درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

نعم هنا كلام في استثناء مؤونة اهله. وهو ان المعيار في الاستطاعة. تمكن عائلته من مؤنتهم. ومعناه عدم تأثير السفر الى الحج في عروض الاختلال في مؤونتهم، بل انهم كانوا فيما كانوا عليه لولا السفر، فاذا كان تاجراً او كاسباً لم يكن السفر مخلاً بذلك بالنسبة اليهم. وهذا جار بالنسبة اليهم في حال السفر و بعده. واما إذا فرض عدم تمكن الشخص من تأمين مؤنتهم سواء كان له السفر الى الحج او لم يكن، وانه لو سافر فان حين سفره وكذا بعده كانت العائلة باقية على ما كان عليهم فان تأمين الاهل ليس من جهات الاستطاعة البذلية بخلاف مورد الاستطاعة المالية، الا إذا كان في حضوره في بلده تأثير في تامين اهله. وهذا خاص بالاستطاعة البذلية، ولعل كان نظر من افتى بعدم اعتباره في الاستطاعة البذلية الى ذلك وقد التزم صاحب العروة بعدم اشتراط الرجوع الى الكفاية في مسألة 36.

هذا وقد عرفت عدم تماميه القول بوجوب الحج عند بذل بعض المؤونة وان كان خلافاً لما اشتهر بين المتأخرين (قدس الله اسرارهم) من الالتزام بالوجوب وعليه فلو كان هناك اجماع معتبر او شهرة بين قدماء الاصحاب على الوجوب، فنرفع اليد عما اخترناه من عدم الوجوب والا فان مقتضى التحقيق عدم تمامية الالتزام بالوجوب عند بذل بعض نفقة الحج.

قد افاد السيد البروجردي (قدس سره) في ذيل قول صاحب العروة:«وكذا لو لم يبذل نفقة عياله الا إذا كان عنده ما يكفيهم الى ان يعود ام كان لا يتمكن من نفقتهم مع ترك الحج ايضاً »«الوجوب في هذه الصورة ـ صورة عدم تمكنه من نفقتهم مع ترك الحج ايضاً ـ محل تأمل.»وافاد المحقق النائيني (قدس سره):«الاقوى عدم الوجوب في هذه الصورة.»كما افاده السيد الفيروزآبادي:«فيه الاشكال، وإن كان لا يبعد الوجوب بتقريب أن مع عدم تمكنه لا يلزم الحرج على العيال من قبل حجه والمفروض أنه مستطيع أي قادر على الزاد والراحلة وفي نظر العرف فرق بين الاستطاعة هنا وفي المالية حيث يعتبر نفقة العيال فيها. بل يمكن أن يقال: لا فرق بل عدم الوجوب في المالية مع فقدها للزوم الضرر والحرج على عياله من قبل وجوب الحج.» اقول:

ان ما افاده المحقق الفيروزآبادي يوافق مامر منا من شرطية الرجوع الي الكفاية او شرطيه تأمين المؤونه لاهله حين السفر في الصورة التي كان للسفر اثر في الاخلال بذلك، واما اذا لم يكن للسفر المذكور تأثير في ذلك مثل ما اذا لم يتمكن من تأمين المؤونه لا قبل السفر و لا بعد السفر فلا وجه لشرطية ذلك في تحقق الاستطاعه البذلية. واما ما كان في نظر مثل المحقق النائيني حيث افتي جزماً بان الاقوي عدم الوجوب او مثل السيد البروجردي حيث تامل في الوجوب. هو انه وان لم يلزم من الحج ضرر او حرج بالنسبة الي اهله في الفرض الا ان هنا امر غير لزوم الضرر والحرج وهو ان الواجب علي الشخص تأمين نفقه عياله بتحصيل شغل او حرفه او كسب وهذا الوجوب وجوب يومي اي انه يجب عليه ذلك في كل يوم وبالنسبة الي السفر الي الحج بالبذل فانه يلزم منه ترك هذا الواجب ومن المشكل جداً الالتزام بان وجوب الحج اولي من وجوب تحصيل النفقه علي عياله، فان بحضوره في بلده وجهده يمكن ان يحصل له فرج في ذلك بخلاف ما اذا سافر الي الحج. وهو وجيه.

قال صاحب العروة:«مسألة 35: لا يمنع الدين من الوجوب في الاستطاعه البذليه.

نعم، لو كان حالاً وكان الديان مطالباً مع فرض تمكنه من ادائه لو لم يحج ولو تدريجا ففي كونه مانعاً أو لا وجهان.»[1]

قال السيد الحكيم في المستمسك:«ان الوجهين ينشئان من ملاحظة الأدلة الأولية المقتضية لنفي الاستطاعة السربية الشرعية ، لوجوب الأداء المقتضي لوجوب الحضر حسب الفرض .

ومن إطلاق كلمات الأصحاب : من أن الدين لا يمنع من الاستطاعة البذلية .»[2]

وأفاد السيد الخوئي في بيان منشأ الوجهين:«من إطلاق ادلة البذل ـ المقتضي لتقديم الحج ـ ومن لزوم اداء الدين المتقدم على الحج كما مرّ.»وتوضيحه:

ان مقتضى ادلة اعتبار الاستطاعة البذلية افتراقها مع الاستطاعة المالية فان في الاخير يكون الدين مانعاً عن تحقق الاستطاعة بخلاف الاستطاعة البذلية، فان موضوعها عرض الحج عليه من ناحية غيره من دون اي توقف على تمكنه المالي، والدين انما ينافي تمكنه المالي المعتبر في الاستطاعة المالية، واما في البذل فان مع عرض الحج عليه يجب عليه القبول من غير توقف فيه على تمكنه المالي. ولذا عبر السيد الخوئي (قدس سره) عنه بإطلاق ادلة البذل حيث انه لم يقيد بتمكنه المالي الذي ينافي معه الدين.

و إطلاق كلمات الاصحاب على ما في تعبير السيد الحكيم ناظر هذه الجهة اي ينشأ من اطلاق الادلة واستظهار تفريق الاستطاعة المالية عن الاستطاعة البذلية.

وفي القبال: انهما بينا وجه مانعية الدين عن تحقق الاستطاعة البذلية لزوم أداء الدين وهو مقدم على الحج وجوباً، فيجب عليه الحضر مقدمة لوجوب اداء دينه.

والمهم في هذا المقام اي في وجه مانعية الدين انه لو لم يؤثر حضره في اداء دينه بوجه، بل هو غير قادر على اداء دينه في وقته سواء صرف وقته الى وقت الاداء في السفر او في الحضر، او فرضنا انه قادر على اداء دينه في وقته بلا تأثيره لسفره للحج او حضره في أدائه.

فهل الدين مانعاً عن الاستطاعة البذلية المفروض افتراقها مع الاستطاعة المالية وانه لم يؤخذ في موضوع الاول اي تمكن مالي له سواء كان لأداء دينه او لغير ضروريات معاشه كبيع الدار او المركب او غير ذلك وما افاده صاحب العروة (قدس سره): نعم لو كان الدين حالاً ... لعله ناظر الي هذه الجهة.


[1] العروة الوثقي-جامعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص400.
[2] مستمسك العروة الوثقي، السيد محسن الطباطبائی الحكيم، ج10، ص133.