درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/09/14

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/ الاستطاعة

 

وحاصل ما افاده السيد الحكيم في توجيه كلام الدورس في المقام امور:

الاول: ان عدم الحرج او عدم الضرر الذي اخذ شرطاً في الاستطاعة عدم الحرج والضرر الاتيين من قبل الشارع لا مطلقا.

ومراده عدم الحرج او عدم الضرر الذي يستلزمه الحكم الشرعي واما الحرج او الضرر اذا لم يجيئان من ناحية حكم الشرع، بل كانا باقدام من المكلف وبداع نفساني بمعنى انه لم يكن ملزماً بالتكليف الحرجي او الضرري، بل اقدم عليه من دون ان يكون ملزماً به من ناحية الشارع. ففي هذه الصورة ان الحرج او الضرر لا يكون عدمهما شرطاً في الاستطاعة.

والحق به الحرج او الضرر اللازمان من ناحية‌ جهله بالحكم الشرعي.

وعليه فان في مثل المقام الذي اقدم المكلف على الحج مع عدم امن الطريق او مع ضيق الوقت المستلزمان لوقوعه في الضرر او الحرج، فانه ليس ملزماً باتيانه، بل هو نفسه اقدم عليه وبداع نفساني حسب تعبيره.

ففي هذه الصورة لا يكون عدم الضرر او عدم الحرج شرطاً في الاستطاعة فلا مانع من وجوب الحج بالنسبة اليه كما لا محذور في اجزاء ما اتى به عن حجة الاسلام.

الثاني: ان دليل لا ضرر وكذا دليل لا حرج لا يستفاد منهما اكثر من رفع الالزام والوجوب في حال الضرر والحرج. واما بالنسبة الى الملاك فانهما لا يصلحان لرفعه في حالهما.

وعليه، فليس عدم الحرج او عدم الضرر باطلاقه شرطاً للاستطاعة، بل لا مانع هنا من اجراء الحج عن حجة الاسلام فيما فرضه الشهيد (قدس سره) في الدورس فيمن لا يتمكن من امن الطريق او السعة في الوقت.

الثالث: ان اشتراط عدم الحرج او عدم استلزام الحج ترك واجب اخر او الوقوع في الحرام في الاستطاعة انما يختص بصورة ترك الحج بخلاف اشتراط مثل الزاد والراحلة.

لان ادلة‌ الاشتراط في مثلها تختص بمن ترك الحج ولا يشمل من حج فاذا حج مع فقده كان حج الاسلام واذا تركه لم يستقر الحج في ذمته وافاد بانه لا مانع من التفكيك بين الفاعل والتارك ونظيره جميع موارد الابدال الاضطرارية.

ووجه هذا الالتزام ان دليل مانعية الحرج او الضرر عن الاستطاعة يختص بمثل صحيحة الحلبي المتضمن لمنافاة العذر للاستطاعة وهو يختص بمن ترك الحج ولا يشمل من حج.

والصحيحة هي: ما رواه الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم عن ابن ابي عمير عن حماد عن الحلبي عن ابي عبدالله ـ في حديث ـ قال : وإن كان موسرا وحال بينه وبين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره الله فيه فان عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له[1]

 

وتقريب دلالتها حسب ما افاده السيد الحكيم (قدس سره):

انه لو كان الشخص ذا تمكن مالي ولكن منع عن حجه مرض او حصر او غيرهما مما يعذره الله. فانه لا تحقق الاستطاعة مع الاعذار المذكورة بالنسبة اليه ويسقط الحج عن نفسه الا انه يلزم الاستنابة ‌عنه.

فمورد الصحيحة من ترك الحج، وكان تركه عن عذر مع كونه متمكناً من حيث المال.

وهذا المضمون لا يشمل من اتى بالحج مع هذه الاعذار، بل يختص بمن ترك الحج عن عذر.

 

ومثلها رواية اخرى صحيحة، بل هي قطعة من نفس الرواية بنفس الاسناد نقلها صاحب الوسائل تقطيعاً وهي:

ما رواه الشيخ (قدس سره) باسناده عن موسى بن القاسم عن ابن ابي عمير عن حماد، عن الحلبي عن ابي عبدالله (ره):

«قال:‌ اذا قدر الرجل على ما يحج به ثم دفع ذلك وليس له شغل يعذره به فقد ترك شريعة ‌من شرايع الاسلام...الحديث»[2]

ومدلول هذه الفقرة: ان من ترك الحج مع تمكنه من الاتيان به، ولم يكن عنده عذر في تركه، فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام.

ولذلك التزم السيد الحكيم (قدس سره) بان مقتضى هذه الادلة أن استلزام الاتيان بالحج للحرج او الضرر او ترك واجب اهم او ارتكاب حرام كذلك انما يكون مانعاً عن الاستطاعة ولكن خصوصية هذه الموانع انها تعد عذراً عند ترك الحج بسببها، وليست مانعيتها على نحو لو كان المكلف مبتلى بها لم تتحقق الاستطاعة في حقه اذا اتى بالحج ولذلك انتج بان مانعية هذه الاعذار لوجوب الحج انما هو يختص بصورة‌ ترك الحج، وليس مطلقاً بالنسبة الى تركه واتيانه.

وعليه فان من اتى بالحج مع كونه واجداً لهذه الأعذار فانما يجزي ما اتى به عن حجة الاسلام ولا محذور فيه.

 


[1] وسائل الشيعة، العلامه الشيخ الحرالعاملی، ج11، ص63، ابواب وجوب الحجّ وشرائطه، باب24، حديث2، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، العلامه الشيخ الحرالعاملی، ج11، ص25، ابواب وجوب الحجّ وشرائطه، باب6، حديث3، ط آل البيت.