درس خارج فقه استاد سید‌‌‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/08/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الأمر الرابع: مرّ أنّه بحسب ظهور الرواية الواردة هنا فانّ الحكم هو صحّة صلاتهما، إذا ادّعى كلّ واحدٍ منهما الإمامة، لأنَّ الإمام يقرأ في صلاته، فلا تخلو صلاتهما عن القراءة، هذا توجيهٌ صحيح ومتينٌ، ولكنه مشروطٌ بأن لا يعرض على أحدهما شکّ في أثناء صلاته، وأمّا لو عرض الشکّ، واعتمد أحدهما على فعل صاحبه؛ فقد ادّعى صاحب «مصباح الفقيه» البطلان حينئذٍ، وقال في وجهه : (إمّا لكونه أثر الشکّ في غير الإمام والمأموم، كما لو كان في الأوليين مثلاً، أو لعدم العمل بوظيفته، لو كان في الأخيرتين).

ولعلّ وجه البطلان عند عروض الشکّ، لأجل أَنَّ عروض الشکّ في أثناء الصلاة، مع ادّعاء كلّ منهما الإمامة، يؤدّي الى صيرورة الصلاة فرادى وخارجاً عن الجماعة، فبالنتيجة يكون حدوث الشکّ في الركعتين الاُولتين من صلاة الفرادى مستلزمٌ للبطلان؛ لأنَّ المفروض خروجه عن الجماعة مع الشکّ، وصيرورته فرادى، كما أنّ الأمر كذلک ـ أي تبطل الصلاة ـ لو كان عروض الشکّ في الأخيرتين، حيث إنّه لم يأت الشّاک بما هو وظيفته؛ لأنَّ المفروض عدم تحقّق الجماعة مع الشکّ، وترک ما هو الواجب عليه، ولذلک يحكم على صلاته بالبطلان.

ولابدّ من التركيز على ما قيل حتّى لا يشتبه الأمر.

الأمر الخامس: أَنَّ إخبار كلّ واحد منهما بالإمامة أو المأموميّة المستلزم للصحّة في الأوّل والبطلان في الثاني، إخبارٌ يتضمّن الإقرار على الغير، فلا يقبل حتّى يحكم ببطلان صلاة الآخر؛ لأجل لأنّ كلّ واحدٍ منهما يدّعى الائتمام بصورة المأموميّة، فيكون المورد مثل ما لو أخبر الإمام بعد الصلاة بفساد صلاته بغير ذلک، فكما لا يقبل هذا الاخبار في حقّ المأموم، ولا يحكم ببطلان صلاته، فهكذا يكون في المقام.

وهذا اشكالٌ صادرٌ عن الشيخ علي؛، صاحب الحاشية على «جامع المقاصد» للمحقّق الثاني، وعن صاحب «فوائد الشرائع» حيث قالا ـ كما في «الجواهر» ـ :

(وفي قبول قول كلّ منهما في حقّ الآخر بعد الصلاة تردّدٌ، وعلّله في الثاني بأنَّ الإمام لو أخبر بحدثه، أو عدم تستّره، أو عدم قراءته، لم يقدح ذلک في صلاة المأموم، إذا كان قد دخل على وجهٍ شرعي وقضيّة المزبور جريان التردّد في الصورة الأُولى أيضاً، التي علم فيها ذلک، حتّى مع الاقتران، لأنَّ الحدث ونحوه لا يقدح في صحّة صلاة المأموم، وإن علم صحّة دعوى الإمام في حصوله منه قبل الصلاة، إذ تكليف المأموم العمل بالظاهر المقتضي للإجزاء، كتبيّن الفسق وغيره ولعلّه مراده). انتهى كلام صاحب الجواهر[1] .

 

وقد أُجيب عن هذا الإشكال بأجوبة متعدّدة :

الجواب الأوّل: بأنّه اجتهادٌ في مقابل النّص المعمول به بين الأصحاب.

الجواب الثاني : بما في «الروض»، من أنّه يمكن أن يكون شرط جواز الائتمام، ظنّ صلاحية الإمام لها، فإن تحقّقت الإمامة مع هذا الظنّ، وحصل الائتمام، لم يقبل قوله في حقّه كما في الحَدَث ونحوه، وإن حكم بهما ظاهراً، ثمّ ظهر خلافه، قُبل قول الإمام، لعدم تيقّن انعقاد الجماعة، والبناء على الظاهر مشروطٌ بالموافقة.

الجواب الثالث: أن يقال بإمكان تنزيل النصّ في الحكم بالبطلان، على إرادة بيان حكم الواقع لِمَن إئتمّ بإمامٍ، من دون نظرٍ إلى نفس الدعوى، حتّى يقال بأنّه لا يقبل قول الإمام في حقّه.

 


[1] وسائل الشيعة: الباب (ص) من أبواب القبلة ح5241، الفقيه: ج1 / 27(ص) ح857.