درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

1400/07/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأصول العملية/نحوه تقدم امارات بر استصحاب /نقل کلام مرحوم نائینی و مرحوم عراقی(رحمة الله علیهما)

 

بحث در نقل کلام مرحوم نائینی (ره) بود.

ایشان در ادامه می فرمایند:

«فدعوى‌: ورود الأمارات‌ على‌ الأصول بعضها على بعض، لا تستقيم إلّا بأحد وجوه:

الأوّل- دعوى: أنّ المراد من «العلم» الّذي أخذ غاية للتعبّد بالأصول العمليّة ليس خصوص العلم الوجداني، بل مطلق الحجّة، سواء كانت عقليّة كالعلم، أو شرعيّة كالأمارات، فيكون مفاد قوله عليه السلام في أخبار الاستصحاب: «لا تنقض اليقين بالشكّ، بل تنقضه بيقين آخر» لا تنقض الحجّة بغير الحجّة بل تنقضها بالحجّة، فقد أخذ الشكّ و اليقين كناية عن الحجّة و اللاحجّة، فتكون الأمارة واردة على الاستصحاب و سائر الأصول الشرعيّة و رافعة لموضوعها حقيقة، كورودها على الأصول العقليّة.

و توهّم: أنّ الأصل الشرعي أيضا حجّة فلا وجه لرفع اليد عن الأصل بالأمارة، لأنّه كما يمكن أن يقال: «إن العمل بالأمارة في مورد الأصل يكون من نقض الحجّة بالحجّة» كذلك يمكن أن يقال: «إنّ العمل بالأصل على خلاف الأمارة يكون من العمل بالحجّة» فلا يلزم من ترك العمل بالأمارة و الأخذ بالأصل الشرعي طرح الأمارة بلا حجّة على خلافها، فلو كان المراد من «العلم» الّذي أخذ غاية في الأصول هو مطلق الحجّة، يلزم التعارض بين أدلّة الأمارات و أدلّة الأصول، و إلى ذلك أشار الشيخ- قدّس سرّه- بقوله:

«و إلّا أمكن أن يقال: إنّ مؤدّى الاستصحاب» إلى قوله: «و لا يندفع مغالطة هذا الكلام» فاسد، فانّ الشكّ لم يؤخذ في موضوع الأمارات، فيصحّ أن يقال: «إنّ الأخذ بالأمارة في مورد الأصل يكون من نقض الحجّة بالحجّة» فيندرج في قوله عليه السلام «بل تنقضه بيقين آخر» و هذا بخلاف الأخذ بالأصل في مورد الأمارة، فانه يلزم منه ترك العمل بالحجّة المطلقة بلا مخصّص، لأنّ أدلّة حجّيّة الأمارة لم تكن مقيّدة بعدم قيام الأصل على خلافها، فتخصيص حجّيّتها بما إذا لم يكن أصل على خلافها يكون بلا موجب، بخلاف الأصل، فانّ دليل اعتباره مقيّد بما إذا لم تقم حجّة على خلاف مؤدّى الأصل.

هذا، و لكن لا يخفى ما في هذا الوجه من الضعف، فانّ جعل العلم كناية عن الحجّة ممّا لا شاهد عليه، بل الظاهر من العلم و اليقين الّذي أخذ غاية في الأصول العمليّة هو خصوص الاعتقاد الراجح الّذي لا يجامعه احتمال الخلاف.

مع أنّ هذا البيان إنّما يتمّ في خصوص الأمارات، و أمّا الأصول: فلا يتأتّى فيها هذا التقريب، لأنّ الشكّ أخذ موضوعا في مطلق الأصول و العلم بالخلاف أخذ غاية في الجميع، فلا وجه لتقدّم الأصول المحرزة على غيرها، لأنّ رفع اليد عن الأصل المحرز بالأصل الغير المحرز أيضا يكون من رفع اليد عن الحجّة بالحجّة على الخلاف، كما أنّ رفع اليد عن الأصل الغير المحرز بالأصل المحرز يكون من رفع اليد عن الحجّة بالحجّة على الخلاف، فالمغالطة الّتي ذكرها الشيخ- قدّس سرّه- تبقى على حالها في باب الأصول، و يلزم وقوع التعارض بينها.

