درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/09/29

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

قال صاحب العروة:

«مسأله 42: اذا رجع الباذل في اثناء الطريق ففي وجوب نفقة العود عليه أم لا وجهان.»[1]

قد مر في المسألة السابقة ثبوت الضمان لجميع المصارف التي يتحملها المبذول له في طول سفره الي وصوله في محل سكونته ومن جملتها نفقة العود بلا اشكال.وظاهر اكثر اعلام محشي العروة اختيار وجوب نفقة العود عليه وتفرد المحقق العراقي بالالتزام بعدم وجوبه، قال (قدس سره) في حاشيته:

«اقواهما ـ الوجهين الذي تعرض لهما صاحب العروة ـ العدم، خلافاً لمن التزم بقاعدة الملازمة بين الاذنين في الملازمين.»[2]

وقد عرفت في المسئلة السابقة ان المستند لا ينحصر بهذا القاعدة وإن كانت هذه القاعدة تامة في نفسها بمقتضي العرف والسيرة كما افاده السيد الخوئي (قدس سره).وقد صرح المحقق النائيني (قدس سره) بوجوب نفقة العود وأفاد في حاشيته:«اقويهما الاول ـ وجوب نفقة العود علي الباذل ـ ولو مات اخذ من صلب ماله علي الاقوي». قال صاحب العروة:

«مسأله 43: إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة، فالظاهر الوجوب عليهم كفاية فلو ترك الجميع استقر عليهم الحج فيجب على الكل لصدق الاستطاعة بالنسبة إلى الكل نظير ما إذا وجد المتيممون ماء يكفي لواحد منهم فإن تيمم الجميع يبطل.»[3]

قال السيد الحكيم (قدس سره) في ذيل قول الماتن: «فالظاهر الوجوب عليهم كفاية»

« لتحقق الاستطاعة بالنسبة إلى كل واحد منهم، على ما ذكره هنا، وتقدم منه في المسألة الثلاثين وغيرها. لكن عرفت الاشكال في ذلك، وأن المستفاد من النصوص أن الاستطاعة نوعان: ملكيه، وبذلية، وكلتاهما في المقام غير حاصلة، لانتفاء الملك. ولعدم شمول نصوص البذل له. ولذا قال في الجواهر: " إن لم ينعقد اجماع على وجوبه للمبذول لهم الحج على جهة الاطلاق من دون خصوصية - كأن يقال: " بذلت الزاد والراحلة لكل من يريد الحج مثلا - أمكن القول بعدمه. للأصل وغيره. وبالجملة: المدار في المسألة: أن وجوب الحج على المبذول له، لصدق الاستطاعة المتحقق في ذلك وأمثاله. أو أنه لمكان الأدلة المخصوصة، لعدم الاكتفاء بهذه الاستطاعة المشتملة على المنة، التي سقط لها ونحوها أكثر التكاليف. ولعل الأخير لا يخلو من قوة.. ".وما ذكره في محله. وإن كان بعضه لا يخلو من مناقشة، فإن الاعتماد على النصوص المخصوصة في الاستطاعة البذلية، وعدم شمول العمومات لها ليس لأجل المنة، بل لأجل أن العمومات مختصة بالملك، على ما عرفت في المسألة الثلاثين وغيرها.

والمنة الحاصلة في البذلية ليست مما يسقط لأجلها التكليف، لعدم بلوغها الحرج. ولو فرض بلوغها ذلك فلا ينبغي التأمل في منعها من الاستطاعة البذلية، لعموم أدلة الحرج، كما عرفت في جملة من مسائل الاستطاعة المالية المتقدمة. فراجع.»[4]

وحاصل ما افاده:انه تقدم في مسألة 30 من العروة:

« الظاهر عدم اعتبار الملكية في الزاد والراحلة، فلو حصلا بالإباحة الملازمة كفى في الوجوب، لصدق الاستطاعة. ويؤيده الأخبار الواردة في البذل. فلو شرط أحد المتعاملين على الآخر - في ضمن عقد لازم - أن يكون له التصرف في ماله بما يعادل مائة ليرة مثلا، وجب عليه الحج، ويكون كما لو كان مالكا له.»[5]

فافاد السيد الحكيم في ذيله:ان الاستطاعة فسرت في الاخبار بأن يكون له زاد وراحلة، مما ظاهره الملك. نعم في صحيح الحلبي: " إذا قدر الرجل على ما يحج به "، وفي صحيحه معاوية: " إذا كان عنده مال يحج به، أو يجد ما يحج به " وهو أعم من الملك. لكن الجمع بينه وبين غيره يقتضي تقييده بالملك وعدم الاجتزاء بمجرد الإباحة... وافاد بالنسبه الي روايات البذل الداله علي تحقق الاستطاعه بالاباحه للحج بانها کانت مختصه بالبذل لخصوص الحج، ولا يدل علي تحقق الاستطاعه بحصول الاباحه في التصرف مطلقا.لکنه افاد في نهايه کلامه بانه يمکن استفاده التاييد لتحقق الاستطاعه بالاباحه من اخبار البذل، لکن التاييد لا ينفع في اثبات الدعوي.وافاد في المقام:

انه قد مر في ذيل مسألة 30 ان المستفاد من الاخبار: ان الاستطاعة نوعان، الاستطاعة المالية والاستطاعة البذلية.

