درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/11/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

استمراراً لکلام السيد الخوئي:

«وثانياً: أنّ ذلك يستفاد من بعض النصوص كصحيحة معاوية بن عمار: الرجل يمر مجتازاً يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكّة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحجّ فيخرج معهم إلى المشاهد، أيجزئه ذلك عن حجّة الإسلام؟ قال: «نعم».

وثالثاً: لو تنزلنا عما تقدم فقد ذكرنا في محله أنّ وجوب الشيء لا ينافي أخذ الاُجرة عليه إذا كان الواجب توصّليّاً، والسفر لو سلّم وجوبه فهو واجب توصّلي.

وزاد مصحح الکتاب في الحاشية: قال (قدس سره) في مجلس الدرس ــ كما في التسجيل الصوتي ــ (إنّ أخذ الأجرة على الواجب لم يدل دليل على عدم جوازه على الإطلاق بل إذا استفيد من القرائن الخارجية أو من ارتكاز المتشرعة بأنّ هذا العمل لا بدّ أن يؤتى به مجاناً فهو وإلا فنفس الوجوب لا ينافي الإجارة، حتى قصد القربة يتأتى في تسليم المال إلى مالكه فإنّه مأمور به فيأتي به ويتقرب بذلك إلى الله على أنّه لا يعتبر قصد القربة في الواجب التوصلي والسفر لوكان واجباً فهو واجب توصلي لا تعبدي).

بل لو كان واجباً تعبدياً لم يكن منافياً لقصد القربة المعتبرة فيه، لإمكان قصد القربة للخروج عن عهدة الإجارة.نعم:

لو كان المشي مملوكاً لشخص كما لو استؤجر لحجّ بلدي لم يجز له أن يؤجر نفسه لشخص آخر في نفس المشي، لأنّ المشي ملك للأوّل ولا يجوز أن يؤجره لشخص آخر كما هو الحال في سائر موارد الإجارة، ولكن يمكن إجارته لخصوصية خاصة للمشي لا لنفس المشي، فإنّ الإجارة الاُولى تتعلّق بمطلق المشي والسير والاجارة الثانية تتعلق بخصوصية خاصة من المشي ككونه ملازماً له أو يسلك طريقاً خاصاً ونحو ذلك من الخصوصيات.»[1]

ويمکن ان يقال:ان في المسألة جهات من البحث:

الجهة الاولي: ان الحج عبارة عن مجموع الافعال المخصوصة من الاحرام الي التقصير او الحلق واما السفر فهو غير داخل في افعال الحج. والغرض منه انتقال البدن الي تلک الامکنة، ولذا لو حصل الانتقال المذکور ساهياً او مکرهاً او علي وجه محرم لا يضر بافعال الحج اذا اتي بها. والمقدمة لافعال الحج الحضور في الامکنة التي يلزمه الاتيان بالاعمال فيها، والسفر مقدمة لهذا الحضور، ومن المعلوم عدم التمکن من الحضور الا بالانتقال والسفر.

فلو قلنا بوجوب المقدمة وترشح الوجوب الشرعي اليها، فهي واجبة لکنه بوجوب توصلي لا يکون الغرض منها الا الوصول بذي المقدمة، فلا يلزم الاتيان بها متقرباً کنفس افعال الحج، بل ولا اختياراً لتحقق الفرض المذکور بنفس الانتقال، ومعه فلا يضر حتي کونه محرماً.ولو قلنا بعدم وجوب المقدمة، فان العقل يحکم بلزوم الانتقال تحصيلاً لغرض المولي المتوقف عليه.وعليه، فلو حصل الانتقال بأي وجه ولأي غرض ولو غير الحج فانه تتحقق الغاية بها وهي الحضور في امکنة مناسک الحج.واما ما افاده السيد الحکيم (قدس سره) من ان ظاهر الآية الشريفة وجوب السفر بتقريب ان المراد من حج البيت الذهاب اليه فيکون واجباً نفسياً کسائر افعال الحج.فيندفع:

بان ظاهر قوله تعالي: «ولله علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً».[2] وجوب الحج علي الناس، والحج علي ما مرّ هو الافعال والمناسک المخصوصة، وليس منها السفر والانتقال.

والظاهر من الاستطاعة التمکن من اتيان هذه الاعمال في مکانه اما عرفاً او شرعياً علي الخلاف في المسألة. ولا يستفاد من اعتبارها کون السفر والانتقال من افعال الحج.نعم، في الحج خصوصية وهو لزوم الاتيان به في مکان خاص المستلزم في مقام الاتيان به الحضور فيه، بخلاف الصلوة او الصوم وامثاله الممکن للمکلف الاتيان بها في کل مکان.ولکنه نظير الصلوة في مکان خاص اذا تعلق النذر به، او زيارة الحسين (سلام الله عليه) وغيره من الائمة الأطيبين (سلام الله عليهم اجمعين) في فرض کونها منذورة، فانه لا شبهة في تحقق الوفاء بالنذر اذا اتى به واما سلوک الطريق الي مکان الاتيان بالمنذور والانتقال اليه ليس مما تعلق به النذر ودخل في المنذور، ولذلک لو اتفق له الحضور في مکانه باي وجه ولو ساهياً او مکرها، او علي وجه الحرام، او بقصد غيره، او بالتمکن في الحضور في مکانه بطرق غير عادية، فانه لا شبهة في تحقق النذر الواجب عليه.نعم، الانتقال والسفر مقدمة للحضور، ولکنها لا يستلزم الا وجوبه توصلياً، کما مرّ.وعليه فلا شبهة في امتثال الواجب في ذي المقدمة اذا فرض حصول المقدمة بفرض آخر، کما في فرض استجار نفسه فيه.وهذا هو مقتضي القاعدة، ولا يحتاج الي الاستدلال بالاخبار الواردة في المقام کما مرّ من صاحب الجواهر (قدس سره)، والاخبار المذکورة بيان لهذه القاعدة وليس فيها تعبداً باخراج السفر والانتقال من افعال الحج، کما انه لا مناقضة ولا معارضة بينها وبين مدلول الآية الشريفة.ويؤيده تسالم الاصحاب عليه.

 


[1] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضي البروجردي، ج1، ص199 و 201.
[2] آل عمران/سوره3، آیه97.