درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/07/12

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

الجهة الثانية:قد عرفت اختلاف الاعلام في مصاديق ما يلتزمون باستثنائه والظاهر ان الثياب والدار اي دار السكنى والخادم مورد اتفاقهم واما في سائر الموارد كفرس ركوبه او حلي المرأة حتى في كتب العلم على الاطلاق فقد مرّ الاشكال من الدروس في مثل حلي المرأة او توقفه في استثناء أمتعة المنزل والسلاح و آلات الصنائع.كما انه قد مر في كلام صاحب الجواهر (قدس سره) التامل في اطلاق كلام ابن سعيد الحلي من اعتبار غير دار السكنى و الخادم و كذا اطلاق كلام العلامة في التحرير من اطلاق بيع ما عدا المسكن و الخادم. هذا لكن المدار في الاستثناء او في تحقق الاستطاعة ما يحتاج اليه المكلف في معيشته المتعارف له بلا تفاوت بين مصاديقه و الضابطة في تعيين المصداق العرف ومعه فانما يعد من هذه المصاديق زائداً على المسكن والخادم والوسيلة الائقة بحاله للركوب وكتب العلم واثاث البيت بعد نقل اجماع المنتهى على استثناء المسكن والخادم. كما انه يضاف اليه الثياب واثاث البيت مطلقاً، و كتب العلم بلا فرق فيما بين الكتب الدينية و غيرها مما يحتاج اليها المكلف في حرفته ومهنته كالكتب الطبية للطبيب و حلي المرأة. و قرر الضابطة في هذه المصاديق في المدارك جميع ما تدعو الضرورة اليه من ذلك وعلله بانه كان في التكليف ببيعه مع الحاجة الشديدة اليه الحرج المنفي. و هو حسن و مراده جميع موارد الضرورة في معيشته المتعارفة له بحسب حاله و شأنه و زمانه و مكانه و لعل هذا المعيار جاء في بحث الدين و كذا في باب الخمس. و عليه فلا وجه للتفكيك بين هذه المصاديق في الحكم، و التامل في اطلاقه بعد ما تدعو الضرورة اليها، كما انه يعلم ان الاستناد بدليل الحرج بان في بيع هذه الموارد يلزم الحرج المنفي هو عدم جري اسباب معيشته على طبيعته المتعارفة، وكان ذكر الحرج لبيان المعيار في تحقق الاستطاعة كما مر بحثه وان التعبير بالاستثناء غير مذكور في اكثر الكلمات. والحاصل ان من تتحقق له الاستطاعة العرفية هو تمكنه من اسباب المعيشة حسب حاله و أن يكون له زائداً عليه التمكن من الزاد والراحلة، و المعيار فيه انه لا يختل نظام معيشته حتى بعد عوده من السفر و ان ما يباع للحج هو غير هذه الموارد كالاراضي و العقار و كل ما زاد عنها بلا تفكيك بين مواردها.الجهة الثالثة:اذا كان له دار للسكنى، او وسيلة للركوب، او رأس مال للتجارة، و لكن كان زائداً عما يقتضيه شأنه و حاله، بان يكون له دار او سيارة يتمكن من ان يعيش فيما هو ادون منه من غير ان ينافي ذلك شأنه او حاله او كان له رأس مال للتجارة اكثر مما يتقوم به امر معاشه المتعارف له، وكان مقدار الزائد والتفاوت بين الموجود، واللائق بحاله قدر ما يتمكن معه من السفر الى الحج، فهل يجب عليه بيعه للحج والاكتفاء بما دونه؟وبعبارة‌اخرى هل هو مستطيع عرفاً بالتمكن من الزائد ام لا؟و قد مر ما افاده صاحب العروة (قدس سره):

« نعم لو زادت أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحج، وكذا لو استغنى عنها بعد الحاجة كما في حلي المرأة إذا كبرت عنه ونحوه.»[1]

كما مر كلام صاحب الجواهر (قدس سره):

