درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/01/31

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

فالتحقيق ان يقال:ان في المقام ليس لنا الا تكليف واحد فعلي وهو وجوب الوفاء بالنذر واشتغال الذمة به في عامه يمنع عن التحقيق الاستطاعة المفروض تحققها متأخراً ومعه لا وجوب للحج في عامه لانتفاء شرطه والقدرة الشرعية التي قيد التكليف بالحج بها.وعليه فلا تصل النوبة الى التزاحم بين الواجبين كما هو مصرح جماعة من اعلام محشي العروة فضلاً عن تقدم احدهما على الآخر بالاهمية من حيث الملاك، والبحث في ان الاهم هو الحج او النذر المذكور.وهذا ما التزم به السيد صاحب العروة و جماعة اخرى من اعلام المحشين.وقد ظهر ان الالتزام بوجوب الوفاء بالنذر في المقام ليس من باب تقدم واجب على واجب ولو من باب الاسبقية كما تقدم في كلام المحقق النائيني (قدس سره) وكلام السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك، بل ليس هنا الا واجب واحد وهو الوفاء بالنذر.وعلى فرض التسلم:فان لنا واجبان واجب متقدم وهو النذر ومتأخر وهو الحج، فيقع التزاحم بينهما وحيث ان النذر غير مقيد بالقدرة الشرعية والحج مقيد بها، فانما يقدم غير المقيد بها على المقيد بها وهو النذر، فلا تصل النوبة الى التقديم بالاهمية من حيث الملاك.

وذلك لما مر في كلام المحقق النائيني (قدس سره) ان غير المشروط بالقدرة الشرعية يصلح ان يكون تنجيزاً مولوياً عن المشروط بها، حيث ان وجوبه ليس مشروطاً بشيء سوى القدرة العقلية والمفروض انها حاصلة، فلا مانع من وجوبه ومع وجوبه يخرج ما كان مشروطاً بالقدرة الشرعية عن تحت سلطانه وقدرته شرعاً للزوم صرف قدرته في ذلك، فاذا لم يكن قادراً شرعاً لم يجب لانتفاء شرط وجوبه وهو القدرة.

وعلى فرض التسلم.فان ظاهر جماعة من الاعلام تقدم الحج لاهميته ملاكاً.هذا هو مقتضى التحقيق ومقتضى القاعدة في المقام، الا ان هنا كلاماً آخر وهو ما مر عن سیدنا الاستاذ (قدس سره) وهو ان بالنظر الى مقتضى القواعد وان كان الوجه تقديم النذر لارتفاع موضوع وجوب الحج بوجوب الوفاء دون العكس الا ان في المقام امراً يوقفنا عن الاخذ بذلك.وهو انه لو فرض تقديم وجوب الوفاء بالنذر على وجوب الحج لاجل كونه رافعاً لموضوعه، للزم لغوية وجوب الحج، اذ كل مستطيع يستطيع ان ينذر ان يصلي ركعتين في مسجد بلده يوم عرفة من كل سنة فيرتفع وجوب الحج عنه مطلقاً، وهذا المعنى لايتلائم مع اهمية الحج والتأكيد الكبير على الاتيان به حتى بنحو الاستحباب.بل يكون جعل وجوب الحج لغواً لتمكن كل مكلف من التخلص من تعلقه به بواسطة النذر لاجل ذلك لا محيص عن القول بعدم مشروعية النذر وعدم وجوب الوفاء به.وان ما نحن فيه نظير تصحيح المعاملات الربوية ببعض المصححات كالضميمة ونحوها مما يخرجها عن الربا المنصوص على تحريمه.فان الالتزام بصحة ذلك يستلزم لغوية تحريم الربا لعدم الاقدام عليه من عاقل وهو ينافي شدة التاكيد على حرمته.ثم افاد صاحب العروة (قدس سره):وكذا اذا كان عليه واجب مطلق فوري قبل حصول الاستطاعة ولم يكن الجمع بينه و بين الحج، ثم حصلت الاستطاعة وان لم يكن ذلك الواجب اهم من الحج، لان العذر الشرعي كالقعلي في المنع عن الوجوب. واما لو حصلت الاستطاعة اولا ثم حصل واجب فوري اخر لا يمكن الجمع بينه وبين الحج؛ يكون من باب المزاحمة فيقدم الاهم منها، فلو كان مثل انقاذ الغريق قدم على الحج. واساس نظره، ان قيام واجب مطلق فوري قبل حصول الاستطاعة بحيث ليس الاتيان به قابلاً للجمع مع الاتيان بالحج، فانما يمنع عن تحقق الاستطاعة لان الاشتغال به ولزوم الاتيان به عذر شرعي يمنع عن تحقق الاستطاعة ووجوب الحج حتى اذا لم يكن الواجب المذكور اهم من الحج، فيكون نظير النذر المنعقد قبل حصول الاستطاعة في المنع عن الحج نظير الموارد المتقدمة.واما اذا كان قيام الواجب المذكور بعد حصول الاستطاعة فحيث ان الواجب المذكور مطلق حسب الفرض والمفروض ثبوت الوجوب للحج فهنا واجبان يتزاحمان في مقام الامتثال، لا يمكن الجمع بينهما فيلزم اعمال قواعد باب التزاحم ومن جملتها تقديم الاهم.والفرق بينه وبين سابقه ان قيام الواجب قبل حصول الاستطاعة يمنع عن ثبوت وجوب الحج فليس هناك الا تكليف واحد وهو الواجب المطلق الفوري وليس للحج وجوب حتى فرض مزاحمته معه و أورد عليه بعدم الفرق بين الموردين.قال السيد البروجردي في حاشيته: « لا يتصور وجه لهذا الفرق إذ وجوب ذلك الواجب إن كان مانعا من حدوث الاستطاعة إذا تقدم يكون مانعا من بقائها إذا تأخر وهي شرط في وجوب الحج حدوثا وبقاء، والأقوى أنه من باب التزاحم مطلقا.» ووجه نظره انه لا فرق في مانعية الواجب المطلق عن الحج المشروط بالاستطاعة بين تحققه قبل حصول الاستطاعة وتحققه بعده، لان المانعية المذكورة لو فرضت فكما انه متحققة بالنسبة الى حدوث وجوب الحج كذلك متحققة بالسنبة الى بقائه.