درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/10/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

الثالثة:

ان ما افاده (قدس سره) من لزوم تقديم الحج على الدين بعد الموت بمقتضى صحيحة بريد العجلي وصحيحة معاوية بن عمار، قد عرفت عدم تمامية دلالتهما على مدعاه (قدس سره).

وحينئذٍ فمع فرض تمامية دلالتهما، فان معنى تسالم الاصحاب على لزوم التوزيع بعد الموت اعراضهم عن مدلول الخبرين.

فلا وجه للاستدلال بهما بعد كونهما في مرآهم ومنظرهم.

و كذا لو تم هذا التسالم لزم رفع اليد عمامر من تقديم الدين بمقتضى اضافة حق الناس فيه على حقه تعالى.

نعم، لو لم يتم هذا التسالم، او لم يكن ذلك اجماعاً بينهم، بالمناقشة فيه باي وجه كان مقتضى التحقيق تقديم الدين دون الحج.

كما انه (قدس سره) قد افاد لو لا الصحيحتين لكان مقتضى القاعدة تقديم الدين لمكان اهميته و لو احتمالاً.

الرابعة:

قد افاد (قدس سره) بان مرجع التوزيع الغاء الحج بالكلية اذا كان نصف التركة غير واف بالحج. حيث انه ربما لا يكون المال بقدر لا يفي نصفه لمصارف حجه، فلا معنى لتوزيع المال فافاد بان التوزيع حينئذٍ لا معنى له ابداً.

وفيه:

ان التزامهم بالتوزيع بعد الموت بعد عدم وفاء ‌التركة بهما معاً انما يتفرع على امكانه ومعنى امكانه، التمكن من الاتيان بالحج عنه بصرف مقدار، ولو كان الاتيان بالحج من اقرب ما يكون مثل استنابة النائب من الميقات وصرف الباقي في الدين.

كما يدل عليه صحيحة ‌معاوية بن عمار فان الرجل مات و عليه خمس مأئة درهم وعليه حجة الاسلام، وترك ثلاثمائة درهم، فافاد الامام (عليه السلام) يحج عنه من اقرب ما يكون و يخرج البقية في الزكاة.

وعليه فلو فرض عدم وفاء ‌تركته بالحج ولو من اقرب الطرق، او لا يبقى مع صرفها فيه ما يصرف في الدين، فلا محالة ينتفي الموضوع للتوزيع، لانه فرع امكانه. وليس النظر فيه الى التوزيع باي وجه وفي اي صورة، حتى يلزم اختصاص مقدار بالحج ولا يمكن الاتيان به بهذا المقدار فيبقى الوجه المزبور من التركة بلا مصرف.

الخامسة:

افاد (قدس سره) بان صاحب العروة التزم بان المديون لو خالف و صرف المال في الحج، فانه لا يجزيه عن حجة ‌الاسلام لعدم كونه مستطيعاً حسب الفرض، و لا حج الصادر عن غير المستطيع لا يجزي عن حجة الاسلام و اما على مسلكه فان يمكن تصحيحه بالخطاب الترتبي، اذا المفروض تمامية الاستطاعة ومعه يجب الحج وكان على ذمته واجبان الحج واداء الدين، واداء الدين أهم، فلو عصاه لصار الخطاب بالحج فعلياً بمقتضى الترتب.

و يمكن ان يقال:

ان في صورة استقرار الحج سابقاً، فانه يتم تصحيح الامر بالحج بالخطاب الترتبي وكفايته عن حجة‌ الاسلام.

واما لو اراد الاتيان بالحج في عام الاستطاعة مع كونه مديوناً فبما انه لا تتحقق الاستطاعة عند صاحب العروة (‌قدس سره) وغيره فلا وجوب للحج ومعه لا امر به حتى في صورة‌ عصيان الاهم فلا يكون موضوعاً للخطاب الترتبي، لانه فرع وجود خطابين مترتبين احدهما اهم، فعصاه واتى بالمهم.

هذا والمختار في المسألة مانعية الدين عن الاستطاعة.

ويستثنى منها ما اذا كانت له القدرة الفعلية على الوفاء بالدين بعد صرف مؤنة الحج.

و كذا ما اذا كان الدين مؤجلاً، وكان له امكان الاداء بان كان واثقاً بحصول ما يفي لتأدية دينه في وقته. نظير ما لو كان له رواتب شهرية وهي توجب تمكنه من اداء ‌دينه اما تماماً واما بعضاً كما في الديون التي كان ادائها بالتقسيط. وكما اذا كان له تجارة‌ او معمل او صنعة يكون ما يتحصل منها وافياً بدينه بعد رجوعه من الحج. وكان واثقاً باستمرار ربح التجارة او المعمل وامثاله. كما كان واثقاً باخذ رواتبه الشهرية.

و وجهه ان العرف انما يرى ذلك مثل المتمكن من القدرة الفعلية وان المديون في هذه الصورة وان لم يكن عنده ما يفي بدينه فعلاً، اي لم يكن في يده ذلك الا ان له اعتبار بمقتضى تجارته او صناعته او شغله كان في متعارف العقلاء كالقدرة الفعلية، ولذلك هو يتمكن من شراء الاجناس الثمينة بمقتضى هذا الاعتبار كما يمكن في عصرنا شراء الاجناس لاصحاب الرواتب الشهرية بالتقسيط. وانه لا يرى البايع ما يدفعه اليه ضايعاً وهالكاً.

ولعل الوثوق بذلك هو مراد صاحب العروة (قدس سره) في التزامه بعدم مانعية الدين اذا كان مؤجلاً وكان المديون واثقاً بادائه في وقته، واما في غير ذلك فالدين مانع عن الاستطاعة.