درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/06/29

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

ومثله حاشية من المحقق النائيني (قدس سره) ذيل قول صاحب العروة «نعم لو كان الضرر مجحفاً بماله مضراً بحاله لم يجب» قال:

«اذا لم يكن من ترقي الاسعار و تنزلها، بل كان اقتراحاً من البائع او المشتري الحاضر فعلاً فلا يبعد السقوط.»واجاب السيد الحكيم (قدس سره) عنه بقوله (قدس سره) في مستمسك العروة.

وفي بعض الحواشي على المتن: أنه لا يبعد السقوط إذا كانت زيادة الثمن اقتراحا من البائع أو المشتري، لا لترقي السعر وتنزله وكأنه: لجريان قاعدة الضرر في الأول دون الثاني، ولذلك استدل الأصحاب بقاعدة نفي الضرر على خيار الغبن.

وفيه: ما عرفت من أن أدلة الوجوب على المستطيع لما كانت متضمنة لصرف المال كانت أخص من أدلة نفي الضرر، فتكون مخصصة لها.

وما اشتهر وتحقق: من أن أدلة نفي الضرر حاكمة على الأدلة، فذلك يختص بالأدلة المطلقة التي لها فردان ضرري وغير ضرري، فتحكم عليها وتخرج الفرد الضرري عنها، وليس من ذلك أدلة وجوب الحج على المستطيع.

ودعوى: أنه لا ضرر مالي في شراء الشئ بقيمة مثله، أو استئجار الشئ بأجرة مثله، لأن المال المبذول كان بإزائه ما يساويه بحسب القيمة فلم يرد عليه نقص مالي، فلا ضرر. بخلاف شراء الشئ بأكثر من قيمته فإنه نقص في المالية، فيكون ضررا منفيا.

مندفعة: بأن شراء الشئ بقيمته وصرفه فيما لا يحتاج إليه المكلف، أو تركه حتى يذهب لنفسه ويضيع عليه ضرر عليه، فوجوبه تكليف بالضرر، فيكون منفيا. لولا ما عرفت من أن الدليل على الوجوب أخص، فيجب العمل به.»[1]

واجاب عن الاشكالات المذكورة السيد الخوئي (قدس سره) وافاد:«... فان غلاء الاسعار وترقي القيمة السوقية لما تحتاج اليه من الزاد والراحلة في تلك السنة لا تستوجب السقوط بعد صدق الاستطاعة بمقتضى اطلاق الادلة. وهذا ظاهر.واما لو توقف على بذل المال ازيد من ثمن المثل او اجرته او لو توقف على بيع املاكه باقل من ثمن المثل، فان كان ذلك فاحشاً جداً بحيث بلغ حد الحرج الرافع للتكليف، وهو الذي عبر عنه في المتن بكونه مجحفاً بماله مضراً بحاله، سقط عنه الوجوب حينئذٍ بدليل نفي الحرج بلا كلام واشكال.

واما اذا كان دون هذا الحد بحيث يصدق معه الضرر ولكن زائداً على المقدار الذي تقتضيه طبيعة الحج خارجاً كما هو الفروض، فكان من العوارض المفارقة للحج التي قد تكون ولا تكون، لا اللازمة فالظاهر سقوط الوجوب حينئذٍ ايضاً بدليل نفي الضرر الذي لا قصور في شموله للمقام حسبما عرفت.»[2]

