درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/08/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

و أفاد السيد الاستاذ (قدس سره):«هذا الفرع يتصور علي نحوين:

الاول: أن يكون الوقف للحج بمعنى يصرف النماء في اداء فريضة الحج، فللولي بذله لمن يشاء، فإذا بذله وجب الحج على المبذول له لأنه من مصاديق‌ عرض الحج عليه.

الثاني: أن يكون الوقف لمن يريد الحج و يقصده، فالمكلف إذا لم يقصد الحج كان خارجا عن موضوع الوقف و لم يكن من مصاديق الموقوف عليه و له ذلك، إذ لا يلزمه أن يصيّر نفسه من أفراد موضوع الوقف و معه لا يجوز للولي بذل المال له، لأنه غير مورد الوقف.»[1]

و أساس نظره انه لو كان الوقف لمن يريد الحج و قصده، فليس الموضوع له الا من يريد الحج و يقصده، ومن يريد الحج كان ممن يستطيع قبل ذلك ويقصد الحج بمقتضي استطاعته، و مثله خارج عن موضوع الاستطاعة البذلية، وأما من لا يريد الحج فهو ليس موضوعاً للوقف اساساً، وأن يتصور في مورده الاستطاعة البذلية، الا ان موضوع الوقف لا ينطبق عليه.

وقد تعرض لهذا المعني المحقق العراقي (قدس سره) في حاشيته علي المتن بوجه اوسع، قال (قدس سره) في ذيل قول صاحب العروة : «... وجب عليه لصدق الاستطاعة ...»:

« في وجوب الحج حتى في نذره الغير المحتاج إلى القبول نظر فضلا من من وقفه أو وصيته على القول بالاحتياج إلى القبول لأن موضوع النذر المقدم بالحج في رتبة سابقة فيستحيل أن يكون هذا البذل منشأ وجوبه لأنه من قبيل الأمر بالحاصل وهو محال.»[2]

و حاصله:ان في كلام صاحب العروة وفتويه بوجوب الحج في المقام اشكالان:

1- ان الوقف و الوصية للاشخاص يحتاج الي القبول في بعض الاقوال، و القبول تحصيل للاستطاعة، فلا يتم القول بوجوبه علي ما مر، نعم النذر غير محتاج اليه، فلا يجري هذا الاشكال في مورده.

2- ان موضوع الوقف او الوصية او النذر ـ حسب ظاهر عبارة المتن ـ من يحج وهو من اراد الحج ويقصده، وهذا الموضوع لا يندرج في كبري الاستطاعة البذلية، ووجوب الحج بالبذل، لتحقق الاستطاعة بتبعها وجوب الحج قبل البذل، وهذا الاشكال عند المحقق العراقي جار في الوصية والنذر كالوقف، وإن كان ظاهر كلام السيد الاستاذ جريانه في خصوص الوقف.

هذا ويمكن ان يقال:

ان هذا الاشكال انما يرد علي عبارة صاحب العروة حيث انه عبر في كلامه «لو وقف شخص لمن يحج او اوصي او نذر كذلك ...»، فإنه حسب هذه العبارة لا تندرج المورد في الاستطاعه البذلية.

ولكن الاشكال لفظي ومراد صاحب العروة حسب مناسبة الحكم والموضوع واندراج المسئلة في الاستطاعة البذلية، ان متعلق الوقف والنذر والوصية الاشخاص لا خصوص من اراد الحج ويقصده، فالموضوع فيها صرف هذه الموارد وبذلها للاشخاص لأن يحجّوا، وحيث ان الاتيان بالحج يحتاج الي المؤنة فكان غرض الواقف والناذر والموصي ترغيب الاشخاص بالنسبة الي الحج بتأمين هذا المؤنة لهم، سواء‌ كان شخصاً خاصاً او كان الموضوع الاشخاص بلا خصوصية.و به يدفع الاشكال، ويلزم تصحيح العبارة او تفسيرها بهذا المعني، ومن الواضح انه ليس غرض صاحب العروة (قدس سره) غير هذا المعني .نعم فيما يتوقف منها علي القبول يجري الاشكال الاوّل.اما الفرع الثاني في المسئلة:

و هو قوله: « وكذا لو أوصى له بما يكفيه للحج بشرط أن يحج، فإنه يجب عليه بعد موت الموصي»

قال السيد الحكيم (قدس سره):

« هذا من أفراد المسألة السابقة ، فإذا يدخل في أخبار العرض " بملاحظة أن الوصي إذا عرض عليه المال الموصى به للحج يدخل في أخبار العرض . بل يزيد عليه بامكان تطبيق الأخبار بملاحظة وصية الميت أيضا ، فيكون الميت قد عرض عليه الحج . وهذا وإن كان حاصلا في فرض الوصية السابق ، لكن عرض الميت فيه ليس للشخص المعين بل للكلي ، حسب فرض المسألة . وسيأتي الاشكال في مثل ذلك.»[3]

وحاصل ما افاده (قدس سره):ان هذا من افراد المسألة السابقة، وهي الفرع الاول من هذه المسئلة، وهو قوله: لو وقف شخص لمن يحج او اوصي او نذر كذلك فبذل المتولي او الوصي او الناذر له وجب عليه لصدق الاستطاعة، فيدخل في اخبار العرض عنده، كما قرره من ان الوصي اذا عرض عليه المال الموصي به للحج يدخل في اخبار العرض.لكن التفاوت بينهما ان في الفرع السابق كان عرض الميت للكلي، اي لمن يحج، وفي هذا الفرع كان العرض للشخص المعين بقوله: وكذا لو اوصي له بما يكفيه للحج بشرط ان يحج.والاشكال الذي يراه (قدس سره) في المقام ما افاده في المسألة المتأخرة ـ اي مسئلة 39 ـ وهو انه هل يمكن للوصي هذا الاشتراط للشخص الخارجي ام لا بعد تسلم صحة الاشتراط اذا كانت الوصية بالأمر الكلي، كمن يحج او من زار ... . و بالجهة.وأما اذا كانت الوصية للشخص الخارجي فاشتراط الحج فيها يبتلي باشكال:قال في المسألة اللاحقة:« الشرط المذكور تارة : يكون من قبيل إنشاء شرط العمل على المدفوع إليه " وأخرى : من قبيل القيد للمدفوع إليه . فإن كان من قبيل الأول فصحته موقوفة على ثبوت ولاية المالك على مثل ذلك ، ودليله غير ظاهر. وعمومات صحة الشروط لا تصلح لاثبات السلطنة عليه عند الشك فيها ، نظير عمومات صحة البيع لا تثبت السلطنة لكل بايع . وكذلك غيرها ، من عمومات صحة العقود والايقاعات ليست ناظرة إلا إلى إثبات قابلية المنشأ للانشاء في ظرف صدوره من السلطان ، فلا بد في اثبات ولايته على الشرط من دليل ...

وأما إذا كان الشرط من قبيل القيد ، بأن يدفعه له مقيدا بكونه يحج به ، فقد يقال بامتناعه ، بلحاظ أن المدفوع إليه هو الشخص الخارجي ، وهو لا يقبل الاطلاق والتقييد، ...»[4]

 

 


[1] المرتقى إلى الفقه الأرقى، السيد محمد الروحاني، ج‌1، ص112 و 113.
[2] العروة الوثقي-جماعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص400 و 401.
[3] مستمسك العروة الوثقي، السيد محسن الطباطبايي الحكيم، ج10، ص136 و 137.
[4] مستمسك العروة الوثقي، السيد محسن الطباطبايي الحكيم، ج10، ص137.