درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

1400/08/01

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الأصول العملية/نحوه تقدیم اماره بر استصحاب /نقل قول مرحوم روحانی و مرحوم خوئی(رحمة الله علیهما)

 

تقریر اصول، جلسه پنجم

مرحوم روحانی(ره) می فرمایند:

و الّذي‌[1] يستفاد من‌ كلام‌ المحقق‌ الأصفهاني (قدس سره) في المقام انه على القول بان دليل اعتبار الأمارة يتكفل تنزيل الأمارة منزلة العلم و على القول بأنه يتكفل تنزيل مؤداها منزلة الواقع. يكون دليل الأمارة حاكما على دليل الاستصحاب.

و بيان ذلك: ان الأمارة و الأصل يشتركان في كون مفادهما معا حكما ظاهريا، و لكن الأمارة تفترق عن الأصل انها تتكفل أداء الحكم الظاهري بعنوان انه الواقع، و لذا تترتب عليه آثار الواق بخلاف الأصل، فان ما يتكفل بيانه ليس بعنوان انه الواقع، بل هو في مرحلة متأخرة عن الجهل بالواق و على هذا، فتتضح حكومة دليل الأمارة على دليل الاستصحاب لو كان متكفلا لتنزيلها منزلة العلم، لأنه يتكفل رفع موضوع الاستصحاب- و هو الجهل بالواقتعبدا، و يوجب التصرف في موضوع دليله فيكون ناظرا إليه و حاكما عليه.

أما إذا كان دليلها متكفلا لتنزيل المؤدي منزلة الواقع، فقد لا تتضح الحكومة حينئذ، لأنه لم يؤخذ في موضوع دليل الاستصحاب عدم الواقع، بل أخذ الشك و عدم العلم لا غير. فلا يوجب دليل الأمارة التصرف في موضوعه، بل مفاده أجنبي عنه‌[2] .

و لذلك ذهب المحقق العراقي إلى عدم الحكومة على هذا القول‌[3] و لكنه مع هذا يمكن تقريب الحكومة على هذا القول ببيان ان الموضوع إذا كان مركبا أو مقيدا، فتنزيل أحد الجزءين أو تنزيل القيد مع إحراز الجزء الآخر أو ذات المقيد يوجب التئام الموضوع و يترتب عليه الحكم، فتنزيل القيد على هذا تنزيل للمقيد بما هو مقيد لأنه يوجب تحققه تنزيلا، فيكون التنزيل حينئذ موجبا للحكومة، لأنه ناظر إلى موضوع الحكم فيضيقه أو يوسعه.

و موضوع الاستصحاب هو العلم المتعلق بالواقع، فالواقع قيد للعلم. و لا إشكال في انه عند قيام الأمارة يعلم وجدانا بمؤداها و مفادها، فإذا كان المؤدى بمنزلة الواقع، خرج المورد حينئذ عن موضوع دليل الاستصحاب للعلم بالواقع حينئذ.

فبهذا التقريب تمكن دعوى حكومة دليل الأمارة على دليل الاستصحاب بناء على القول بان مفاد دليل الاعتبار تنزيل المؤدى منزلة الواقع، لأنه أيضا يوجب خروج المورد عن موضوع دليل الاستصحاب.

و لكنه و ان أمكن تحققه ثبوتا، غير انه ليس بثابت في مقام الإثبات، فلا يتحقق ما هو أساس الحكومة من نظر الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم.

و بيان ذلك: ان دليل التنزيل ظاهر عرفا في كون التنزيل بلحاظ ترتيب آثار نفس آثار المنزل عليه على المنزل، لا الآثار الأخرى المرتبطة به بنحو ارتباط، فتنزيل زيد منزلة عمر و انما يكون بلحاظ ترتيب نفس آثار عمر و على زيد، لا آثار أبي عمرو أو أخيه على أبي زيد أو أخيه. و لما كانت الغاية في باب الاستصحاب و غيره من الأصول الشرعية هي العلم بالواقع، فدليل الأمارة إذا كان ترتيب آثار نفس الواقع على المؤدى. أما ترتيب آثار ما يضاف إليه و يتعلق به، فلا يتكفله دليل التنزيل.

