درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/09/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

الثاني: قد مر فيما افاده السيد الخوئي (قدس سره)، ان رجوع الباذل عن بذله انما يكشف عن عدم وجوب الحج عليه من الابتداء، وعليه لكان احرامه صورياً لا واقعياً، ولا دليل علي تبدله باحرام الندبي، وحيث انه احرام لم يتعلق به امر لا وجوباً ولا ندباً، فلا مانع من رفع اليد عنه.

وقد مر فيما افاده السيد الحكيم انه ان امكن له اتمام الحج ولو بالتسكع او الاستقراض فأتمه فانما يجزي عنه بعنوان حجة الاسلام، وعند عدم التمكن يجري عليه حكم المحصور.ويمكن ان يقال:ان في مفروض البحث ان الباذل سواء علم من اول الأمر رجوعه او كان جاهلاً به، فإن بالنسبة الي المبذول له تحقق الاستطاعة البذلية بمجرد البذل، وتعلق به الامر المتعلق بحجة ‌الاسلام، والمفروض ايضاً انه وصل الميقات واحرم، فلا محالة يكون احرامه مأموراً به بالأمر المتعلق بحجة الاسلام بمقتضي الاستطاعة المتحققة له بمقتضي البذل، فاذا حدث رجوع الباذل، فذلك كمورد سرقة زاده وراحلته او عروض الحصر وامثاله، انما يتحقق له المانع عن اتيان الحج الواجب عليه بغير اختياره، ولا دليل علي كاشفية ذلك عن عدم وجوب الحج عليه من الابتداء، بل وجب وإنما صادف المانع عن اتيان الواجب، ولذا لو امكن له اتمامه ولو بالتسكع او الاستقراض او غير ذلك ليجزي عنه بعنوان حجة الاسلام، مع ان بناءً علي ما افاده لا يجزي عنه بعنوان حجة الاسلام حتي لو اتمه لفقدان الأمر لا الامر الوجوبي ولا الندبي، وهذا خلاف لما التزمه الاكثر، ومقتضي القاعدة والادلة. نعم في هذه الصورة اي رجوع الباذل ان تمكن من اتمام الحج بأي وجه ولو بالتسكع والاستقراض وغير ذلك، لزمه ذلك اذا لم يلزم له محذور كالضرر المعتد به او الهرج النافيين لوجوب الحج، وأن لا يبعد عدم شمول القاعدتين له بعد اقدامه عليهما.وان لم يتمكن بوجه فما افاده السيد الحكيم من جريان حكم المحصور عليه حتي يخرج عن الاحرام لا يخلو عن وجه قوي، لعدم خروجه عن الاحرام لغير ذلك في فرض عدم تمكنه من الاتمام.والظاهر من كلام السيد الخوئي (قدس سره) ابتناء البحث في ثبوت الضمان اذا اتم الحج بمقتضي كون الاذن في الشيء اذناً في لوازمه علي تسلم ثبوت الأمر بالحج وعدم كاشفية الرجوع عن عدم ثبوت الاستطاعة له من اول الامر، وهذا ما قد عرفت ما فيه وقد مر بعض الكلام في عدم تمامية هذه الكاشفية وامثالها، والحج في المقام كغيره مما كان واجباً وعرض المانع عن اتيانه بغير عمده فيسقط الوجوب من حين عروض المانع. وليس لنا ما دل علي سقوطه من الابتداء. وأما قول صاحب العروة في ذيل المسئلة وهو الفرع الثالث فيها:

«ولو وهبه للحج فقبل، فالظاهر جريان حكم الهبة ‌عليه في جواز الرجوع قبل الاقباض وعدمه بعده اذا كانت لذي رحم او بعد تصرف الموهوب له.»[1]

