوت، و إن كان المعتبر في القنوت تأخر- عنها. فمثل القنوت بالنسبة إلى القراءة مثل التعقيب بالنسبة إلى التسليم. (توضيح ذلك): أن الجزئية و الاستحباب مما لا يجتمعان. و لا يعقل كون شي‌ء جزء للواجب و مستحباً، إذ الإهمال في مقام الثبوت غير متصور، فاما أن تكون الطبيعة المأمور بها مطلقة بالنسبة إلى الخصوصيات أو تكون مقيدة بوجود خصوصية على نحو يكون التقيد و القيد كلاهما داخلين في المأمور به، أو على نحو يكون التقيد داخلا، و القيد خارجاً فيكون جزءاً على الأول و شرطاً على الثاني، أو تكون مقيدة بعدم شي‌ء، فيكون مانعاً، ففيما إذا لم تكن الطبيعة المأمور بها مقيدة بوجود خصوصية و لا بعدمها، يكون المكلف مخيراً في تطبيقها في ضمن أي خصوصية من الخصوصيات. غاية الأمر كون الخصوصية (تارة) راجحة و (أخرى) مرجوحة و (ثالثة) بلا رجحان و لا مرجوحية، كإيقاع الصلاة في المسجد أو في الحمام أو في الدار، و كالصلاة مع القنوت‌ أو بدونه، فجميع هذه الخصوصيات غير داخلة في المأمور به. و معنى كون القنوت مثلا جزءاً مستحباً للصلاة أنه قد أُمر به استقلالا. غاية الأمر كون الصلاة ظرفا لوقوعها، و أن وقوعها في الصلاة موجب لكثرة ثوابها. و بهذا يفترق عن الدعاء المأثور في شهر رمضان، فان الصوم و إن كان ظرفا لوقوعه أيضا، إلا أن الدعاء المذكور عبادة بنفسه، و يترتب الثواب عليه، كما يترتب على الصوم، لا أنه يوجب كثرة ثواب الصوم.

فتلخص بما ذكرناه أن إطلاق الجزء على الأمور المستحبة مسامحة في التعبير، و ليست باجزاء حقيقة. و لا مجال لجريان قاعدة التجاوز عند الشك في جزء من المركب بعد الدخول في أمر مستحب، كالشك في القراءة مع الدخول في القنوت، و كذا الشك في التكبير بعد الدخول في الاستعاذة. و يعرف مما ذكرناه حكم جملة من الفروع التي ذكرها السيد (ره) في العروة في الختام المتعلق بالعلم الإجمالي، فراج

أما المقدمات- كما إذا شك في الركوع حال الهوي إلى السجود، أو شك في السجود حال النهوض إلى القيام- فاختار بعضهم جريان قاعدة التجاوز في المقامين، لشمول الغير للمقدمات أيضا. و ذهب جماعة- منهم المحقق النائيني (ره)- إلى عدم جريانها في المقامين. و هذا هو الصحيح- أما مع قطع النّظر عن النصوص الواردة في المقامين، فلأن جريان القاعدة منوط بصدق التجاوز و الخروج عن محل الشي‌ء المشكوك فيه، كما تقدم. و لا يصدق هذا المعنى عند الدخول في المقدمات، لعدم كونها من الأجزاء، إذ لم يدل دليل على كون الهوي أو النهوض معتبراً في الصلاة، بل لا يعقل كونهما من الأجزاء و تعلق الأمر الضمني بهما، إذ بعد الأمر بالسجود يكون الهوي حاصلا لا محالة، لامتناع الطفرة. و على تقدير إمكانها في نفسها لا تكون مقدورة للمكلف، فيكون الأمر به لغواً. و كذا النهوض مما لا بد منه بعد الأمر بالقيام، لامتناع الطفرة أو عدم كونها مقدورة للمكلف، فلا حاجة إلى الأمر به بعد الأمر بالقيام. و أما مع ملاحظة النصوص، فلما سيجي‌ء قريباً إن شاء اللَّه تعالى.

و فصّل صاحب المدارك بين المقامين: فقال بجريان القاعدة في المقام الأول، و عدمه في الثاني. و اعترض عليه صاحب الحدائق بما حاصله أن التفصيل بين المقامين كالجمع بين المتناقضين، لأن لفظ الغير المذكور في الروايات الدالة على قاعدة التجاوز إن كان شاملا للمقدمات، فتجري القاعدة في المقامين، و إلا فلا تجري فيهما.

و الإنصاف أن هذا الاعتراض مما لا ينبغي صدوره من مثله، إذ ليست قاعدة التجاوز من القواعد العقلية التي لا تكون قابلة للتخصيص، كاستحالة اجتماع الضدين مثلا، بل من القواعد الشرعية التي تعميمها و تخصيصها بيد الشارع، فله أن يخصصها بمورد دون مورد، كما حكم بجريانها في الصلاة، و بعدمه في الوضوء، فلا بد من ملاحظة الدليل الّذي أقامه صاحب المدارك، للتفصيل المذكور، و أنه وافٍ بالتفصيل أم لا؟ فنقول: نظره في هذا التفصيل إلى روايتين: (الأولى)- رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللَّه[1] الدالة على عدم جريان القاعدة و وجوب الاعتناء بالشك‌ في المقام الثاني. (الثانية)- صحيحة عبد الرحمن[2] ، فادعى دلالتها على جريانها في المقام الأول[3] .

 


[1] .نقل في الوسائل عن محمد بن الحسن عن سعد عن أحمد بن محمد عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللَّه «قال قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: رجل رفع رأسه من السجود، فشك قبل أن يستوي جالساً، فلم يدر أ سجد أم لم يسجد؟ قال عليه السلام: يسجد، قلت فرجل أنهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أ سجد أم لم يسجد؟ قال عليه السلام: يسجد».
[2] . عَنْهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ‌ أَهْوَى‌ إِلَى‌ السُّجُودِ فَلَمْ يَدْرِ أَ رَكَعَ أَمْ لَمْ يَرْكَعْ قَالَ قَدْ رَكَعَ.
[3] . مصباح الأصول ( مباحث حجج و امارات - مكتبة الداوري )، ج‌2، ص: 303-299.