الوجه الثاني- دعوى: أنّ المراد من الغاية خصوص العلم بالوجداني، و لكن متعلّق العلم أعمّ من الحكم الواقعي و الظاهري، فتكون الأمارة واردة على الأصول، للقطع بحجّيّتها، فيقطع بالحكم الظاهري على خلاف مؤدّى الأصل عند قيام الأمارة على الخلاف.

و هذا الوجه بمكان من الفساد، فانّه إن أريد من الحكم الظاهري مؤدّى الأمارة، فالمؤدّى مشكوك، لاحتمال مخالفة الأمارة للواقع، و إن أريد من الحكم الظاهري اعتبار الأمارة و حجّيّتها، فهو و إن كان متيقّنا- للعلم بحجّيّة الأمارات- إلّا أنّ العلم بالحجّيّة لم يؤخذ غاية للتعبّد بالأصول العمليّة، بل الغاية هي العلم بخلاف مؤدّى الأصل، أي العلم بمتعلّق الشكّ الّذي أخذ موضوعا فيه، و متعلّق الشكّ هو الأحكام الواقعيّة و موضوعاتها، فلا بدّ من أن يتعلّق العلم بها، و العلم بحجّيّة الأمارة أجنبيّ عن العلم بالحكم الواقعي. هذا، مع أنّ العلم بالحجّيّة لا يختصّ بباب الأمارات، بل الأصول أيضا كذلك، للعلم بحجّيّتها، فانّ أدلّة اعتبارها لا تقصر عن أدلّة اعتبار الأمارات.

و بالجملة: تشترك الأصول مع الأمارات في العلم بحجّيّتها، و تشترك الأمارات مع الأصول في عدم العلم بالمؤدّى، فدعوى: أنّ الوجه في ورود الأمارات على الأصول كون المراد من الغاية الأعمّ من الحكم الواقعي و الظاهري، ضعيفة جدّاً.

الوجه الثالث- دعوى: أنّ المراد من الغاية مطلق الإحراز، لا خصوص العلم الوجداني [1] فيكون معنى قوله عليه السلام «لا تنقض اليقين بالشكّ بل تنقضه بيقين آخر» هو أنّ الإحراز لا ينقض بالشكّ، بل لا بدّ من نقضه بإحراز آخر يخالف الإحراز السابق.

و يمكن تقريب هذا الوجه بما تقدّم في بيان قيام الطريق و الأمارات و الأصول المحرزة مقام القطع الّذي أخذ في الموضوع على وجه الطريقية.

و حاصله: أنّ ظاهر الدليل و إن كان يعطى اعتبار خصوص الكشف الوجداني و الإحراز التامّ الحقيقي، إلّا أنّه لمّا كان اعتبار القطع من حيث‌ الطريقيّة و الكاشفيّة لا من حيث كونه صفة قائمة في النّفس، فيستفاد من الدليل- و لو بتنقيح المناط- أنّ الموضوع هو العنوان الكلّي الأعمّ من الإحراز الوجداني و الإحراز التعبّدي، أي مطلق الكاشف و المحرز، سواء كان إحرازه و كشفه من مقتضيات ذاته بلا جعل جاعل أو بتتميم كشفه بجعل الشارع، فانّه لو لا استفادة ذلك من الدليل الّذي أخذ القطع موضوعا فيه لم يكن وجه لقيام الأمارات و الأصول المحرزة مقام القطع، فقيامها مقامه لا يمكن إلّا بجعل الموضوع عنوانا كلّيّا ينطبق على ما جعله الشارع محرزا، فيكون أخذ خصوص العلم في ظاهر الدليل لكونه من أحد مصاديق المحرز، لا لخصوصيّة فيه، و على هذا تستقيم دعوى: ورود الأمارات على الأصول مطلقا و ورود الأصول المحرزة على غيرها، فانّه بعد قيام الأمارة على خلاف مؤدّى الأصل يكون مؤدّى الأمارة محرزا ببركة التعبّد بها و تتميم كشفها، فيكون من قامت عنده الأمارة قد أحرز خلاف مؤدّى الأصل، و يخرج مورد الأمارة عن قوله عليه السلام «لا تنقض اليقين بالشكّ» و يندرج حقيقة في قوله: «بل تنقضه بيقين آخر» فتكون الأمارة واردة على الأصل، لأنّه لا يعتبر في الورود أزيد من كون المورد خارجا عن موضوع دليل المورد حقيقة، و بعد قيام الأمارة على خلاف الأصل يكون مؤدّى الأمارة خارجا عن موضوع الأصل حقيقة، لأنّ المفروض: أنّ المراد من «اليقين» الّذي أخذ غاية للتعبّد بالأصل مطلق الإحرا

