درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/07/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/ الاستطاعة

1 ـ ان الدليل علی عدم اجزاء حج غير المستطيع عن حجة الاسلام هو الاجماع وهو دليل لبي لا اطلاق فيه ليشمل المقام وانه يلزم

عند الشک فی حد دلالة الاجماع الاخذ بالمتيقن، وهو غير المورد الذی کان فی اعتقاده انه مستطيع.

2 ـ ان حجة الاسلام هو الحج الاول الذييأتي به المکلف، ولو اتی به لکفی، لان الحج انما يجب علی المکلف مرة واحدة فی عمره، ولو اتی به لکفی، ونظره فی هذه المقام الی بحث الاجزاء دون الوجوب فکأن بيانه هو ان غير المستطيع واقعاً فی مثل المقام وان کان لا يجب عليه الحج فی الواقع الا انه اذا بادر الی الحج واتی به ولو متسکعاً فی مقام العمل، فانما اتی بالحج الواجب علی کل مکلف مرة واحدة فی عمره فيکفي عن حجة الاسلام.

وافاد فی مقام رفع استبعاد هذا الالتزام ـ اي التفكيک بين مقام الوجوب ومقام الاجزاء:ان الصلوات اليومية مستحبة للصبی، ولا امر وجوبي بالنسبة اليه، فاذا اتى الصبي بصلاة الظهر في اول الوقت، والمفروض انه مستحب عليه واتفق بلوغه فی اثناء الوقت بحيث يتمکن من الاتيان بالظهر بامر وجوبي قبل اتمام الوقت، فانه لا يجب عليه ذلک، وکفی ما اتی به فی اول الوقت عما وجب عليه، وهذا ما التزم به القوم، وعليه فما الفرق بين المقامين، فان صلاة الظهر فی اول الوقت ليس لها امر وجوبي، وليست واجبة علی الصبي حال اتيانها ومع ذلک کان مجزياً عما وجب عليه من الفريضة.

3 ـ ان الحج الواجب والحج المستحب من ماهية واحدة وهی الحج ای الاتيان بالمناسک الخاصة، فهما متحدان من حيث الماهية وان الوجوب والاستحباب يعدان من عوارضها، فتارةيعرض عليه الوجوب وتارة الاستحباب، فمن اتی بالحج مع عدم کونه مستطيعاً فی الواقع فانما اتی بماهية الحج، وان ما يجب علی المکلف مرة واحدة فی عمره هي ماهية الحج، فالاتی بالحج فی المقام انما اتی بالماهية، وليس المطلوب منه الا ذلک، وعليه فلا محذور فی الاجزاء فی المقام.

نعم: لو بنينا علی تعدد الماهية، فلا وجه لتصوير اجزاء المستحب عن الواجب ولکن حج المستطيع وحج المتسکع لا تعدد بينهما ماهية.

وعلی هذا الاساس کان ذهاب صاحب العروة فی المواضع الختلفة ومن جملة قوله فی مسألة 9 من مسائل حج الصبي: قال  :

« إذا حجّ باعتقاد أنّه غير بالغ ندباً، فبان بعد الحجّ أنّه كان بالغاً، فهل يجزي عن حجّة الإسلام أولا؟ وجهان: أوجههما الأوّل و كذا إذا حجّ الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنيّة الندب ثمّ ظهر كونه مستطيعاً حين الحجّ.[1]

فان ظاهره اجزاء الحج الذی اتی به بنیة الندب عن حجة الاسلام، و لعل مستنده ما افاده فی المقام من وحدة الماهیة بین الحج الواجب و الحج الندبی.

و ان کان اورد علیه السید البروجردی فی ذیل المسئلة «محل تأمل و کذا الفرع الثانی».

و ظاهر صاحب العروة  کفایة الحج الذی اتی به بنیة الندب عن حجة الاسلام بلافرق بین ان یقصد الامر الندبی من باب الخطأ فی التطبیق، بان کان قصده امتثال الامر المتعلق به فعلاً، و تخیل انه الامر الندبی، و بین ان یکون قصده الاتیان بالحج الذی اتی به بنیة الندب علی وجه التقیید الراجع الی عدم قصد امتثال الامر المتعلق به فعلاً و لذا اورد علیه هناک کثیر من المحشین بتمامیة ما افاده علی الوجه الاول ای الخطاء فی التطبیق دون الوجه الثانی، ای الاتیان به علی وجه التقیید.و لکن فی نفس المسئله فی الفرع السابق أیضاً افاد صاحب العروة:

«و إن اعتقد كونه غير بالغ أو عبداً مع تحقّق سائر الشرائط و أتى به أجزأه عن حجّة الإسلام»[2]

و من المعلوم ان المعتقد بعدم بلوغه و عدم حریته لا یاتی بالحج الا بنیة الندب، و صاحب العروة افتی باجزاء ما اتی به عن حجة الاسلام کالسابق، و لکنه لم یعترض علیه احد الأعلام المحشین غیر السید البروجردی.نعم افاد السید صاحب العروة نفسه فی مسأله 26:

إذا اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن قصد امتثال الأمر المتعلّق به فعلًا و تخيّل أنّه الأمر الندبيّ أجزأ عن حجّة الإسلام، لأنّه حينئذٍ من باب الاشتباه في التطبيق، و إن قصد الأمر الندبيّ على وجه التقييد لم يجز عنها ، و إن كان حجّه‌ صحيحاً و كذا الحال إذا علم باستطاعته ثمّ غفل عن ذلك، و أمّا لو علم بذلك و تخيّل عدم فوريّتها فقصد الأمر الندبيّ فلا يجزي، لأنّه يرجع إلى التقييد.[3]

و ظاهر اکثر الأعلام المحشین الموافقة له فی هذه المسئلة: و ان خالف فیه السید البروجردی  بقوله فیه اشکال، و اشکاله سارٍ حتی فی صورة قصد الامر الندبی لا من باب التقیید، بل حتی علی کونه من باب الاشتباه فی التطبیق.

