درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/ الاستطاعة

ويمكن ان يقال:انه قد مرّ ان الاخبار المتضمنة لقضية اميرالمؤمنين(عليه السلام) مع الشيخ الكبير ظاهرة في العذر المستمر ولو بقرينة موردها.واما الاخبار المطلقة، فهي صحيحة الحلبي ورواية علي بن ابي حمزة وصحيحة محمد بن مسلم على فرض عدم تمامية رجوعها الى الطائفة الاولى اي الاخبار المتضمنة لقضية اميرالمؤمنين(ع).فان ظاهرها لو كان اطلاق وجوب الاستنابة بالنسبة الى المستقر وغيره اي من عرض له العذر في سنة الاستطاعة فانه يمكن ادعاء ان اطلاقها وجوب الإستنابة عند عروض العذر في سنته حتى مع العلم بزوال العذر في السنة الآتية.وهذا الاطلاق مقطوع الخلاف، ولا يلتزم به احد وان كان ظاهرها اختصاص وجوب الاستنابة بالعذر المستمر وهي ما لا يرجى زواله، فهي راجعة الى الاخبار السابقة وحالها حال الاخبار الواردة في قضية اميرالمؤمنين(ع).وقد عرفت في مباحث الفرع الاول من هذه المسألة ان الروايات المطلقة بظاهرها انما تنصرف الى وجوب الاستنابة في العذر المستقر بمقتضى ارتكاز المتشرعة الجارية على عدم سقوط الحج عن الذمة اذا استقر عليها ولم يبادر اليه حتى عرض العذر المستقر المانع، وكذا ارتكازهم على عدم تحقق الاستطاعة مع عدم تمكن المكلف من مباشرته لمرض او حصر وامثال ذلك.

ومقتضى الارتكاز المزبور حمل قوله (ع) في هذه الاخبار «لو ان رجلاً اراد الحج وحال بينه وبين الحج مرض او سقم فليجهز رجلاً من ماله... .» على صورة الحج المستقر، والعذر المستقر ومع هذا الانصراف لا ينعقد الاطلاق في هذه الاخبار، كما ان الشك في انعقاده يساوي عدم انعقاده.

ومع عدم تمامية الانصراف وانعقاد الاطلاق فانما يقيد وجوب الاستنابة فيه بصورة الاستقرار بمقتضى اخبار الشيخ الكبير حسب ما مر في تقريبهوهذا كله لو لم نقل برجوع الاخبار المطلقة ولو بعضها كصحيحة محمد بن مسلم الى الطائفة الاولى اي اخبار الشيخ الكبير.او قلنا بمقالة السيد الحكيم في المقام لرجوع المطلقات من الاخبار الى الاخبار الواردة في الشيخ الكبير.وهو أنّ مناسبة الحكم والموضوع والارتكاز العقلائي في باب الضرورات تقتضي حمل بدلية الاستنابة في المقام على البدلية الاضطرارية وهي صورة الاضطرار الى ترك الواجب بجميع افراده التدريجية في سنوات عمره، فيختص بالعذر المستمر.وما حققه في المقام اما يوجب انصراف اطلاق هذه الاخبار المطلقة الى ذلك، واما يوجب انعقاد الظهور فيها على ذلك وانعقاد الظهور فيها على المدعى مقدم رتبة على صورة الانصراف، لان الانصراف انما هو فرع ظهور المطلقات في مطلق العذر ثم انصرافه الى العذر المستمر.والظاهر أنّ مراد السيد الحكيم هو ذلك اي أنّ مقتضى مناسبة الحكم والموضوع والارتكاز العقلائي في باب الضرورات ظهور الاخبار في العذر المستقر، فليس معيار الاستظهار في هذا المقام نفس الفاظ الحديث، بل هي مع ما يقارنها من القرائن مثل المناسبة المذكورة، والارتكاز العقلائي.وهذا المعنى هو ما قام عليه الاجماع من العلامة في كتابيه وهو مع التأمل فيه فلا أقل من أنَّ مشهور الفقهاء، على ذلك كما يستفادمن كلام صاحب المدارك (قدس سره):

«وانما تجب الاستنابة مع اليأس عن البرء، ولو رجي البرء لم يجب عليه الاستنابة اجماعاً قاله في التذكرة والمنتهي..»[1]

ولا يضره ما ادعاه الشيخ(قدس سره) من اجماع الفرقة فيما اذا كان به علة يرجى زوالها مثل الحمى وغيرها فاحج رجلاً عن نفسه ثم مات اجزأه عن حجة ‌الاسلام لما افاده السيد الحكيم من عدم ظهوره في وجوب الاستنابة ولا على الاجزاء في صورة البرء. فكانه اجماع على صورة خارجة عن صورة مسألتنا.هذا مع ذهاب الاصحاب الى خلافه لو فرض ارادة ‌الوجوب فيه ثم انه لا تعرض في الاخبار السابقة لعنوان اليأس او رجاء زوال العذر، بل الظاهر فيها العذر المستمر حسب ما مرّ.والمذكور في كلمات الفقهاء من الياس عن البرء في العذر المستمر انما هو مقدمة لاحراز العذر المستمر الذي هو موضوع لوجوب الاستنابة فهو طريق عقلائي لاحراز الموضوع للحكم.واما مع رجاء الزوال فانه لا يتحقق الموضوع له ولا وجه للتمسك بالاستصحاب لفقد الموضوع وهو الشك بعد ما احرز أنَّ الموضوع هو العذر المستمر.


[1] مدارك الاحكام، السيدمحمد الموسوی العاملي، ج7، ص56.