قد مر عدم شمول اخبار البذل لمورد التمليك.ومع التسلم فإن الفرق بينه وبين مورد الاباحة، ان في صورة التمليك انتقلت ملكية المال من الباذل الي المبذول له، فيخرج عن موضوع الناس مسلطون علي اموالهم بالنسبة الي الباذل لانتهاء سلطنته بالانتقال. وجواز ثبوت الرجوع بعد ذلك يتوقف علي ثبوت حق الرد في الموارد. وفي مثل الهبة بما انها عقد جائز لا تقبل اللزوم الا بالنسبة الي ذي رحم وكذا بالنسبة الي من تصرف في الموهوب له بما لا يجوز معه الرجوع للواهب.وأما غير هذين الموردين فإنه يجوز الرجوع في الهبة تكليفاً هذا ما افاده صاحب العروة (قدس سره)ويمكن ان يقال:انه لو قلنا بشمول ادلة البذل لمورد التمليك كالهبة فإنه لا فرق بين مورد الاباحة ومورد التمليك في حكم الرجوع تكليفاً ووضعاً ويجري فيه جميع ما مر في البذل بالاباحة.وكذا اذا وهبه للحج، فإنه وإن لم نلتزم بشمول ادلة البذل له الا انه لو وهبه لأن يحج وفرض تحقق الاستطاعة له به، فإذا ذهب الي الحج واحرم ثم رجع الواهب فإنه يجري في مورد ثبوت الضمان فيما صرفه في طريقه او لاتمام حجه بعد الاحرام علي الواهب.

بمقتضي قاعدة‌ الغرر وقاعدة الاتلاف، وقاعدة الضرر، لعدم ذهابه الي الحج لولا تمليك مصارف الحج له بهبة الواهب بطبعه فإن كل ما يصرفه في طريقه من الزاد و الراحلة بعد رجوع الواهب مضمون عليه بلا فرق بين شمول ادلة البذل للتمليك بالهبة او كان وهبه لان يحج وقلنا بتنجز الشرط له انه يجب عليه صرف الموهوب له في الحج بمقتضي تحقق الاستطاعة به له بل حتي لو قلنا بعدم تنجز الشرط ولكنه اختار الذهاب الي الحج لما رأي نفسه في التمكن من الحج بمقتضي الهبة المذكورة.

فذهب زاعماً بقاء الواهب علي هبته، وصرف بعض المال فإنه يثبت ضمان ما صرف بعد رجوع الواهب بمقتضي ما مر في الاباحة بعين الكلام.مع انه يتصف الرجوع بعدم الجواز تكليفاً مع صدق الاضرار. ولا نري تعرضاً لثبوت الضمان في مثل المقام في اكثر الكلمات الا ان السيد الخوئي (قدس سره) في المسألة الاتية ـ مسأله 42ـ في ضمان نفقة العود بعد الرجوع افاد حسب ما اختاره من المبني من ان الأمر بالشيء امر بلوازمه:

«وقد ظهر مما مر ان أقواهما الوجوب إذ الذهاب الذي يستلزم الاياب عرفا کان بامره حسب الفرض وقد عرفت ان الامر بالشيء امر بلازمه وهو يستلزم الضمان فيهما ببناء العرف والسيرۀ العقلائيۀ، فالرجوع عن البذل وان کان سائغا له سواء أکان تمليکا أم اباحه کما تقدم الا انه لا ينافي ضمانه لقيمۀ ما يصرفه المبذول له في سبيل نفقه العود حسبما عرفت.»[2]

فإنه (قدس سره) وان لم يتعرض لصورة الضمان مع عدم الالتزام بشمول ادلة البذل للهبة للحج الا ان الظاهر انه بين الحكم حسب مختاره من الشمول كما هو ظاهر غيره.وقد مر جريان ثبوت الضمان بعين ما افاده فيه.كما انه (قدس سره) كان مستند للضمان علي ما مر منه قاعدة ان الأمر بالشئ امر بلازمه كما ان ظاهر استنادها الي العرف والسيرة العقلائية.وقد مر قيام نفس المستند في قاعدة الغرور.

 


[1] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص403 و 404.
[2] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضي البروجردي، ج1، ص184.