درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/ الاستطاعة

وثالثاً:قد افاد السيد الخوئي  في تقريب کلام صاحب العروه ـ علی ما مر ـ :

«...لان الحج طبيعة واحدة و لا اختلاف في حقيقته، غاية الأمر قد تجب و قد تستحب، فالاختلاف في الأمر المتعلق به لا في المأمور به فإذا وجدت الطبيعة لا معنى لاتيانها ثانيا، و حال الحج حال الصلاة الصادرة من الصبي إذا بلغ في أثناء الوقت فإنه لا يجب عليه إتيان الصلاة مرة ثانية لحصول الطبيعة المأمورة بها منه غاية الأمر في حال عدم التكليف، و ليس الأمر من باب اجزاء المستحب عن الواجب حتى يقال: بأنه لا دليل عليه...».[1]

فتقول:ان عبارة صاحب العروة کذا:«...و دعوى أنّ المستحبّ لا يجزي عن الواجب ممنوعة بعد اتّحاد ماهيّة الواجب و المستحبّ.

نعم لو ثبت تعدّد ماهيّة حجّ المتسكّع و المستطيع تمّ ما ذكر، لا لعدم إجزاء المستحبّ عن الواجب، بل لتعدّد الماهيّة».[2]

فان صاحب العروة  کان يلتزم بامکان اجزاء المستحب عن الواجب.کما انه يلتزم بعدم تعدد ماهية حج المتسکع والمستطيع.وکان اساس کلامه في المقامين تعلق الطلب بالطبيعة علی نحو صرف الوجود وما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في تقريب ما افاده صاحب العروة مخالف لصريح کلامه.هذا مع:ان اساس نظر صاحب العروة: ان التکليف انما تعلق بطبيعة المأمور به وهي اذا کانت عبادة کالحج، فليست الا الاتيان بافعاله بقصد القربة، والاتيان بها قربياً هو حقيقة المامور به.واما الامر المتعلق بها من الوجوب او الاستحباب فليس دخيلاً في حقيقه المأمور به وماهيته لان الامر عارض علی المامور به، ولا بد في الامر من تحقق موضوعه في رتبة سابقة على الامر، فاختلاف الامر بالوجوب والاستحباب لا يوجب اختلاف حقيقة المامور به.ولذلک التزم صاحب العروة بعدم تعدد ماهية حج المتسکع وحج المستطيع، وان کان الفرق بينهما بالندب في الاول والوجوب في الثاني.وعليه فان ما ادعاه صاحب العروة من ان المأمور به في الحج هو طبيعة الحج، وليس المطلوب في موردها غير الاتيان بها مرة واحدة في تمام عمرة.وانه لا فرق في الطبيعة الواحدة من العبادة بين الواجبة منها والمندوبة. وانه لا تعدد بينهما في الماهية.وبناءً علی هذه الجهات، فانه يمکن تصوير اجزاء المندوب عن الواجبة من الطبيعة المذکورة.وهذا هو مدعی صاحب العروة في المقام من التزامه باجزاء المندوب عن الواجب.وليعلم ان بناءً علی هذا المسلک يمکن القول، بان المطلوب من المکلف في المقام الاتيان بطبيعة الحج مرة واحدة في عمره.فاذا اتی بها غير البالغ فان عدم اجزاء ما اتى به عن حجة الاسلام کان بمقتضی الدليل الوارد علی عدم اجزائه کما ان حج الصبي اذا ادرک العرفات او المشعر في حال البلوغ کان اجزائه عن حجة الاسلام مطابقته للقاعدة وان الاخبار الدالة علی من ادراک العرفات في حال البلوغ انما توجب تحديد ما دل علی عدم اجزاء حج الصبي عن حجة الاسلام يغير موردها حکومة.ولولا قيام الدليل علی عدم الاجزاء لکان مقتضی القاعدة اجزاء الاتيان بالطبيعة عن المطلوب شرعاً.وما دل علی عدم اجزاء حج غير المستطيع عن المستطيع هو الاجماع، وظاهر ترديد صاحب العروة في الدليل المذکور من أجل تريده في اعتبار الاجماع المذکور في قبال اقتضاء القاعدة المقتضية للاجزاء.ولعل نظره الی ان الاجماع المذکور انما حدث لاجل خطأ الجمعين في تشخيص مقتضی القاعدة، من عدم تصويرهم بان المطلوب في الحج الطبيعة علی نحو صرف الوجود، او عدم مغايرة ماهية الواجب والمندوب ثم انه ربما يبتني علی ما حققناه في تقريب مدعی صاحب العروة امران:

الاول: ان الحج واجب علی کل واحد من المسلمين مرة واحدة في عمرهم واشتراط الاستطاعة کاشتراط الامور العامة انما يکون دخيلاً في فعلية وجوبه الحج لا في ملاکه. بل الملاک تام في موارد فقد الشرط.

والشاهد علی وجود الملاک، استحباب حج غير البالغ او حج المجنون او حج العبد، او حج غير المستطيع، ومعنی استحبابه، وجود الملاک الکاشف عن مشروعية وثبوت الرجحان به.نعم، الملاک المزبور ليس ملزماً بالنسبة الی فاقد الشرط من جهل عدم بلوغه مرتبة الفعلية من حيث فقد الشروط المذکورة الدخيلة فيها.فالاتي بالحج مع عدم واجدتيه لشرط الاستطاعة او غيره من الشروط العامة انما اتی بالطبيعة الواجدة للملاک.

ولذلک نقول: ان في مثل موارد استلزام الاتيان بالحج للضرر او الحرج او ترک واجب فوري، او ارتکاب حرام، لا يسقط الحج عن واجدتيه للملاک، لان هذه العوارض انما تعرض لفعلية الوجوب دون الملاک، وذلک لما مر في مباحث قاعدتي الضرر والحرج بانهما انما يرفعان الحکم في المرتبة المستلزمة للضرر لا مطلقاً وما يستلزم الضرر مرتبة الفعلية الموجبة للالزام الفعلي واما مرتبة الملاک فلا وجه لرفعها بدليل الضرر او الحرج.

ولذا لو اقدم علی الضرر او الحرج او ترک الواجب او ارتکاب الحرام عصی وان وجوب الحج لا يتصف بالفعلية له ولکنه لا ينافي اجزاء ما اتی به عن حجة الاسلام، لانه اتی بالطبيعة المامور بها وقد التزم بذلک صاحب العروة وغيره.وظهر منه ما مرّ منا من ان صاحب العروة في هذا المقام کان في صدد التفكيک بين الوجوب والاجزاء وان الاجزاء ليس معلولاً دائماً لوجوب الحج فعلاً بمعنی وصول الحکم الی مرتبة الفعلية، وقد التزم ببعض مواردها جمع من الاعلام، بل في کثيرها. والتزمهم بان في مقام التزاحم يسقط المهم عن الفعلية بحصول الفعلية للاهم مع حفظ ملاکه، ولذا لو اتی بالمهم تم وصح وان عصی بترک الاهم.

 


[1] المعتمد فی شرح العروة الوثقى، السيد ابوالقاسم الخويى-السيدمحمدرضاالموسوى الخلخالی، ج1، ص226.
[2] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی، ج4، ص424.