ويمكن ان يقال:ان في الموارد التي يتوقف الاستطاعة والتمكن من الاتيان بالحج على بذل المال ازيد من ثمن المثل او اجرته او توقف على بيع املاكه باقل من ثمن المثل وكان ذلك فاحشا يستلزم بالنسبة الى الشخص فهو رافع للتكليف وعبر عنه صاحب العروة بكونه مجحفاً.وهذا لا كلام فيه وانما الاشكال وقع فيما لم يبلغ الى هذا الحد اي لا يستلزم الحرج ولكنه يستلزم الضررفافاد صاحب العروة بانه لو كان مضراً بحاله وجعله معيارا ًآخر غير كونه مجحفاً بماله فيرفع التكليف به ايضاً.مراده انه لو كان التفاوت على حد يوجب على صاحبه ضراراً غير متعارف بحسب حاله مما لا يحتمل بالنسبة الى مثله فهو ايضاً‌ رافع للتكليف وصرح بان مطلق الضرر اي مطلق التفاوت والنقص في المال لا يوجب ذلك وهذا يشعر بانه كما ان الحرج ولزوم المشقة يختلف بحسب الاشخاص فربما كان التفاوت يستلزم الحرج بالنسبة الى حد غير موجب لها بالنسبة الى الاخر كذلك الكلام في الضرر فانه ربما كان التفاوت في بذل المال او اخذ ثمن الاملاك كثيراً ولكنه لايصدق في مورده ضرراً لايتحمل بالنسبة الى خصوص الشخص بل قابلا للتحمل ففي مثله تصدق الاستطاعة عند صاحب العروة وان ادلة لاضرر لاتكون حاكمة على ادلة وجوب الحج في مثله لعدم كون التفاوت مضراً بحاله اي بخصوص الشخص بان يكون قابلاً لتحمله.

ولذا نرى في حاشية السيد البروجردي (قدس سره) في المقام ايضاً كحاشيته على المسألة السابقة «بحيث لا يكون عرفاً باعتبار توقف حجه على ذلك ممن لايستطيع اليه سبيلاً» حيث رد الامر الى صدق الاستطاعة غير العرفية المتفاوتة بحسب حال الافراد وشؤونهم فربما يرون العرف شخصاً مستطيعاً مع ان تمكنه من الحج يتوقف على بذل المال باكثر من ثمن المثل او اخذ باقل منه في بيع املاكه وليس ذلك الا من جهة انهم لا يرون هذا التفاوت موثراً في احواله وانه غير قابل للتحمل بالنسبة اليه.

فهذه الحاشية في الحقيقة بيان لمراد صاحب العروة (قدس سره) في المقام. ومنه يعلم عدم تمامية ما اورد على صاحب العروة بالخلط بين الحرج والضرر وانه جعل المعيار في رفع التكليف لزوم الحرج فقط دون الضرر.

واما افاده السيد الخوئي(قدس سره) بانه لو كان الضرر المذكور زائداً على المقدار الذي تقتضيه طبيعة الحج خارجاً، ففيه نحو اجمال، لان المقدار المذكور ايضاً يختلف بالنسبة الى الاشخاص المختلفة من جهة قدرتهم وتمكنهم ولا يمكن فيه تصوير امر متوسط يشترك فيه الجميع ولذا لا يكون بيانه مغنياً عن تقييد الضرر بما افاده صاحب العروة من اضافته الى حال الشخص بقوله (قدس سره): «مضراً بحاله».

واما ما يظهر من حاشية المحقق النائيني (قدس سره): «من اختصاص رفع التكليف بلزوم الضرر من ناحية اقتراح البايع او المشتري دون ترقي الاسعار وتنزلها.»

فانه وان كان تصوير الضرر في موارد ترقي الاسعار اخف عرفاً الا ان في مثله ايضاً لو استلزم الحرج او الضرر مما يتحمل بالنسبة اليه لرفع التكليف لعدم صدق الاستطاعة العرفية مثل موارد الاقتراح بلا فرق فلا يصلح لان يكون فارقاً في المقام.

فما افاده صاحب العروة (قدس سره) خصوصاً مع تبيين السيد البروجردي في حاشيته وما مر منا من ان المناط في التكليف الاستطاعة العرفية، والعناية بانها نسبية تختلف بحسب الاحوال والاشخاص متين لا يرد عليه الاشكالات المذكورة.

 


[1] مستمسك العروة الوثقي-ط بيروت، السيد محسن الطباطبايي الحكيم، ج10، ص80 و 81.
[2] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضي البروجردي، ج1، ص100 و 101.