و بذلك يظهر أيضا ورود الأصول المحرزة على غيرها، لأنّه أيضا ببركة التعبّد بالأصل المحرز يخرج المؤدّى عن موضوع الأصل الغير المحرز حقيقة، فانّه قد أحرز خلافه، و ذلك بعد البناء على أنّ الغاية للتعبّد بالأصول مطلق الإحراز واضح.

و هذا الوجه أحسن ما يمكن أن يقال في تقريب ورود الأمارات على الأصول و ورود الأصول المحرزة على غيرها.

و لكن مع ذلك لا يخلو عن مناقشة بل منع، لأنّ قيام الأمارة و الأصل المحرز مقام القطع الطريقي ليس مبنيّا على جعل الموضوع عنوانا كليّا يعمّ الإحراز التعبّدي بتنقيح المناط، و إن ذكرنا ذلك وجها لقيام الطرق و الأصول مقام القطع الطريقي، إلّا أنّه قد تقدّم: أنّه يمكن المناقشة فيه بمنع تنقيح المناط القطعي، بل عمدة الوجه في قيامها مقامه: هو أنّ المجعول في الأمارات لمّا كان الإحراز و الوسطيّة في الإثبات، فتكون حاكمة على الدليل الّذي أخذ القطع في موضوعه، بل قد تقدّم: أنّ حكومتها على الأدلّة المتكفّلة للأحكام الواقعيّة الّتي لم يؤخذ القطع في موضوعها إنّما تكون بتوسّط كونها محرزة لها، فحكومتها على نفس القطع و الإحراز الّذي أخذ في الموضوع أولى و أحرى: فراجع ما ذكرناه في مبحث القط

و بتقريب آخر: قيام الطرق و الأمارات و الأصول المحرزة مقام القطع الطريقي إنّما هو بعناية كونها متكفّلة لإثبات مؤدّياتها، فتكون المؤدّيات محرزة ببركة التعبّد بها، و لذلك لم تقم الأصول الغير المحرزة مقام القطع الطريقي، فانّها غير متكفّلة لإثبات المؤدّى، و حينئذ لا يمكن أن يكون بين الأمارات و الأصول ورود، لأنّه يعتبر في الورود أن يكون أحد الدليلين رافعا لموضوع الآخر بنفس التعبّد به لا بعناية ثبوت المتعبّد به.

و لأجل ذلك كانت الأصول الغير المحرزة واردة على الأصول العقليّة، لأنّه بنفس التعبّد بها يرتفع موضوع حكم العقل- بالبيان المتقدّم- و الأمارات إنّما تكون رافعة لموضوع الأصول بعناية ثبوت المتعبّد به فيها لا بنفس التعبّد، لاشتراك الأصول معها في التعبّد، فلا تصحّ دعوى: كون الأمارات واردة على الأصول، بل لا بدّ من كونها حاكمة عليها.

نعم: نتيجة كلّ حكومة هي الورود بعناية رفع الموضوع، كما أنّه بعناية رفع الحكم تكون النتيجة هي التخصيص، فتأمّل جيّدا»[1] .

 

مرحوم عراقی (ره) می فرمایند:

