درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/01/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

قال صاحب العروة

مسالة 30: الظاهر عدم اعتبار الملكية في الزاد والراحلة، فلو حصلا بالإباحة اللازمة كفى في الوجوب لصدق الاستطاعة.

ويؤيده الأخبار الواردة في البذل، فلو شرط أحد المتعاملين على الآخر في ضمن عقد لازم أن يكون له التصرف في ماله بما يعادل مائة ليرة مثلا وجب عليه الحج ويكون كما لو كان مالكا له.[1]

والظاهر (قدس سره) كفاية مطلق التمكن من الزاد والراحلة في تحقق الاستطاعة بلا فرق بين كونها حاصلة من ملكيتهما او غيرها من الاباحة وغيره. وايّده بما ورد في ابواب البذل من وجوب الحج ببذل الزاد والنفقة الموجب لتمكنه منهما من دون ان يكون ما بذله ملكاً له. فان البذل في هذه الاخبار لا يفيد اكثر من تمكن ما بذل له من الحج ولا شبهة في ان الاستطاعة تتحقق به.واساس الكلام فيما افاده من عدم اعتبار الملكية الاستدلال بصدق الاستطاعة بالاباحة اللازمة.قال السيد الحكيم في مقام الاشكال على الاستدلال المذكور.« لا مجال للاستدلال به بعد ما ورد في تفسير الاستطاعة: بأن يكون له زاد وراحلة، مما ظاهره الملك

نعم في صحيح الحلبي: " إذا قدر الرجل على ما يحج به ".[2]

وفي صحيح معاوية: " إذا كان عنده مال يحج به، أو يجد ما يحج به "[3] وهو أعم من الملك لكن الجمع بينه وبين غيره يقتضي تقييده بالملك وعدم الاجتزاء بمجرد الإباحة

مضافا: إلى أنه لم يظهر الفرق بين الإباحة المالكية والإباحة الشرعية، وليس بناؤهم على الاجتزاء بها في حصول الاستطاعة فلا يجب الاصطياد والاحتطاب وأخذ المعدن ونحو ذلك إذا أمكن المكلف ذلك، لكونه مستطيعا بمجرد الإباحة في التصرف»[4]

وقد افاد بالنسبة الى ما ايّد صاحب العروة مدعاه باخبار البذل:« فإنها وإن كانت مختصة بالبذل لخصوص الحج، لكن يمكن استفادة الحكم منها في المقام بنحو التأييد لكن التأييد لا ينفع في إثبات الدعوى»وافاد السيد الخوئي (قدس سره) ناظراً الى ما حققه السيد الحكيم:فانها ـ الاستطاعة ـ عبارة عن مطلق القدرة على الزاد والراحلة من غير فرق بين حصولها عن طريق الملكية او عن طريق الاباحة من قبل المالك بمقتضى اطلاق الاخبار.وقديقال: بانه لا مجال لهذا الاستدلال بعد ما ورد في جملة من النصوص تفسير الاستطاعة بان يكون له زاد وراحلة مما ظاهره الملك بمقتضى لام التمليك في قوله: «له» فلا تكفي مطلق الاباحة الا ما كان بعنوان البذل للحج بمقتضى النص فلا يمكن التعدي عن مورده.

نعم في صحيح الحلبي: «اذا قدر الرجل على ما يحج به» وفي صحيح معاوية بن عمار: «اذا هو يجد ما يحج به» واطلاقهما يعم الملك والاباحة لكن يلزم التقييد بالاول جمعاً ‌بينهما وبين النصوص المتقدمة عملاً‌ بصناعة الاطلاق والتقييد.