و عليه، فلا يتكفل ترتيب آثار العلم بالواقع على العلم بالمؤدى.

نعم، فيما إذا لم يكن للقيد أثر مستقل أصلا، إلا بلحاظ إضافة ذات المقيد إليه، كان تنزيل شي‌ء منزلته بلحاظ ترتيب آثار المقيد بما هو مقيد، و يكون تنزيل القيد تنزيلا للمقيد بما هو كذلك التزاما.

و بما ذكرنا، يندفع ما قد يستشكل به من انه: كما انه إذا كان دليل الأمارة متكفلا لتنزيل الأمارة منزلة العلم يتمسك بإطلاق دليل التنزيل، فيترتب عليها جميع آثار العلم، و لذلك يقال بحكومتها على أصالة البراءة و غيرها دون خصوص الاستصحاب. فكذلك إذا كان دليلها متكفلا لتنزيل مؤداها منزلة الواقع، فليتمسك بإطلاق دليل التنزيل و يرتب على المؤدى جميع آثار الواقع و لو كانت

مرتبطة به بنحو ارتباط[4] .

 

مرحوم خوئی(ره) می فرمایند:

فنقول‌: التخصيص‌ هو رفع‌ الحكم‌ عن الموضوع بلا تصرف في الموضوع، كقوله عليه السلام: «نهى النبي صلى اللَّه عليه و آله عن بيع الغرر» فانه تخصيص لقوله تعالى: «و أحل اللَّه البيع» لكونه رافعاً للحلية بلا تصرف في الموضوع بأن يقال: البيع الغرري ليس بيعاً مثلا، و كذا سائر أمثلة التخصيص. و يقابله التخصص مقابلة تامة، إذ هو عبارة عن الخروج الموضوعي التكويني الوجداني بلا إعمال دليل شرعي، كما إذا أمر المولى بوجوب إكرام العلماء، فالجاهل خارج عنه خروجاً موضوعياً تكوينياً بالوجدان بلا احتياج إلى دليل شرعي. و ما بين التخصيص و التخصص أمران متوسطان: و هما الورود، و الحكومة. أما الورود فهو عبارة عن انتفاء الموضوع بالوجدان لنفس التعبد لا لثبوت المتعبد به- و إن كان ثبوته لا ينفك عن التعبد- إلا أن ثبوته إنما هو بالتعبد. و أما نفس التعبد فهو ثابت بالوجدان لا بالتعبد، و إلا يلزم التسلسل. و ذلك كالأمارات بالنسبة إلى الأصول العقلية:

كالبراءة العقلية و الاحتياط العقلي و التخيير العقلي، فان موضوع البراءة العقلية عدم البيان. و بالتعبد يثبت البيان و ينتفي موضوع حكم العقل بالبراءة بالوجدان. و موضوع الاحتياط العقلي احتمال العقاب. و بالتعبد الشرعي و قيام الحجة الشرعية يرتفع احتمال العقاب، فلا يبقى موضوع للاحتياط العقلي. و موضوع التخيير العقلي عدم الرجحان مع كون المورد مما لا بد فيه من أحد الأمرين: كما إذا علم بتحقق الحلف مع الشك في كونه متعلقاً بفعل الوطء أو تركه، فانه لا بد من الفعل أو الترك، لاستحالة ارتفاع النقيضين كاجتماعهما. و مع قيام الأمارة على أحدهما يحصل الرجحان و ينتفي موضوع حكم العقل بالتخيير وجدانا. و أما الحكومة فهي عبارة عن انتفاء الموضوع لثبوت المتعبد به بالتعبد الشرعي. و ذلك كالأمارات بالنسبة إلى الأصول الشرعية التي منها الاستصحاب، فانه بعد ثبوت ارتفاع المتيقن السابق بالتعبد الشرعي لا يبقى موضوع للاستصحاب، إذ موضوعه الشك. و قد ارتفع تعبداً. و إن كان باقياً وجدانا لعدم كون الأمارة مفيدةً للعلم على الفرض. و كذا سائر الأصول الشرعية، فانه بعد كون الأمارة علماً تعبدياً لما في تعبير الأئمة- عليهم السلام عمن قامت عنده الأمارة بالعارف و الفقيه و العالم- لا يبقى موضوع لأصل من الأصول الشرعية تعبداً.

