درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/11/27

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

ويمكن ان يقال:ان بالنسبة الى ما افاده المحقق النراقي في المقام امران:

الاول: ان منافع الحر تتصف بالمالية، والشاهد عليه جواز اجارة نفسه للغير ونفوذ المعاملة فيها عند الكل، فان الاجارة هو تمليك المنفعة ولا يتصور التمليك الا في فرض مالكية المؤجر.

والمالكية وان كانت اضافة عقلائية لا تتصف بالاعتبار الا اذا كان موضوعاً للآثار العقلائية الا ان بالنسبة الى منافع الحر ليست صرف الاضافة حتى عند العقلاء، بل ان للحر بالنسبة اليها سلطنة واقعية، كما افاده السيد الاستاذ (قدس سره)

الثاني: ان بالنسبة الى حصول الاستطاعة بها، كما مرّ في كلام المحقق النراقي (قدس سره):

فانه لا شبهة في ثبوت الاستطاعة للشخص اذا كان مالكاً لعقار كارض او بيت زائداً على مصارفة الضرورية في معاشه، اذا كانت قيمته متكفلة لمصارف حجه.ولكن الاستطاعة بمقتضى ملكية العقار انما تتحقق اذا كانت موجبة للتمكن الفعلي من الاتيان بالحج، مثل التمكن من بيعه ووجود المشتري بما يتعارف من قيمته، فلا تتحقق الاستطاعة بصرف الملكية لها مادام لا يكون لها مشتري، او كان ولكنه لا يشتريها الا بالقيمة النازلة عن متعارفها بما يوجب ضرراً عليه.فالمدار في الاستطاعة حصول التمكن الفعلي للاتيان بالحج بها المتكفلة للتمكن من التصرف الفعلي الذي يتمكن به من تهيئة الزاد و الراحلة.ومالكية الحر لمنافعه من هذا القبيل، فانه مالك لمنافعه ولكن صرف المالكية لا توجب تحقق الاستطاعة، بل انما توجبه اذا اوجبت التمكن الفعلي بالمعنى التي عرفت.فاذا آجر نفسه في سنته بمبلغ يكفي لضروريات معاشه مع اضافة يتمكن بها من الاتيان بالحج، فانه يصدق في مورده التمكن الفعلي للحج في فرض اخذه المبلغ المذكور حين انعقاد الاجارة.والا فان صرف مالكيته للمنافع المذكورة او سلطنة عليها مادام لا يصل الى حد التمكن الفعلي لا يوجب تحقق الاستطاعة ومن هذا القبيل ـ اي ثبوت التمكن المزبور بمالكيتها ـما لو استأجر نفسه في طريق الحج للطبخ مثلاً بما يكفي لمصارف حجه مع ما يحتاج الى في ضروريات معاشه وعائلته، فان المالكية لمنافع نفسه اوجبت التمكن له للاتيان بالحج فعلاً.وكذا اذا كانت محنته الكسب او التجارة في السفر، واتفق له ذلك في طريق الحج وكان ما يكسب يكفي له للاتيان بالحج مضافاً الى ما يحتاج اليه في ضروريات معاشه.هذا كله مما لا اشكال فيه، لان المفروض في الموردين تحقق الاجارة والكسب.واما فيما لا يتحققان، ولكن مالك المنافع وقع في معرضها.مثل ان يكون هنا شخص يستأجره في طريق الحج بما يكفي له في سبيل التمكن العرفي للحج، فهل تتحقق له الاستطاعة به؟ لان المفروض انه مالك لمنافعه التي تتوقع تبديلها بالتمكن الفعلي له.فان في مثله ربما يقال:ان الشخص المذكور لو فرض صدق التمكن العرفي له للحج بصرف وقوعه في معرض الاجارة، وطلب منه ذلك، لا يبعد تحقق الاستطاعة له، ولكن في صدق التمكن العرفي له يلزم تعارف اجارة نفسه للغير، واما لو فرض عدم تعارفها بالنسبة اليه او كونها دون شأنه فانما يرجع الاشكال في صدق التمكن العرفي.

وصاحب العروة (قدس سره) بقوله: «ولكن لا ينبغي الاحتياط في بعض صوره، كما اذا كان من عادته اجارة‌ نفسه لذلك.»[1]

التعرض لهذه الجهة، فانه يحتمل قوياً صدق التمكن العرفي له لانه يرى الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج الاستطاعة العرفية والتمكن الحاصل بها هو التمكن عند العرف.هذا وكذلك الكلام فيما افاده المحقق النراقي، في من كانت محنته الكسب والتجارة في السفر والطريق، ويحصل له بها ما يكفي لمؤونة حجه مضافاً الى مصارفه الضرورية في معاشه ومعاش عائلته، فاذا تعارف له الكسب في مثل طريق مكه، ولا يفترق عنده الكسب في هذا الطرق وسائر الطرق من جهة المشقة الزائدة، لا يبعد الاحتياط المذكور.

وبالجملة: ان ما افاده المحقق النراقي (قدس سره) من سببية تملك الحر لمنافعه الاستطاعة للحج انما يتم في المنافع الفعلية، اي القابلة للتبديل عرفاً وكان يتعارف له ذلك.

الا ان يقال: ان المنصرف من ادلة ‌وجوب الحج، وجوبه لمن كان له مضافاً الى مصارفه الضرورية، اضافة بلا اي مؤونة، كالاقدام الى التبديل في مثل تبديل المنافع بالمال.

وان امكن ان يقال فيه:بانه منقوض بصورة المالكية للعقار، فان تحقق الاستطاعة بها يحتاج الى التبديل ايضاً ليحصل له التمكن الفعلي.

الا ان يقال: بالفرق بين الموردين، فان العقار غير المنافع فان بالنسبة الى العقار كانت الملكية ‌فعلية لا نحتاج في موردها بالنسبة الى التمكن الفعلي الا صرف التبديل، واما في مثل المنافع فانه نحتاج فيها الى صرف القوة والعمل في اخراجها من القوة الى الفعل ليحصل بها التمكن الفعلي، ولا يحصل التمكن بصرف التبديل في مثل العقار كالبيع مثلاً.

وبالجملة: ان للانصراف وجه قوي.

ثم ان بالنسبة الى الضمان في منافع الحر وان كان المقام غير تمام البحث فيه الا انه يشكل الامر فيه في المنافع الفعلية في مثل ما اذا كان في اجاره شخص بان يعمل له عملاً الى وقت معين، وكانت محنته ذلك فحبس في المدة المذكورة، فانه لا شبهة في صدق اتلاف المال في مورده وتسالم الاصحاب في عدم الضمان ليس ناظراً اليه.

 


[1] مستمسک العروة الوثقی، السيدمحسن الطباطبائی الحکيم، ج10، ص156.