درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

97/02/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/ الاستطاعة

ويمکن ان يقال:ان بناءً علی تکليف الکفار بالفروع فان صاحب العروة طرح اشکالاً وهوانه لا يعقل الوجوب عليه لانه لا يصح منه اذا اتی به فی حال کفره، واذا اسلم سقط عنه، فلا يعقل فی مثله توجه التکليف اليه.واحتمل فی دفعه بان تعلق الامر به حال کفره انما يکون من باب التهکم ليعاقب وليس امراً حقيقياً جدياً بمعنی انه ليس فی مقام جعل الداعی فی نفسه کما فی الاوامر الجدية.ودفعه نفسه بانه مشکل بعدم امکان اتيانه به لا في حال کفره ولا بعد قبول إسلامه.کما دفعه المحقق العراقی (قدس سره) بانه مقطوع الفساد لاستلزامه التکليف بما لا يطاق.فاجاب صاحب العروة فی النهاية عن الاشکال.بانه يمکن التکليف فی حقه، لانه حال استطاعة کان ماموراً بالإتيان بالحج فی حال کفره ومع ترکه حال استطاعته لکان مأموراً بالإتيان به متسکعاً ووجه امکان التکليف فی حقه امکان اسلامه ليمکن الإتيان بالحج مع الاستطاعة والاتيان به بعدها ان ترک الحج فی حال إستطاعته.وبما ان تحصيل الشرط وهوالاسلام امر ممکن فی حقه فلا محذور فی تعلق التکليف به وهذا الجواب من السيد صاحب العروة لم يتعرض السيد الخوئی للاشکال فيه وکانه سلمه علی القول بتکليف الکفار بالفروع. وإنما تعرض بما أجاب به من أنَّ الامر حال کفره تهكمی استهزائی صوري ليعاقب وکذا تعرض بما أجاب به عن الاشکال فی باب القضاء بانه يمکن ان يتوجه اليه التکليف علی نحوالواجب المعلق.والظاهر أن صاحب العروة (قدس سره) تعرض لهذا الوجه من الجواب ناظراً الی اشکال صاحب المدارک من انه لا يعقل الوجوب علی الکافر لانه مادام کافراً لايتمکن من ادائه لان الاسلام شرط فی الصحة واذا اسلم يسقط عنه التکليف بالقضاء فالتکليف غير قابل للامتثال ولا يمکن ان يکون داعياً وما لم يکن کذلک لا يصح العقاب علی مخالفته.وظاهر کلام صاحب العروة فی مقام الجواب ان توجه التکاليف الی الکافر انما يکون من باب الواجب المشروط بمعنی انه يجب عليه الحج بشرط الاسلام وکذا يجب عليه الصلاة، بشرط کوجوب الصلاة بشرط الطهارة فکما انه يلزم عليه تحصيل الطهارة للاتيان بها کذلک انه يلزمه قبول الاسلام لتمکن من اداء التکاليف الواجبة عليه حسب الفرض.هذا ويمکن ان يلاحظ فيه:إنَّ فی الواجب المشروط فی المقام ای الحج الواجب عليه فعلياً بمقتضی تحقق الاستطاعة لا يصح اتيانه به الا بقبوله الاسلام فالوجوب فيه فعلي والواجب مشروط بقبول الاسلام وليس هذا الشروط من قبيل الشروط الاتفاقية کشروائط الوجوب بمعنی انه لواتفق تحقق الشرط صار الوجوب فعلياً کالاستطاعة بالنسبة الی الحج اوالوقت بالنسبة الی الصلاة فانه لا يجب تحصيل الشرط بهذا المعنی. ولکن لوکان الواجب مشروطاً بشرط بمعنی انه لا يصح الاتيان بها الا بشرط کالحج بالنسبة الی مقدماته الوجودية کطي المسير والصلاة بالنسبة الی الطهارة فانه يوجد من ناحية المشروط وجوب متعلق بالشرط وان شئت قلت انه يتضح الوجوب من الواجب الی الشرط وفی المقام اذا صار وجوب الصلاة فعلياً بالنسبة الی الکافر فيلزم ان يترشح منه الوجوب الی شرطه وهوقبول الاسلام وهکذا الکلام فی الحج.فالوجوب المترشح من الحج الی قبول الاسلام وجوب شرعی ووجوب مقدمی. والکلام هنا فی متعلق هذا الوجوب الشرعی بقبول الاسلام وان لا کلام فيه بالنسبة الی مثل الطهارة.

والمشکل فيه: ان قبول الاسلام ليس فعلاً جوارحياً کالطهارة بل فعل جوانحی وهوعقد القلب والاعتقاد والجزم بالاسلام دون صرف اظهار الشهادتين ولوعن غير اعتقاد.

وقد مر ان بالنسبة الی الکافر الذی لا يعتقد بمولوية المولی لا ينقدح فی نفسه الداعی بالنسبة الی ذی المقدمة فضلاٌ عن المقدمة ومع التسلم.فانه حيث ان للعقل الادراک والألزام بقبول ما هوالحق والعدل فی الهداية والفحص عن النبي والشريعة الحقة.فان کل امر صدر من الشارع بالنسبة اليه أصلياً کان اومقدمياً انما يکون ارشاداً الی حکم العقل.فيرجح الامر فيه الی لزوم الفحص عقلاً والالتزام بالاسلام عند تماميتة الحجة لديه.وعليه فان هذا الوجه انم يتم بالنسبة اليه ای من قامت عليه الحجة علی الاسلام.وهذا الارشاد من ناحية الشرع وان لا يوجب فعلية الخطاب الا انه يمکن کاشفيته عن تمامية الملاک الملزم بالنسبة الی الکافر، فيرجع الامر الی ما مر فی مقام الثبوت من ان قبول الاسلام تحت اختياره وان الامتناع بالاختيار لا ينافی الاختيار، الا انه کان فی مقام العقاب دون الخطاب وقد مر تفصيل الکلام فی ذلک.وليعلم ان هذا الوجه انما افاده صاحب العروة علی ما مر فی دفع شبهةة صاحب المدارک فی مقام الاحتجاج علی عدم تکليف الکافر بالقضاء.وقد حکی العلامة هذه الشبهة فی التذکرة والمنتهی عن ابي حنيفة وقال فی التذکرة:

« وهوغلط لان الوجوب حالة الکفر يستلزم الصحة الفعلية اما الشرعية فانها موقوفة علی شرط وهوقادر عليه وهوالاسلام فکان کالمحدث المخاطب بالصلاة»[1] .