فتحصل مما ذكرناه: أن تقديم الأمارات على الاستصحاب ليس من باب الورود، إذ بمجرد ثبوت التعبد بالأمارة لا يرتفع موضوع التعبد بالاستصحاب، لكونه الشك و هو باقٍ بعد قيام الأمارة على الفرض، بل تقديمها عليه إنما هو من باب الحكومة التي مفادها عدم المنافاة حقيقة بين الدليل الحاكم و المحكوم عليه.

(توضيح ذلك) أن القضايا الحقيقية متكفلة لإثبات الحكم على تقدير وجود الموضوع، و ليست متعرضة لبيان وجود الموضوع نفياً و إثباتا- بلا فرق بين كونها من القضايا الشرعية أو العرفية: إخبارية كانت أو إنشائية- فان مفاد قولنا:- الخمر حرام- إثبات الحرمة على تقدير وجود الخمر. و أما كون هذا المائع خمراً أو ليس بخمر، فهو أمر خارج عن مدلول الكلام. و حيث أن دليل الحاكم شأنه التصرف في الموضوع، فلا منافاة بينه و بين الدليل المحكوم الدال على ثبوت الحكم على تقدير وجود الموضوع، فلا منافاة بين الدليل الدال على حرمة الخمر و الدليل الدال على أن هذا المائع ليس بخمر. و كذا لا منافاة بين قوله تعالى: «و حرم الرّبا» و بين قوله عليه السلام:

«لا ربا بين الوالد و الولد» إذ مفاد الأول ثبوت الحرمة على تقدير وجود الرّبا.

و مفاد الثاني عدم وجوده. و بعد انتفاء الرّبا بينهما بالتعبد الشرعي تنتفي الحرمة لا محالة.

و كذا لا منافاة بين أدلة الاستصحاب و لأمارة القائمة على ارتفاع الحالة السابقة، فان مفاد أدلة الاستصحاب هو الحكم بالبقاء على تقدير وجود الشك فيه. و مفاد الأمارة هو الارتفاع و عدم البقاء. و بعد ثبوت الارتفاع بالتعبد الشرعي لا يبقى موضوع للاستصحاب. و لا فرق في عدم جريان الاستصحاب مع قيام الأمارة بين كونها قائمة على ارتفاع الحالة السابقة أو على بقائها، إذ بعد ارتفاع الشك بالتعبد الشرعي لا يبقى موضوع للاستصحاب في الصورتين، فكما لا مجال لجريان استصحاب النجاسة بعد قيام البينة على الطهارة، فكذا لا مجال لجريانه بعد قيام البينة على بقاء النجاسة. و ظهر بما ذكرناه فساد ما في الكفاية من أن لازم القول- بكون تقديم الأمارات على الاستصحاب من باب الحكومة- جريان الاستصحاب فيما إذا قامت الأمارة على بقاء الحالة السابقة[5] .

 


[1] لم يتعرض السيد الأستاذ- دام ظله- له في هذه الدورة.( منه عفي عنه).
[2] الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية 3- 129- الطبعة الأولى.
[3] البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار 4- 19- القسم الثاني- طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
[4] منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج6، ص427-429.
[5] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج2، ص250-252.