وفي المقام ـ وهو اباحة مصارف حج واحد للجامع بين الشخص وغيره ـ لا تتحقق الاستطاعة لكل منهما او منهم، لانتفاء الملك، وعدم شمول اخبار البذل له.ثم نقل عن صاحب الجواهر: انه التزم في المقام بعدم تحقق الاستطاعة ببيان: انه لا يبعد القول بعدم وجوب للمبذول لهم الحج على جهة الاطلاق، اي عرض الحج للجامع بينهم لو لم يثبت فيه اجماع.وظاهره الالتزام بوجوب الحج اذا بذلت الزاد و الراحلة لكل من يريد الحج بين جماعة.واستدل لما اختاره بعدم صدق الاستطاعة بمقتضى ادلة اعتبار الاستطاعة لان هذه الادلة لا تشمل بعمومها للمورد ـ بل لمورد البذل لاشتماله على المنة، نعم ان بالنسبة الى وجوب الحج بالبذل ادلة خاصة الا انها لا تشمل المقام.والظاهر ان مراده ان الادلة الخاصة للمبذل لا تشمل المقام لان البذل للجامع ليس بذلاً للفرد الذي هو ظاهر هذه الادلة.

ولا يمكن الاستدلال لوجوب الحج فيه لعمومات اعتبار الاستطاعة لعدم لاشتمالها على المورد من جهة اشتماله على المنة.[6]

وافاد السيد الحكيم في جوابه:ان عدم اشتمال العمومات للمورد ليس من جهة اشتماله على المنة، بل لانها مختصة بالملك، واما بالنسبة الى ما افاده من اشتماله على المنة فانه ليست المنة الحاصلة في البذل مما يسقط لاجلها التكليف لعدم بلوغها حد الحرج.نعم انه (قدس سره) استحسن ما افاده صاحب الجواهر بعدم شمول الادلة الخاصة الدالة على وجوب الحج بالبذل، للمورد.

وقد افاد السيد الحكيم (قدس سره) فيما افاده صاحب العروة من التنظير بباب التيمم فيما اذا وجد المتيممون ماءً يكفي لواحد منهم، فان تيمم الجميع يبطل وافاد ان المدار لبطلان التيمم على وجدان الماء وقال: « الوجدان - الموجب لبطلان التيمم - إنما هو بمعنى القدرة على الماء، وهو في المقام حاصل بالنسبة إلى كل واحد منهم، فيبطل تيممه. نعم إذا تسابقوا إليه فسبق واحد منهم بطل تيممه دون غيره، لانكشاف قدرة السابق وعجز غيره وإذا سبقوا إليه جميعا لم يبطل تيمم واحد منهم، لاشتراكهم فيه. أما الاستطاعة في باب الحج فقد عرفت أنها ليست كذلك، فالتنظير في غير محله.»[7]

هذا وافاد المحقق النائيني (قدس سره) في حاشيته على قول صاحب العروة. «فالظاهر الوجوب عليهم كفاية.»:

«الاظهر لغوية هذا البذل بالكلية.»[8]

وافاد السيد الاستاذ (قدس سره) في بيانه: «توقف في ذلك المحقق النائيني بدعوى أن المبذول له طبيعة المكلف و لا يصدق على كل واحد منهم أنه ممن عرض عليها الحج، كما لا تصدق الاستطاعة بالنسبة الى كل واحد. و من الواضح أن موضوع الحكم استطاعة نفس الشخص و عرض الحج عليه نفسه لا استطاعة طبيعي المكلف المردد بين الثلاثة.»[9]

وافاد السيد البروجردي في حاشيته:«محل اشكال، بل منع.»

وافاد السيد الاصفهاني (قدس سره): «بان قال مثلاً: اي واحد منكم قد حج، فعلي نفقته فليحج واحد منكم والامر اليكم. او عين مقداراً يكفي لحج واحد منهم و أوكل الامر الى اختيارهم.»[10]

وظاهر كلام السيد: انه يجب الحج في صورتين:

1 ـ ان يبذل مؤونة الحج لمن اراد الحج، وقد مر التعبير عنه في كلام صاحب الجواهر: البذل لهم بخصوصية، يعني انه يبذل لخصوص من اراد الحج منهم.

2 ـ ان يعين مقداراً يكفي لحج واحد منهم، واعطى لهم الاختيار في تعيين واحد بينهم.

وهذا بظاهره غير كلام صاحب العروة: لرجوع الصورتين الى التعيين على نحو فلا يكون البذل لطبيعي المكلف المردد بين الثلاثة.

وهذا يفيد عدم موافقته مع صاحب العروة فيما بذل لهم الحج على نحو الاطلاق.

وفي القبال: افاد السيد الشيرازي في حاشيته: «على نحو الوجوب الكفائي، فلو حج احدهم اجزأ»

 


[1] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص404.
[2] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص404.
[3] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص404 و 405.
[4] مستمسك العروة الوثقي، السيد محسن الطباطبائی الحكيم، ج10، ص145 و 146.
[5] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص392.
[6] مستمسك العروة الوثقي، السيد محسن الطباطبائی الحكيم، ج10، ص116 و 117.
[7] مستمسك العروة الوثقي، السيد محسن الطباطبائی الحكيم، ج10، ص146.
[8] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص405.
[9] المرتقى إلى الفقه الأرقى، السيد محمد الروحاني، ج‌1، ص121.
[10] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص404.