« ولو زادت أعيانها عن قدر الحاجة وجب بيعها قطعا كما في الدروس وغيرها، بل الأقوى وجوب البيع لو غلت وأمكن بيعها وشراء ما يليق به من ذلك بأقل من ثمنها كما صرح به في التذكرة والدروس والمسالك وغيرها، لما عرفت من أن الوجه في استثنائها الحرج ونحوه مما لا يأتي في الفرض، لا النص المخصوص كي يتمسك باطلاقه...»[2]

و صاحب الجواهر (قدس سره) ألحق بصورة زيادة ما عنده عما يليق به، ما لو غلى ما عنده بحيث يتمكن من التبديل بما يليق به و الزيادة التي يتمكن معها من الحج فانه يجب بيعه في المقامين بلا تفاوت.و التزم المحقق الكركي بعدم وجوب الاستبدال اذا كان الموجود لائقاً بحاله و احتمل عدم وجوبه كاشف اللثام و العلامة في التذكرة. و ذكرا في وجهه بانه كالكفارة، و لعدم زيادة العين عن الحاجة.وعدم وجوب الاعتياض و الحرج.و اود عليه صاحب الجواهر (قدس سره)بان جميع ما ذكراه في توجيه الاحتمال كما ترى مع انه قد يفرق بين الكفارة و الحج بان العتق فيها له بدل بخلاف ما هنا.و صاحب العروة ‌فصل البحث بين المقامين و ذكر في هذه المسألة صورة الزيادة العينية في المذكورات عن مقدار الحاجة.فافاد في هذا المقام وجوب بيع الزائد في نفقه الحج و الحق بها صورة الاستغناء عنها بعد الحاجة.و قد بحث في المسألة الاتية – مسألة 12 – صورة الزيادة بحسب القيمة بحيث امكن تبديلها بما يكون اقل قيمة مع كونها لائقاً بحاله، و اختار فيها وجوب التبديل بشروط. و سياتي البحث عنها انفاً.و اما ما بحث فيه هنا و هي صورة الزيادة العينيّة، فنظير ما كان له عدة ‌غنم كالمائة مثلاً و كان مقداره كافياً في تأمين معاشه، فزاد العدد بالاستيلاد و كان الزائد كافياً في مصارف الحج من غير ان يوجد خلل في اسباب معاشه و كذا لو كان له دار كبيرة و كانت مساحتها اكثر من قدر حاجته، او مما يليق بشأنه. و يتمكن من بيعه و شراء ما يليق به و صرف ما زاد عنه في حجه.و الزيادة العينيّة انما تحقق فيما زاد عن حاجته المتعارفة بعينها بحيث يتمكن من التبديل بما يليق له و الزائد المتكفل لمؤونة الحج. و الوجه فيها اختاره صاحب العروة (قدس سره) تحقق الاستطاعة العرفية في المورد، و قد صرح به في بحث الزيادة القيمية. و عليه لزمه بيع الدار وان كان مسكنه، وافاد صاحب الجواهر بانه ليس لنا نص في المقام.يؤخذ باطلاقه و معه حيث كان الوجه للمنع عن بيع السكنى لزوم الحرج عند بيعه و انه مع تبديله في المقام بغيره مما يليق بشأنه، لا يلزم حرج فلا ضرورة في إقناعه.و عليه فيلزم بيعه لعدم لزوم الحرج فيه او لصدق الاستطاعة عرفاً، لان المكلف في الفرض انما يصدق في مورده التمكن من الحج عرفاً.و اما ما قيل في قباله نظير ما افاده المحقق الكركي من عدم وجوب الاستبدال اذا كانت لائقة بحاله، او ما احتمله في كشف اللثام و التذكرة من عدم زيادة العين عن الحاجة، او اصالة عدم وجوب الاعتياض. و جريان ادلة ‌نفي الحرج، او انه كالكفارة.

فافاد صاحب الجواهر (قدس سره) بانها كما ترى و قد ذكر بالنسبة الى خصوص الكفارة بانه قد يفرق بين الكفارة و الحج بان التعتق فيها له بدل بخلاف ما هنا.

