درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/09/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

وافاد السيد الخوئي (قدس سره) في ذيل ما افاده صاحب العروة بقوله: «فالظاهر وجوب الحج عليهم كفاية.»

«لان كل واحد منهم مورد للعرض لدى عدم تصدق الآخر، ونتيجته الاستقرار عليهم لدى ترك الجميع لتحقق الاستطاعة عندئذ بالنسبة الى كل واحد منهم نظير ما يجده المتيممون من ماء يكفي لواحد منهم حيث يبطل تيمم السابق فقط، ومع عدم السبق يبطل تيمم الجميع لصدق الوجدان بالاضافة الى كل واحد منهم.وما ذكره هو الصحيح وان كان يفترق المقام عن باب التيمم فرقاً يسيراً ستعرفه.»ثم تنظر فيما افاده السيد الحكيم فيما عرفت منه وقال:«ولا مجال للاعتراض عليه: بان المستفاد من الادلة ان الاستطاعة‌ نوعان ملكية وبذلية وشيء منهما غير متحقق في المقام.اما الاول فظاهر.

وكذا الثاني: لعدم شمول نصوص البذل له لظهورهما ولو انصرافاً في تعلق البذل بالشخص، فانه المنسبق الى الذهن من مثل قوله: «من عرض عليه الحج...»، فلا يشمل البذل الى الجامع بين شخصين او اشخاص يثبت الوجوب الكفائي، ومنه يظهر الفرق بين المقام وبين باب التيمم، فان الشرط هناك هو الوجه ان المتحقق بالنسبة الى كل واحد من المتيممين لدي ترك جميعهم فيبطل تيمم الكل بخلاف المقام فان الشرط هو الاستطاعة غير الحاصلة لا الملكية ولا البذلية بالاضافة الى اي واحد منهم حسبما عرفت، فلا موقع للتنظير.

لا ندفاعه: بان الامور الاعتبارية ‌كالملكية وان امكن تعلقها بالجامع فيكون المتعلق كلياً كصاع من الصبرة او الموضوع وهو المالك كلياً، بل قد تعتبر الملكية للميت بل للجماد كالمسجد او للجهة، فانها خفيف المؤونة.واما الامر التكويني فلا يمكن تعلقها بالكلي، فانا لا نعقل معنى للبذل الى الجامع ضرورة انه بما هو لا يتعلق به البذل كما لا يتوقع منه الصرف، وانما الذي يصرف ما بذل له هو الشخص فقط، فلا جرم كان هوم الذي يبذل اليه ليس الا، غايته ان خصوصية المبذول اليه قد تكون ملحوظة في مقام البذل واخرى تكون ملغاة، فلا نظر الى الاشخاص بالذات. بل غرضه معطوف نحو الجامع الانتزاعي اعني عنوان احدهما او احدهم لمساواة كل منهم مع الاخر في الوفاء لغرضه من التصدي للحج كاحدين لا ميز بينهما فيعرض الحج على احدهما، فان مرجع هذا العرض لدي التحليل ـ بعد ما عرفت من امتناع العرض على الجامع ـ الى العرض على كل واحد منهما لكن مشروطاً بعدم تصدي الاخر. ونتيجة ذلك:انه لو تصدى احدهما دون الاخر اختص العرض به لانتفاء الشرط بالنسبة الى الاخر، ولو لم يتصد واحد منهما اشتركا في العرض وصدق البذل لتحقق الشرط ـ وهو عدم تصدي الاخر ـ بالاضافة الى كل واحد منهما، ومن اجله يتسقر الحج عليهما او عليهم جميعاً، ونعني بالتصدي التصدي للصرف خارجاً في سبيل الحج الذي هو المقصود من البذل لا مجرد الاقتصار على الاخذ فلو اخذه احدهما من غير صرف ساغ للاخر استخلاصه منه.بل وجب مع العلم بعدم الصرف، فيكون عدم الصرف من احدهما كاشفاً عن حصول الشرط بالاضافة الى الاخر على سبيل الشرط المتأخر.وعليه:فيتجه ما صنعه في المتن من التنظير بباب التيمم، اذ كما يبطل هناك تيمم الجميع لو اعرضوا جميعاً لصدق الوجدان بالنسبة الى كل واحد منهم فكذا يستقر في المقام على الجميع لو ترك الكل لصدق العرض المحقق للاستطاعة البذلية بالاضافة الى كل واحد منهم، فكلا البابين من واد واحد ويشتركان في المناط من هذه الجهة.نعم، بينهما فرق من ناحية اخرى:وهي وجوب التسابق في باب التيمم، فلو كان احدهما اقوى وجب عليه السبق لحصول الشرط بالاضافة اليه وهو الوجدان، فلا يسوغ له التسامح لكن يختلسه الاخر، لانه تفويت للقدرة بعد حصولها. بخلاف المقام، اذ لم يعرض عليه الحج مطلقاً، بل يشترط عدم تصدي الاخر، فهذا العرض المشروط لا يحقق الاستطاعة الا مع حصول شرطه.