على انه لو تمّ لم يتضح الفرق بين الاباحة المالكية والاباحة الشرعية فيجب الاصطياد او الاحتطاب واخذ المعدن ونحوها من المباحات الشرعية بالاصل للمسير الى الحج وهو كما ترى.اقول: لا مجال لحمل المطلق على المقيد في محل الكلام لما ذكرناه في الاصول من اختصاص الحمل المذكور بمتعلقات الاحكام ولايجري في موضوعاتها.فاذا ورد «اعتق رقبة» وورد في دليل آخر «اعتق رقبة مؤمنة» فلا يمكن التحفظ حينئذ على اطلاق المتعلق وهو العتق مع رعاية الاتصاف بالايمان لما بينهما من كمال التنافي بعد فرض وحدة المطلوب كما هو ظاهر الدليل. فلا محيص رفعاً للتنافي من حمل المطلق على المقيد.

واما في مثل قوله: «لاتشرب الخمر» وقوله: «لاتشرب المسكر» فلا تنافي بين السعة والضيق في موضوعي الدليلين اعني الخمر والمسكر بعد كون الحكم انحلالياً لجواز ثبوت الحرمة لخصوص الخمر وثبوتها لكل مسكر، فلا مقتضى لحمل المطلق على المقيد في ذلك، وتمام الكلام في المباحث الاصولية.

والمقام من هذا القبيل، حيث جعل موضوع الحكم في احد الدليلين ملكية الزاد والراحلة وفي الدليل الاخر مطلق الوجدان او القدرة على ما يحج به ولا تنافي بينهما بوجه ليعالج بالحمل المزبور.واما ما افيد أخيراً من قياس الإباحة المالكية على الإباحة الشرعية فمن غرائب الكلام. ضرورة ان القدرة على الحج في الثاني انما تحصل بعد الاصطياد و التصدي للاستيلاء على المباحث الأصلية. اما قبل ذلك فلا قدرة عليه بوجه والمفروض عدم وجوب تحصيلها، فليس هو بمستطيع فعلاً بالضرورة. وهذا بخلاف الإباحة المالكية، لان المفروض ان المالك قد مكنه من الزاد والراحلة فعلاً واباح له التصرف فيهما كيفما شاء فهو بالفعل واجد لما يحتاج به وجداناً وان لم يكن مالكاً له، فقياس احدهما بالاخر قياس مع الفارق الظاهر جداً.ومن جميع ما ذكرناه يظهر لك:

ان ما صنعه في المتن من تقييد الاباحة بكونها لازمة لوقوعها في ضمن عقد لازم لاوجه له، بل ينسحب الحكم حتى في الاباحة الجائزة بملاك واحد، لانها لاتشذ عن الهبة الجائزة. وقد تقدم ان الملكية المتزلزلة غير مانعة عن الاستطاعة فكذا الاباحة لصدق كونه مستطيعاً بالفعل، الا ان يقع من ناحية الجواز ورجوع المالك في عسر وحرج الرافعين للتكليف او يبتلي بالأهم وهو الدين المزاحم والا فالجواز بمجرده لايكون مانعاً.»[5]

ويمكن ان يقال:ان ما افاده (قدس سره) من عدم كون المورد من موارد التقييد وحمل المطلق على المقيد متين على ما حقق في محله:

مضافاً الى ان اللام في قوله: «بان يكون له زاد وراحلة» انما يكون ظاهراً في الاختصاص، ومن اظهر مصاديقه الملكية، واما الاباحة انما يكون من مصاديقه ايضاً خصوصاً اذا كانت لازمة، والتمكن من الزاد والراحلة كما يتحقق بالملكية كذلك يتحقق بالاباحة.

 


[1] العروة الوثقي- جامعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص392.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحرالعاملی، ج11، ص26، أبواب وجوب الحج وشرائطه، باب6، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحرالعاملی، ج11، ص25، أبواب وجوب الحج وشرائطه، باب6، ط آل البيت.
[4] مستمسك العروة الوثقي-ط بيروت، السيد محسن الطباطبائی الحكيم، ج10، ص116 و 117.
[5] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضي البروجردي، ج1، ص147 و 150.