و اساس هذا الوجه هو ان في خصال الكفارة فانما يتخير المكلف بين افراد مثل العتق، و الاطعام والصوم، وهذه الخصال مختلفات من حيث القيمة‌ و مع ذلك لا يجب على المكلف الاتيان بالاعلى بل يكفي الاتيان بالادون و في المقام ايضاً كذلك فانه يختار بين السكونة في دار اوسع أو دار اضيق، و كلا هما مشتركان في كونهما لائقتين بحاله و شأنه، فهو مختار بينهما و لا يجب عليه اختيار الاضيق ببيع الاوسع.

فافاد صاحب الجواهر، بان البدلية‌ في الخصال شرعية و انه يختار شرعاً بين الخصال الثلاثة. و اما في المقام فليس لنا بدل شرعي، بل ان له مثلاً دار واسع يتمكن من بيعه و شراء دار أضيق منه مع فرض كونه لائقاً بحاله و لا يقع مع شرائه في مشقة، و اذا استلزم بيع الاوسع تمكن من الزاد و الراحلة للحج بما زاد عن قيمة‌ الاخير يجب عليه ذلك بمقتضى اطلاقات وجوب الحج او لان في ذلك لا يلزم حرج و مشقة عليه كما نبه عليه مثل صاحب العروة.

و ما افاده متين بناء على ان المعيار في الاستطاعة تمكنه من الحج عرفاً، فانه مع واجديته لهذه الاضافة ‌العينية فهو مستطيع عرفاً.

نعم، لو فرض وقوعه في مشقة بالاقامة في الأضيق او وقع في مشقة بجريان بيعه من جهة وجدان من يريد بيعه، او لزوم ضرر في بيعه مثل لزوم بيعه باقل من ثمنه الواقعي. فلا يتحقق في حقه الاستطاعة المذكورة.

و أما سائر الوجوه مثل عدم وجوب الاستبدال، او عدم زيادة العين عن الحاجة او اصالة عدم وجوب اعتياض، فهي كما افاده صاحب العروة لا اساس لها لان المفروض احراز زيادة ‌العين عن الحاجة، و ان الاستبدال و الاعتياض انما كان بمقتضى واجديته للاضافة عما يليق بشأنه بحيث تكفي للسفر و الحج.

و ليعلم ان اساس كلام صاحب العروة في المقام صدق الزيادة على ما عنده من اسباب معاشه مع التحفظ على ما يليق بشأنه و معيشته المتعارفة كما مثل بحلي المرأة ‌اذا كبرت عنه. مع انه لا يتم في جميع الموارد فان مع فرض حاجته بها و امكان اصلاحها بحيث تصير قابلة لاستفادتها فانه لا تصدق هذه الزيادة. كما ان اساس كلامه هنا الزيادة العينية، وسياتي ما افاده في الزيادة القيمية في مسألة 12.قال صاحب العروة:

مسألة 11: لو كان بيده دار موقوفة تكفيه لسكناه وكان عنده دار مملوكة فالظاهر وجوب بيع المملوكة إذا كانت وافية لمصارف الحج أو متممة لها.

وكذا في الكتب المحتاج إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار كفايته، فيجب بيع المملوكة منها، وكذا الحال في سائر المستثنيات إذا ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة، لصدق الاستطاعة حينئذ إذا لم يكن ذلك منافيا لشأنه ولم يكن عليه حرج في ذلك.

نعم لو لم تكن موجودة وأمكنه تحصيلها لم يجب عليه ذلك فلا يجب بيع ما عنده وفي ملكه، والفرق عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة بخلاف الصورة الأولى إلا إذا حصلت بلا سعي منه، أو حصلها مع عدم وجوبه فإنه بعد التحصيل يكون كالحاصل أولا. »[3]

 


[1] العروة الوثقي-جامعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ص369 و 370.
[2] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي الجواهری، ج17، ص253 و 254.
[3] العروة الوثقي-جامعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص369 و 370.