و افاد السید الخوئی  قال فی هذا المقام عند قوله: «و ان قصد الامر الندبی علی وجه التقیید لم یجز عنها ...».

«ليس هذا من موارد التقييد و إنّما هو من موارد التخلّف في الداعي إذ المفروض أنّه قصد الأمر الفعلي المتعلّق بالحجّ و من المفروض أنّه مستطيع و واجد لسائر الشرائط فالصادر منه هو حجّة الإسلام و إن كان هو جاهلًا به و لا يعتبر قصد هذا العنوان في صحّة الحجّ فلا يقاس المقام بما إذا قصد نافلة الفجر ثمّ علم أنّه كان قد صلّاها ،فما أتى به ثانیاً لا يجزئ عن صلاة الفجر لأنّها غير مقصودة[4]

و لکن لبعض الأعلام المحشین صاحب العروة کلام، و هو اجزاء ما اتی به عن حجة‌الاسلام حتی علی وجه التقیید قال  : «الاقوی اجزاؤه أیضاً عن حجة الاسلام، اذ المعتبر فی صحّة العبادة قصد القربة، لا قصد الامر الخاص، و المفروض حصوله و لیس الحج الواجب اعنی حجة الاسلام مغایراً بالنوع بالنسبة الی المندوب فلا موجب لعدم الاجزاء بعد قصد عنوان المأمور به و قصد القربة ... ».

و صریحه الالتزام بالاجزاء لعدم تغایر ماهیة الحج الندبی مع الحج الواجب. و هذا المبنی موافق لما اختاره صاحب العروة فی مسألتنا فی المقام.و کانه فی مسئلة 26 یغابر کلامه مع ما افاده فی المقام.

و بالجملة: ان ما افاده فی المقام من اجزاء‌حج غیر المستطیع عند اعتقاده بانه مستطیع ،عن حجة الاسلام علی نحو التردید فی اول المسئلة فی الامر الاوّل و الجزم به ظاهر فی ذیل المسئلة فی الامر الثانی مورد مخالفة جل المحشین.

ثم ان السید الخوئی  اورد علی ما افاده السید الیزدی  فی المقام بقوله: و من ان القدر المسلم من عدم الاجزاء‌حج غیر المستطیع عن حجة‌الاسلام غیر هذه الصورة.

«و فيه: أن ما ذكر إنما يتم لو كان الإجزاء على طبق القاعدة و كان عدم الإجزاء لأجل الإجماع، فيؤخذ بالقدر المتيقن منه و هو غير هذه الصورة فيتعين القول بالإجزاء، و لكن الأمر ليس كذلك، فإن الإجزاء على خلاف القاعدة و يحتاج إلى دليل خاص، و ذلك لأن إطلاق الآية و النصوص يقتضي وجوب الحجّ عند فعلية موضوعه سواء حجّ سابقاً أم لا، و سقوط الحجّ حينئذ مناف لإطلاق الأدلة، فمقتضى القاعدة عدم الإجزاء.و بالجملة :ما جاء به حجّ غير واجب و إجزاؤه عن الواجب يحتاج إلى الدليل و الاعتقاد بالخلاف لا يوجب انقلاب الأمر من الندبي إلى الوجوب و إنما تخيل أنه واجب و مأمور به، فما أتى به لم يكن واجباً واقعاً و إجزاؤه عن الواجب لا بدّ أن يستند إلى الدليل، فالأقوى عدم الإجزاء. نعم، لو ترك الحجّ و الحال هذه أي كان معتقداً بالاستطاعة فقد تجرأ و أما الاستقرار فلا دليل عليه.ولو انعكس الأمر بأن اعتقد أنّه لا مال له ولم يحجّ ثمّ بان الخلاف وكان المال وافياً بالحجّ ذكر في المتن أنّه يستقر عليه الحجّ.

أقول: إذا بقيت الاستطاعة إلى العام القابل فلا كلام، إنما الكلام فيما إذا زالت الاستطاعة، ويجري فيه ما تقدم في اعتقاد الصغر، وقد عرفت أنّ ترك الحجّ حينئذ مستند إلى العذر لأنّه قاطع بعدم الوجوب فلا يتوجه إليه التكليف، فالظاهر عدم الاستقرار فقد تجراً، واما الاستقرار فلا دلیل علیه.».[5]

 


[1] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی، ج‌4، ص352 و 353.
[2] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی، ج‌4، ص418.
[3] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی، ج‌4، ص388 و 389.
[4] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی، ج‌4، ص388.
[5] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضي البروجردي، ج1، ص223 و 224.