وافاد فی المنتهی بعد نقل الاشکال:

«الجواب المنع من عدم المكنة لان الشرط هوالاسلام وهومتمكن والتمكن من الشرط هنا يستلزم التمكن من المشروط»[2] .

والمحقق فی المعتبر نقل الشبهة المذکورة عن الشافعي وافاد فی مقام جوابها:

«قلنا : يمكنه الأداء لأن تقديم الإسلام ممكن منه ، وإذا كان الشرط ممكنا لم يمتنع المشروط».[3]

وعليه فان ما افاده صاحب العروة من الوجه هونفس ما افاده هذه الاعاظم ولعل نظرهم فی قبول الاسلام وکونه شرطاً ممکناً للواجب الی ان الشرط قبل جوارحی وهوذکر الشهادتين وهوقابل اذا فرض تمامية الحجة له وانه لا حالة انتظارية له الا اظهار الشهادتين واظهار الاسلام.وهذا فرض غير جار فی جميع الموارد کالکافر الذی لا يقيم الحجة فی حقه حيث انه لا يتوجه اليه الا الزام العقل بالفحص علی ما مر تفصيله.

اما الوجه الثانی: الذی افاده صاحب العروة قدس سره لدفع الشبهة بقوله: وکذا يدفع الاشکال فی قضاء الفوائت.

وحاصله: انه يمکن توجه التکليف الی الکافر علی نحوالواجب المعلق بمعنی انه فی الوقت مکلف الاداء ومع ترکه بالقضاء وکلاهما مقدور له بقبول الاسلام علی ما مر.

والنكتة هنا ان الامر بالقضاء انما يتوجه اليه فی حال الاداء ولوکان الاتيان بالقضاء لا يجيء ظرفه الا فی المستقبل ای بعد تمام وقت الاداء ولکن الامر به انما يصير فعلياً علی نحوالواجب المعلق بمعنی کون الوجوب فعلياً والواجب استقبالياً وهوبترکه الاسلام فی الوقت فانه مضافاً الی انه فوت علی نفسه الاداء کذلک فوت علی نفسه القضاء فی وقته بترکه الاسلام فی وقت الاداء.

ونتيجة هذا الوجه: انه لوترک الاسلام فی الوقت ومات کافراً يعاقب علی مخالفة الامر بالقضاء لانه فوت علی نفسه فی وقت الاداء امکان الاتيان بالتکليف قضاءً فيعاقب علی المخالفة.

وهذا الوجه وقع مورداً لاشکالات من الاعلام.

منها: الاشکال فی المبنی وهوعدم تمامية ما صوره صاحب الفصول من الواجب المعلق.

ومنها: ان الوجوب المعلق وان کان ممکناً فی نفسه لکن بثوته فی المقام ـ ای ثبوت تصوير وجوب القضاء علی نحوالواجب المعلق ـ يحتاج الی الدليل ولا دليل عليه.

وقد مر من السيد الخوئی قدس سره: بل الدليل تام علی عدمه لان الامر بالقضاء موضوعه فوت الواجب فی وقته ولا يمکن تصوير الامر بالقضاء فی الوقت.

ومنها: انه لا نحتاج فی المقام الی ارجاع التکاليف المشروطة بظاهر دليلها الی المعلقة لتمامية حکم العقل بحرمة تفويت المقدمات الوجودية المفوتة ولوقبل شرط الوجوب. افاده المحقق العراقی.

ويمکن ان يقال:انه لا کلام فی تمامية تصوير الواجب المعلق حسب ما افاده صاحب الفصول علی ما مر فی محله.ولکن البحث فی المقام بناءً علی کون الکفار مکلفين بالفروع وثبوت اجماع اونحوه علی وجوب قضاء الفوائت علی الکافر – لوفرض ذلک –فانه لا نحتاج فی تصوير الوجوب للقضاء الی التمسک بوجوبه علی نحوالواجب المعلق.وذلک لما مر من ان الامر بالقضاء موضوعه فوت الواجب فی وقته وقبل تمام وقت الواجب لا وجه لتصوير تحقق الموضوع ای الفوت.وبعد زوال وقت الواجب فانه حيث لم يأت بالواجب فی وقته ولوبترک شرطه وهوالاسلام فيتوجه اليه الامر بالقضاء ان امکنه تدارک ما فات عنه فاذا اسلم فانما يجب عنه ما يلزمه تدارکه لان بترکه فی الوقت عصی، والامر بالقضاء يوجب تدارک بعض ما فات من المصلحة فاذا قلنا بجب ما ترکه فی مقام المخالفة فلا موضوع للامر بالقضاء نعم، لومات حال کفره فهومعاقب بتفويته الملاک الملزم.

 


[1] تذكرة الفقهاء، العلامه الحلي، ج7، ص93.
[2] منتهى المطلب- ط القديمة، العلامه الحلي، ج2، ص657.
[3] المعتبر فی شرح المختصر، المحقق الحلي، ج2، ص757.