ومن الواضح عدم وجوب تحصيل شرط الاستطاعة، فلا يجب عليه السبق بل يجوز له التمكين من تصدي الاخر الموجب لانتفاء شرط الاستطاعة بالاضافة اليه ولا يجوز مثل ذلك في باب التيمم حسبما عرفت.»[1]

ومحصله:ان البذل بما هو امر تكويني لا يعقل تعلقه بالجامع بخلاف الامور الاعتبارية. وعليه فلا معنى للبذل نحو الجامع. وقد اكد (قدس سره) عليه ولكن افاد بان المورد ليس من صغريات تعلق البذل بالجامع. وذلك:لان متعلق البذل دائماً يكون الشخص ومن يصرف ما بذل له هو الشخص وفي هذا المقام تارة يكون خصوصية المبذول اليه ملحوظة في مقام البذل واخرى تكون ملغاة فلا نظر الى الاشخاص بالذات. وموردنا من هذا القبيل فان غرض الباذل معطوف على نحو الجامع الانتزاعي اعني عنوان احدهما او احدهم لمساواة كل منهم مع الاخر في الوفاء لغرضه من التصدي للحج كاخوين لا ميز بينهما فيعرض الحج على احدهما.وعليه فان مرجع هذا البذل لدي التحليل ـ بعد امتناع العرض على الجامع ـ الى العرض على كل واحد منهما لكن مشروطاً بعدم تصدي الاخر.ونتيجة ذلك:انه لو تصدى احدهما دون الاخر اختص العرض به لانتفاء الشرط بالنسبة الى الاخر ولو لم يتصد واحد منهما اشتركا في العرض وصدق البذل لكل واحد منهما، ولذا استقر عليهما الحج.كما افاد بان المراد من التصدي، التصدي للصرف خارجاً في سبيل الحج الذي هو المقصود من البذل، لا مجرد الاقتصار على الاخذ.وقد افاد (قدس سره) ايضاً.انه يتم ما صنعه في المتن من التنظير بباب التيمم، لانه كما يبطل تيمم الجميع لو اعرضوا جميعاً لصدق الوجدان بالنسبة الى كل منهم فكذا يستقر الحج على الجميع لو ترك الكل لصدق العرض المحقق للاستطاعة البذلية وبالنسبة الى كل واحد منهم، فكلا البابين من واد واحد ويشتركان في المناط من هذه الجهة.ثم انه (قدس سره) فرق بين الموردين بوجوب التسابق في باب التيمم بخلاف المقام. ويمكن ان يقال:ان ما حققه في المقام لا يمكن المساعدة عليه.

اما اولاً: لان بعد عدم تعقل تعلق الامور الواقعية كالبذل بالجامع ـ كما هو مقتضى التحقيق، فان موردنا من صغرياته بلا شبهة، لان الجامع لا يعقل تعلق البذل به بلا فرق فيه بين الجامع الواقعي او الجامع الانتزاعي ولا يفيد رجوع العرض على احدهما او احدهم في تعقل ذلك حتى لدي التحليل وذلك.

لان بعد التحليل لا يكون متعلق العرض وايضاً متعلق الفرض عنوان احدهما. وهو لا يكون الشخص المعين، بل احد الشخصين او احد الاشخاص ولا اثر لالغاء خصوصية المبذول اليه، لرجوعه الى الجامع على اي حال. والمحقق للاستطاعة هو البذل للشخص بعنوانه وبذاته. والجامع ليس هوالشخص بعنوانه فلا دافع معه لتعلق الامر التكويني بالجامع الذي افاد بانه غير معقول.

هذا وثانياً: ان الاستطاعة هي بمعنى التمكن الفعلي من الاتيان بالحج، ومعنى التمكن الفعلي امكان التصرف الفعلي للمكلف، وهذا ما ينافيه التعليق. وفي المقام ان التمكن الفعلي لكل شخص منهما او منهم يتوقف على عدم تصرف الاخر، ومعه لا تتحقق الاستطاعة بالنسبة اليه، كما هو الحال في الاستطاعة المالية، فان التمكن مشروطاً ببيع الارض الفلاني او اداء ‌الدين الكذائي ليس تمكناً فعلياً، ولذا لا تتحقق في مورده الاستطاعة التي هي الموجب لوجوب الحج.

ولعل هذا نظر من قال بان الروايات الواردة‌ في البذل لا تشمل مثل المقام لان الفرض في هذه الاخبار يقتضي الاستطاعة اذا اقتضي التمكن الفعلي للمبذول اليه من دون اي تعليق او تقدير.هذا مع:ان في مثل المقام ان العرض بما هو لا يوجب التمكن الفعلي، بل حصوله يتوقف على تحصيله من ناحية المبذول له باختياره التصرف في المبذول قبل تصرف غيره، وهو تحصيل للاستطاعة، اذ لو لا ذلك لا يتحقق في مورده التمكن الفعلي، كما هو الحال في غيره المورد من الموارد التي لا يتحقق التمكن المذكور الا باختياره واقدامه. مثل ما اذا عرض له المال لان يحج او ان لا يحج، او لان يحج او لان يؤدي دينه فانه لا يجب عليه القبول لان تحقق التمكن الفعلي يتوقف على اختياره الصرف في طريق الحج وهو تحصيل مقدمات الاستطاعة، ومثله وجوب القول في الهبة للحج. هذا ثم ان ظاهر جماعة من الاعلام، تصوير هذه المسألة بصورة ما اذا بذل المال لخصوص من اراد الحج منهم قال السيد الاستاذ (قدس سره) في جواب المحقق النائيني (قدس سره) ـ حسب تقريبه ـ من ان المبذول له طبيعة المكلف ولا يصدق على كل واحد منهم انه ممن عرض عليه الحج، وموضوع الحكم استطاعة نفس الشخص وعرض الحج عليه نفسه لا استطاعة طبيعي المكلف المردد بين الثلاثة.

 


[1] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضي البروجردي، ج1، ص184 و 186.