درس خارج فقه استاد سید‌‌‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/08/11

بسم الله الرحمن الرحیم

قوله 1: ولابدّ من نيّة الائتمام (1).

(1) أي من جملة شروط صحّة الجماعة للمأموم، وترتّب أحكامها عليه، هو نيّة الائتمام؛ وهو أمرٌ قصديّ معنويّ، بأن ينوي المتابعة مع الإمام في تمام أفعاله، والاقتداء به، وهو مورد وفاق جميع الفقهاء، ولا خلاف فيه ولا إشكال؛ لأنَّ عنوان الاقتداء الَّذي هو مناط ترتّب الآثار عليه، من سقوط القراءة ونحوه، لا يتحقّق إِلاَّ بالنيّة، فلو لا النيّة المذكورة، لم تتحقّق الجماعة، وتصير الصلاة فرادى، ويترتّب عليها أحكامه، فلو مضى على تلک الحالة بنحو الجماعة بلا قصد الائتمام، كانت صلاته باطلة، لقوله (ص): «إنّما لكلّ إمرئٍ ما نوى»[1] .

 

ولعلّ هذا هو مراد البعض ـ كالعلّامَة في «القواعد» ـ بأنّه لو أخلَّ المأموم بنيّة الاقتداء بطلت صلاته؛ يعني لو صلّى جماعة من دون نيّة الائتمام كانت صلاته باطلة، لا أنّها باطلة مطلقاً حتّى فيما إذا راعى واجباته فيها، ولهذا لو ألزم المصلّي نفسه بمتابعة الإمام صورةً وظاهراً كالمأموم، بأن قرن فعله بفعل الإمام من دون قصد الائتمام، وتحرّک كحركة الإمام في الركوع والسجود، وسائر الأفعال، من دون أن يأتي بالمنافيات في ذلک، فإنَّ صلاته تكون صحيحة بصورة الفرادى، إذ مجرّد المطابقة والمتابعة في الأفعال من دون قصد الائتمام لا يوجب بطلان عمله، لو لم يأت بما يدلّ على خلافه، كما لا يخفى.

خلافاً للمحكي عن الشافعيّة في أصحّ الوجهين كما هو المنقول عن «العزيز شرح الوجيز»[2] ، ووجّه كلامه بأنّه وقف صلاته مع صلاة الغير، لا لاكتساب فضيلة

الجماعة، ولما فيه من إبطال الخشوع وشُغل القلب.

وفيه: وهو كما ترى مقتضٍ للقول بفساد صلاة كلّ من اشتغل قلبه وسلب خشوعه، ولم يقل به أحدٌ كما في «الذكرى».

نعم، لو أدّى ذلک الإلزام إلى ما يبطل الصلاة الواقعة من المنفرد، بأن ترک قراءة أو زاد ركوعاً أو سجوداً أو سكوتاً طويلاً للانتظار، أو غير ذلک، اتّجه البطلان حينئذٍ لذلک، لا للإلزام المزبور كما لا يخفى.

فثبت ممّا ذكرنا: بأنَّ مَن ألزمَ نفسه بمتابعة الإمام، لكن لا بقصد الائتمام بل لغرض آخر، مثل حفظ عدد ركعاته وأفعاله عن السهو مثلاً، فلا ينبغي الإشكال فيه ولا في صحّة صلاته، ما لم يؤدِّ ذلک إلى الإخلال بشيءٍ من واجبات الصلاة، من قراءة ونحوها، أو الإتيان بشيءٍ من منافياتها من زيادة ركوعٍ أو سجودٍ، أو حصول سكوتٍ ممتدّ، الموجب لبطلان الصلاة، أو كلّ شيء ممّا يستلزم إفساد الصلاة من الرِّياء وغيره، ولعلّ هذا هو مراد صاحب «الرياض» و«الذكرى» من الحكم بالفساد لا مطلقاً.

فنتيجة ما ذكرنا: هو أَنَّ قصد الائتمام شرطٌ في انعقاد الصلاة جماعة، لا في صحّة الصلاة من حيث هي .

نعم، قد تكون في بعض الموارد نيّة الائتمام شرطاً لصحّة الصلاة، فيكون الإخلال بها موجباً لبطلان الصلاة، لأنّها شرط في صحّتها، أي الصلاة لا في الجماعة، وهو كالجمعة والفريضة المُعادَة لإدراک الجماعة بناءاً على عدم شرعيّتها إِلاَّ بهذا الوجه كما لا يخفى.


[1] الوسائل، الباب5 من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث 10.
[2] مصباح الفقيه، ج16 / 184.