«يعتبر في‌ الاستصحاب‌ ان‌ يكون‌ ما أحرز ثبوته‌ مشكوك البقاء و الارتفاع و إلّا فلو أحرز بقائه أو ارتفاعه فلا استصحاب و وجهه ظاهر (و هذا) في الإحراز الوجداني واضح (و انما الكلام) في الإحراز التعبدي الحاصل مما أقامه الشارع مقام الإحراز الوجداني، كالطرق و الأمارات المعتبرة (و منشأ) الإشكال بقاء الشك الوجداني في البقاء و الارتفاع على حاله و عدم زواله بقيام الطرق و الأمارات على البقاء أو الارتفاع (و لكن) مع ذلك لا إشكال بينهم في الأخذ بالطرق و الأمارات و عدم الاعتناء معها بالاستصحاب (و ان كان) قد يظهر من بعضهم في بعض المسائل الفقهية إعمال المعارضة بينهما أو الإشكال في تقديم الأمارة عليه (و يمكن) أن يكون ذلك منهم للبناء على كون الاستصحاب من الأمارات الظنية كما يشهد به استدلالهم للاستصحاب بكونه مفيدا للظن بالبقاء و حكم العقل بالاخذ بالراجح (و إلا) فبناء على أخذه من الاخبار و كونه من الأصول العملية كما عليه المحققون فلا إشكال في تقديم الأمارة و لو على البقاء و عدم جريان الاستصحاب معها (نعم) انما الخلاف بينهم في وجه تقديم الأمارة من كونه بمناط الورود أو الحكومة أو التخصيص.

(و لتحقيق) الكلام في المقام لا بأس بالإشارة الإجمالية إلى معنى الورود و الحكومة و بيان الفارق بينهما و بين التخصص و التخصيص.‌

(فنقول): اما الورود

فهو عبارة عن كون أحد الدليلين بجريانه رافعاً لموضوع دليل المورود وجدانا و حقيقة بحيث لو لا جريانه لكان المورود جارياً، كما في الطرق و الأمارات المعتبرة بالنسبة إلى الأصول العقلية، كالبراءة و الاحتياط و التخيير (حيث) ان الأمارة بقيامها في مورد على الوجوب أو الحرمة مثلا تكون بياناً على الواقع، فيرتفع‌ اللابيان الّذي هو موضوع البراءة العقلية، كما انه يتحقق المؤمن عند قيامها على الإباحة فيرتفع احتمال الضرر و العقوبة الّذي هو موضوع حكم العقل بالاحتياط، و يرتفع به أيضاً التحير الّذي هو موضوع حكمه بالتخيير (نظير التخصص) غير ان الميز بينهما هو ان في التخصص يكون خروج المورد عن تحت دليل الآخر ذاتيا، كما في خروج زيد الجاهل عن عموم أكرم العلماء، بخلافه في الورود، فان خروج المورد عن تحت دليل المورود عرضي ناشئ عن تصرف من الشارع بالتعبد بدليل الوارد، بحيث لو لا عناية التعبد بدليله لكان دليل المورود جاريا و شاملا للمورد (و لذلك) نفرق في الأصول العقلية تخصصاً و ورودا بين الأدلة القطعية و التعبدية بخروج المورد عن مجرى الأصول في الأول من باب التخصص و في الثاني من باب الورود

(و أما الحكومة)

فهي عبارة عن كون أحد الدليلين متعرضا لحال مفاد دليل آخر، اما بعناية التصرف في عقد وضعه توسعة أو تضييقاً بإدخال ما يكون خارجاً عنه أو إخراج ما يكون داخلا فيه، كقوله زيد عالم أو ليس بعالم عقيب قوله أكرم العالم (و أما) في عقد حمله بكونه ناظرا و لو بدوا إلى تعيين مفاده، كقوله لا ضرر و لا ضرار و لا حرج في الدين بعد تشريع الأحكام، أو قبله (و بذلك) يفترق الحاكم عن المخصص، فان الحكومة بحسب النتيجة و ان كانت تشارك التخصيص من حيث كون خروج المورد عن تحت دليل الآخر حكميا لا حقيقاً، (إلّا ان الفرق) بينهما هو ان في التخصيص يكون خروج المورد عن تحت العام بلا تصرف من المخصص في عقد وضع العام أو عقد حمله كما في قوله لا تكرم زيدا بعد قوله أكرم العلماء، و في الحكومة يكون ذلك بعناية تصرف من الحاكم في عقد وضع المحكوم إدخالا أو إخراجا، أو في عقد حمله (و ربما) يكون بينهما الفرق من جهات أخرى يأتي تفصيله في مبحث التعادل و التراجيح»[2] .

 


[1] فوائد الأصول، الكاظمي الخراساني، الشيخ محمد علي، ج4، ص597-601.
[2] نهاية الافكار، العراقي، آقا ضياء الدين، جج4ق2، ص16-17.